الخرطوم فى 10-7 -2012م /سونا/ إن ظاهرة غياب الكفاءات السودانية عن الوطن رغم كل ما اكتسبوه من خبرات يمثل عائقاً رئيسياً للتنمية ، فالأمل لا يزال معقودا عليهم من أجل رفع المستوى في كافة المجالات التعليمية والصحية والخدمية و في تحسين نظام الإدارة العامة، وإصلاح القطاع العام، وهي جميعها عناصر أساسية في ظل الجهود الرامية إلى التنمية ، لأنهم الأكثر إدراكا لمتطلباتها ووسائلها، بحكم تجاربهم في بلاد الاغتراب ، فالمغترب كما قال الطيب صالح" ليس له عمران واحد في الخارج والثاني في الداخل " وبما أنهم أفضل الخبراء في أعمال التنمية برفع كفاءتهم يحتم عليهم ذلك غرسها فى تربة وطنهم ليتكامل دور المغتربين مع دور المقيمين من اجل ان نتحول الى مجتمع منتج يحتل مكانه اللائق بين المجتمعات المتطورة ، خصوصا وإننا محاصرين من دول تحاول ان تضعف كل قدراتنا بما فيها قدرتنا على حسن ادارة مواردنا البشرية . هذا الأمر يتطلب منا وضع خطة عمل للربط بين (الهجرة والتنمية البشرية في السودان) ليتكامل دور المهاجرين مع المقيمين.وتعتبر هذه الدراسة خطوة أولى نحو وضع استرلتيجية لربط الهجرة بالتنمية البشرية ، بمعنى أنه كيف يمكن الاستفادة من الكفاءات السودانية المهاجرة في تنمية الموارد البشرية بالداخل بمختلف تخصصاتهم العلمية والطبية والثقافية والاحتماعية ما بين الفني والاخصائي والتاجر إلى العلماء من حملة الشهادات العليا وغيرهم . وهجرة العقول والكفاءات المتميزة ظاهرة عالمية وليست مقصورة على السودانيين فقط فأهل الكفاءات من جميع الدول النامية يهاجرون إلى دول الخليج العربية والدول الصناعية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا و الولاياتالمتحدةالامريكية لمحاربة الفقر، الذي يهدد الملايين حول العالم، إلا أنه خلال الخمسة والعشرين عاماً الماضية أكثر من 400 مليون نسمة، ثلثهم في منطقة جنوبي شرق آسيا، خرجوا من دائرة الفقر لخطواتها الجادة نحو تنمية مواردها باستقطاب ابنائها من دول المهجر، و دخل نحو 600 مليون نسمة رغماً عنهم لدائرة الفقر في القارة الأفريقية . فان الدول الجاذبة تقدم لكل متميز مبدع كثير من العروض المغرية والتي تتمثل فىالمال والجاه وكثير من المميزات مما يشجعه على مزيد من البذل والعطاء فى مجال العمل والبحث والتطوير . وبعضا من ملكة العقل والخبرات المتميزة يدفعهم إلى الهجرة طموح عملي وعلمي لا يحققونه في المواقع التي يتواجدون فيها حتى وان احترم وقدم على غيره ، لذلك تجدهم يذهبون إلى حيث يمكن إشباع روح التطوير أو المشاركة الفاعلة في الرأي والخبرة أو الحصول على الدعم المادي والمعنوي وإلى حيث يستجاب لطلباتهم مهما كلفت ما دامت سوف تؤدي إلى نتيجة تفيد الممول وتحفظ حقوقهم والمؤسسات التي يعملون فيها. بعضا منهم يكون قد ذهب لتلقي العلم هناك كطالب وبعد تخرجه بتميز يجد فرص العمل متاحة أمامه فيقرر بعضهم انه سوف يبقي هناك لفترة معينة ويعود إلى وطنه ولكن في الغالب يطول به المقام خصوصاً اذا حافظ على تميزه مما يجعله يتدرج في مجاله فيصعب عليه التفريط بما حققه من انجاز حيث تتوفر فرص العمل وإرضاء الطموح. إن هجرة الخبراء هي باختصار خراب الداخل وإعمار الخارج ولقد أصبحت ظاهرة هجرة الخبرات السودانية الى الخارج تشكل هاجساً مخيفاً ، وتكتسب هذه الظاهرة أهمية متزايدة في ظل تزايد أعداد الخبرات والكفاءات المهاجرة. وتتمثل أهم الآثار السلبية في حرمان الدولة من الاستفادة من خبرات ومؤهلات هذه الكفاءات في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية .فقد شملت خبرات ذات تخصصات استراتيجية نادرة ودقيقة، مثل الجراحات الدقيقة، الطب النووي والعلاج بالاشعاع والهندسة الالكترونية والميكرو الكترونية، والهندسة النووية، علوم الليزر، تكنولوجيا الانسجة والفيزياء النووية وعلوم الفضاء والميكروبيولوجيا والهندسة الوراثية. وحتى في العلوم الإنسانية كاقتصاديات السوق والعلاقات الدولية، لدينا علماء متخصصون في الخارج. ان توطين التقنية ونقل المعرفة من الدول المتقدمة صناعيا مثل أمريكاواليابان وجنوب شرق آسيا وأوروبا يحتاج إلى قناة اتصال اساسها العنصر البشري لذلك فإن وجود عقول سودانية ذات خبرات وكفاءات متميزة في الدول المتقدمة يساعد في الإسراع في عملية النقل وخير شاهد على مثل هذا التوجه استفادة كل من الهند من علمائها المهاجرين وكذلك الصين وفي نفس الوقت لا ننسى تجربة اليابان ، هذا يعني ان وجود العقول والخبرات السودانية المهاجرة يعتبر عنصر شراكة بين الدول المستقطبة و السودان حيث انها زرعت في السودان ثم اتت اكلها في الدول الأخرى.وعليه لابد من إنشاء شبكة للعلماء والتكنولوجيين السودانيين في الخارج للتعريف والكشف عن مواقع الكفاءات في الدول الأخرى ورصد إسهاماتها في مسيرة التقدم العلمي الحديث وذلك كخطوة أولى لاعداد دليل متكامل عنهم لكي توضع لمثل تلك الحقائق في متناول اصحاب القرار السياسي والاكاديمي والصناعي والاقتصادي في السودان . لقد شرع جهاز المغتربين بإنشاء برنامج الشراكة السودانية لنقل المعرفة عبر السودانيين العاملين بالخارج - اسباكتين SPaKTEN و لابد من تكامل الجهود بين كافة المؤسسات المعول عليها في نقل الخبرة والمعرفة العلمية والتكنولوجية وتوطينها بتبني نظام تعليمي تدريبي بمشاركة الخبرات والكفاءات المهاجرة وشحذ روح الحس الوطني لديهم ، وذلك يتمثل فى تشجيعهم بإقامة تجمعات واتحادات وأندية تجمعهم وتتيح لهم فرص التعرف على بعضهم البعض لتمكن المتخصصين في الوطن الاتصال بهم والتعاون معهم كل في مجال تخصصه .