صار الحصول على الماء العذب في بعض المناطق أمرا بالغ المنال. وتشير تقديرات دولية إلى أن 1ر1 مليار نسمة في كوكبنا يعيشون في فقر مائي شديد خاصة مع بروز ظاهرة الاحتباس الحراري التي دفعت الإنسان إلى اللجوء إلى "الاستمطار الصناعي" أو "الكيميتريل" بعد جفاف مياه الأنهار والبحيرات في عدد من دول العالم. والاستمطار الصناعي هو عملية إسقاط المطر من السحب بطريقة علمية تجرى على السحب المتكونة في الجو ويسمى أيضا " تطعيم السحب" وتستخدم هذه الطريقة لزيادة كمية المياه بمنطقة معينة أو لتوفير المياه للري أو لتوليد الطاقة الكهربائية من المحطات الكهرومائية وتستخدم أيضا لمنع سقوط الأمطار الغزيرة في المناطق الزراعية خوفا من تلف المحاصيل. ودفعت قلة هطول الأمطار وتواتر فترات طويلة من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وارتفاع نسبة البخر وما ترافق معها من زيادة رقعة التصحر وتراجع الغطاء النباتي والتي أصبحت إحدى المشاكل العالمية العديد من الدول إلى اللجوء إلى هذه العملية. وخلال السنوات الأخيرة لجأت العديد من الدول إلى "الاستمطار الصناعي" أملا في أن تساعد في حل أزمة المياه اللازمة للشرب والزراعة حيث يخصص العالم نسبة 60 بالمائة من الاستخدام العالمي للمياه لأغراض زراعية فيما أن تتزايد الأزمة بصورة لافتة خلال الأعوام القادمة مع أنباء تتحدث عن شح المياه. ويثور جدل حول عملية "الاستمطار الصناعي" ما بين مؤيد ومعارض حيث يرى المؤيديون أنها تهدف إلى توفير المياه ولا تضر بالبيئة فيما يرى المعارضون أن استخدام مواد كيماوية في عمليات الاستمطار مثل "يود الفضة" يضر بالبيئة وأن ضررها أكبر من نفعها. وتعود فكرة عملية "الاستمطار الصناعي" إلى العالم الألماني "فنديس" عام 1938م حينما رأى إمكانية مساهمة نويات الثلج المضافة للسحب في تحفيز الأمطار على السقوط ولم تطبق هذه الطريقة من الناحية العملية إلا بعد ثماني سنوات من ملاحظة "فنديس" عندما أجرى العالم الأمريكي "شيفر" أول تجربة حقلية للمطر عن طريق رش واحد كيلو جرام من الثلج المجروش عند درجة حرارة 20 مئوية في سحب مارة فبدأ المطر والثلج في الهطول. ومع تجرية "شيفر".. بدأ الاهتمام بطرق استمطار السحب فأصبحت هناك أكثر من طريقة لاستمطار المطر منها رش السحب الركامية المارة برذاذ الماء بواسطة الطائرات للمساعدة على تشبع الهواء وسرعة تكثف بخار الماء لإسقاط المطر إلا أن هذه الطريقة لم تكن عملية لأنها تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء. إلا أن هذا المشروع بدأ فعليا منذ عام 1991 عندما نشر عالمان أمريكيان من أصل صيني هما "ديفيد شانج" و"آي فو شي" تقريرا تحت اسم "زرع الاستراتوسفير بجزيئات ويلزباخ لتقليل الاحتباس الحراري" وحصلا على براءة اختراع وبعدها أعلنت الحكومة الأمريكية أنها سوف تقوم بحل مشكلة "الاحتباس الحراري" علي مستوي العالم علي نفقتها رغم عدم توقيعها علي الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة هذه المشكلة. وقد أطلقت الحكومة الأمريكية في سبيل ذلك مشروعا عملاقا بدأ منذ عام 2000 تحت اسم "مشروع الدرع" ومدة تنفيذه 50 عاما. وتطور الأمر خلال سنوات النصف الثاني من القرن الماضي حيث تم استخدام تقنيات جديدة من خلال استخدام طائرات خاصة تتمكن من التسلق إلى قمم السحب مجهزة بوسائل إطلاق للمساحيق والمركبات المحفزة للسحب إضافة إلى نظام جمع تحليل المعلومات التي يتم جمعها من أجهزة القياس المركبة على طائرات الاستمطار ومحطات الرادارات الأرضية إلا أن العلماء يؤكدون أن عمليات "الاستمطار الصناعي" تحتاج إلى المزيد من الجهد والدراسات الدقيقة للوصول إلى النتائج المرجوة. وفي مارس الماضي نجحت القوات الجوية الصينية في حفز الاستمطار الصناعى مرتين فى مناطق بيجي وتسونيى وتونغرون بمقاطعة قويتشو التى تعانى من الجفاف الشديد. وذكرت هيئة الارصاد الجوية المحلية أن أمطارا هطلت فى هذه المناطق بعد استخدام طائرات قوات الجوية الصينية للاستمطار الصناعى لمواجهة موجة الجفاف الشديد . وهناك ثلاث طرق للاستمطار: منها أنه عندما يكون بخار الماء في السحب بلورات ثلجية أو قطرات ماء ضخمة وثقيلة بالقدر الكافي للسقوط على الأرض يمكن في بعض الحالات زيادة احتمال سقوط المطر بإضافة مواد تعرف ب "عوامل التطعيم" إلى السحب. وتعمل عملية التكوين هذه بصورة أفضل في السحب التي يكون احتمال سقوط الأمطار منها كبيرا وتعتمد المادة المستخدمة في عملية التطعيم على درجة حرارة السحب. والطريقة الثانية.. عند درجات حرارة أعلى من الصفر المئوي حيث أن عامل التطعيم الرئيس المستخدم سائل مكون من نترات الأمونيوم و اليوريا إذ تسبب جسيمات هذا العامل في تكون بخار الماء حوله ويرش عامل تطعيم السحب من الطائرات على أسفل السحابة. أما الطريقة الثالثة فعندما عندما تتكون بلورات الثلج.. حيث تسقط في اتجاه الأرض في صورة كتل جليدية رقيقة وعندما تدخل منطقة تكون درجة حرارتها فوق درجة الصفر تنصهر مكونة المطر. كما أن هناك طريقة أخرى فعندما تبلغ درجة حرارة الجليد الجاف وهو غاز ثاني أكسيد الكربون حوالي 80 درجة مئوية تحت الصفر وتقوم كرات الثلج الجاف عند إسقاطها على السحب من الطائرة بخفض درجة حرارة الماء فائق البرودة وعندما تنخفض درجة الحرارة يتحول الماء إلى بلورات من الثلج وتشبه بلورات يوديد الفضة بلورات الثلج وهي التي تؤدي بالماء فائق البرودة إلى تكوين بلورات الثلج حولها. وتستخدم أجهزة تسمى "الشعلات والمولدات" لإنتاج وتوزيع بخار يحتوي على بلورات يوديد الفضة ويكون هذا البخار بحرق يوديد الفضة مع مواد أخرى ويتم توزيع البخار عن طريق الطائرة كما يمكن استخدام المولدات أيضا لتوزيعه على الأرض . وقد تسببت عملية "تطعيم السحب" في كثير من الخلافات والمناقشات فالعلماء لم يكونوا قادرين على إثبات تأثيرها العملي في كل الحالات ويضاف إلى ذلك اعتقاد بعض الناس بأن زيادة سقوط المطر في مناطق معينة " قد يؤدي إلى نقصه في مناطق أخرى". ن ف