بدأت كرة القدم تدخل في السودان منذ اواخر القرن التاسع عشر الميلادى فى زمن الاحتلال البريطاني عام 1870 حيث تكونت عدة فرق مثل فريق الجيش البريطاني وفريق الجيش التركي وفريق شركة الري المصري وفريق المنتخب السوداني الذى كان يحظى بالجماهيرية الكبرى في البلاد. واستمرت كرة القدم على هذا الحال الى ان كون قائد الاحتلال و قائد الجيش سير لي استاك نادي استاك في مدينة بحري وبعد الاستقلال تحول اسم النادي الى نادي التحرير بحري وهو اول من فاز ببطولة الدوري في السودان عام 1951. ويعد هذا التصرف اول تدخل مباشر للسياسة ايا كان تصنيفها فى الشأن الرياضى السودانى ولا نملك غير ان نقول احقاقا للحق انه تدخل ايجابى يصب فى مصلحة المستديرة. ثم تأسس الاتحاد السوداني عام 1936م وفى حقبتى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ازدهرت الكرة السودانية خاصة فى عهد الرئيس الاسبق ابراهيم عبود ( 64 - 1964م) حينما كان اللواء طلعت فريد يتولى امر الرياضة والثقافة والفنون والمسرح وكان التدخل الثانى فى الشأن الرياضى وكان ايجابيا ايضا حيث اسهم فى ايجاد بنيات اساسية للاستادات الرياضية وتسهيل التواصل الرياضى مع العالم الخارجى فى البعثات الفنية والرياضة. وفى حقبتى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى وفى عهد الرئيس جعفر نميرى ازدهرت الكرة السودانية على صعيد المنتخبات والاندية حينما استطاع المنتخب السودانى فى عام 1970م ان يحرز بطولة امم افريقيا حينما تغلب على المنتخب الغاني بنتيجة 1-0 وكانت البطولة تضم ثمانية فرق وشهدت اول نقل تلفزيوني مباشر، كما تأهل المنتخب السوداني عام 1972 الى نهائيات اولمبياد المانيا واستطاع ان يتأهل الى نهائيات امم افريقيا اعوام 72 و74 و1976م. وشهدت هذه الحقبة السياسية ايضا تدخلات ايجابية وسلبية فى الشأن الرياضى حينما خصص (كأس الذهب) الاول والثانى ولاول مرة فى تاريخ كرة القدم السودانية، وحاول الرئيس الاسبق نميرى تمليك (المريخ) هذين الذهبيين لميله الظاهر للفريق الا ان فريق الهلال استطاع الفوز بالكأسين وبالكأس الثالثة (الثورة الصحية) عام 1975م. ويذكر التاريخ ان الرئيس النميري أعلن بعد المباراة مباشرة قرار الرياضة الجماهيرية وبرر ذلك ان تكون الرياضة لصالح الجمهور دون قيود ( لا هلال ولا مريخ ولا مريخ ولا تحرير ) الا انه كان تدخلا سلبيا انعكس على كرة القدم يومذاك. وفى حقبة الثمانينيات وعلى صعيد الاندية استطاع الهلال الوصول لنهائي دوري ابطال افريقيا عام 1987م ويعد الفريق الوحيد من السودان وشرق ووسط افريقيا الذي تأهل الى نهائي دوري الابطال الافريقي كما استطاع المريخ الفوز بكاس الكؤؤس عام 1989م وكان الفريق السوداني الوحيد الحائز على بطولة خارجية في تلك الحقبة. أما فى حقبة التسعينيات وبعد ان جاءت الانقاذ حدث التدخل الخامس حينما تقرر ان يلعب فريقا القمة السودانية الهلال والمريخ على (درع الانقاذ) سنويا على شرف الاحتفال بعيد ثورة الانقاذ وكان ايضا تدخلا ايجابيا من مؤسسة الدولة فى الشأن الرياضى. وفى الفترة القريبة الماضية نشبت ازمة بين كابتن فريق الهلال ورئيس النادى تطورت الى درجة الايقاف والمطالبة بالمثول امام لجنة تحقيق وكادت ان تتسبب فى صراع اكبر والهلال يخوض اهم مباراياته فى الفيدرالية الا ان التدخل السادس الذى قامت به مؤسسة الرئاسة لرأب الصدع فى نادى الهلال يؤكد ان الرئاسة مثلما تولى الاستقرار السياسى والاقتصادى والامنى والاجتماعى اهتماما كبيرا كذلك شأنها مع الاستقرار الرياضى. ونخلص من كل ذلك الى انه حينما تدخلت مؤسسة الدولة فى الشأن الرياضى فى مختلف الحقب الماضيات تباين التدخل بين الايجابى والسلبى الا ان الجانب الايجابي للتدخلات السياسية فى امر الرياضة فى السودان كان أكبر. ع س