الاحتفال بمولد رسولنا الكريم سيدنا محمد يعنى الاجتماع لسماع سيرته والصلاة والسلام عليه وسماع المدائح التي تُقال في حقه، وإطعام الطعام وإدخال السرور على قلوب الأمة لانه لا يفرح بمولد النبى إلا مؤمن!ويعتبر الفاطميون أول من ابتدع فكرة الاحتفال بذكرى المولد النبوي من تلقاء أنفسهم، وكانوا يحتشدون لذلك احتشاداً شعبياً ذا روعة وجلال، حينما آلت الخلافة الفاطمية إلى الآمر بأحكام الله في سنة (495ه/1102م)، اما هنا فى السودان فتشهد لنا الامة الاسلامية والعربية اننا اكثر الذين يحبون المصطفى صلى الله عليه وسلم ولايدانينا اخر فى ذلك . يقول الاستاذ محمد الحسن (ممثل الطريقة الاحمدية ) يعود تاريخ الاحتفال بالمولد النبوى الشريف بميدان جامع الخليفة بامدرمان الى مطلع القرن العشرين تقريبا 1910م حيث اشتركت فيه سبعة طرق صوفية هى الختمية والانصارية والاسماعيلية والكباشية والاحمدية والقادرية بجانب عمدة امدرمان فى ذلك الزمن . وتوالت من بعد ذلك التاريخ مشاركات الطرق الاخرى او فروع الطرق الاولى وعلى سبيل المثال سرادق الشيوخ الدسوقى السمانى والجعلى وحمدالنيل وقريب الله وسيد الكنزى والبيومى ومحمد ميطى والبرعى والسادة الادارسة والبرهانية الدسوقية الشاذلية والتسعينية والعزائمية والمكاشفية . كذلك تحتفل مدينة الخرطوم والخرطوم بحرى فى ميدانين شهيرين بالمولد كما تحتفل سائر المدن السودانية عواصمالولايات بالمولد فى ساحات معروفة (ميدان المولد) كما درج على تسميته . يستقبل عادة بداية الاحتفالات بالمولد النبوى الشريف ب (الزفة) وهى مسيرة شعبية اصبحت من مظاهر امدرمان التراثية عند كل عام ويشترك فيها ممثلون عن الحرفيين (نجارة حدادة مكانيكا كهرباء سواقة الخ) وممثلون لكافة الطرق الصوفية يحملون اعلامهم وتتقدمهم موسيقى ويطوفون بالشوارع الرئيسة السوق والعرضة والاربعين حتى يصلوا ميدان جامع الخليفة ويكون بذلك ايئذانا ببداية الاحتفال بالمولد والذى يستمر احد عشر يوما من بداية شهر ربيع الاول وحتى الحادى عشر منه . احد عشر يوما يحتفل خلالها الناس بالمناسبة العظيمة وتتخذ اشكالا مختلفة تتمثل فى الاناشيد الدينية و(مدائح) نبوية تصف الحبيب المصطفى اضافة الى اذكار ووعظ وارشاد كله يتحدث عن تاريخ الميلاد النبوى وقصة الرسالة المحمدية . وكل سرادق وخيمة تتميز بلون معين او رأية مميزة لهذه الطريقة الصوفيه او تلك وهناك اماكن لبيع حلوى المولد المتنوعة كانت سابقا داخل ميدان المولد وبعد تكاثف مشاركات فروع الطرق الصوفية تم اخراج هذه المحلات الى خارج الميدان الذى سورته تماما من كل الاتجاهات مما اضاف شكلا جديدا لميدان المولد . اليوم الاخير للمولد الحادى عشر من ربيع اول يمثل (يوم الختمة) يستمر حتى الصباح الباكر وله مذاق خاص ونكهة معينة وطعم يتذوقه اهل الطرق الصوفية وكل الاجيال الماضية باعتباره يوم يلتقى فيه الاهل والمعارف والاصدقاء فى باحة ميدان المولد ويجلسون فى (بروش) سرادق الطرق الصوفية والتى اصبحت اليوم (كراسى) يتبادلون التحايا او الحديث السامر . من المظاهر المصاحبة للاحتفالات بالمولد (حلاوة المولد) ولقد درج مصنع السر محمد على المغربى بحى الموردة لصناعة حلاوة المولد فى ممارسة هذه الصناعة منذ اكثر من اربعة عقود بجانب صنع الباسطة والحلويات الاخرى . يقول احمد الطاهر المشرف الفنى على المصنع انهم ينتجون اربعة اشكال من حلوى المولد وهى سمسميات وفوليات ثم لكوم ثم جوز الهند سادة وملون وعرائس المولد للبنات والاولاد. ويضيف الطاهر بأن المواد المستخدمة فى هذه الصناعة عبارة عن سمسم وفول وكبكبى وسكر ونشأ اما الادوات المستخمة فى العمل فهى بابور لتبيض السكر ومقلى يوضع فيه السمسم والفول وكيكيى وقوالب للعرائس وخلاط كبير. تمر عملية اعداد الحلوى بخمسة مراحل يقول الاسطى المخضرم خميس حماد عبيد انه مارس هذه المهنة خمسين عاما وهى تحضير المواد ثم تنظيفها جيدا ووضعها فى المقلى (اناء كبير مثل الحلة) وبعد نضجه يصب فى شكل شرائح ويقطع ويوضع فى طاولات حتى ينشف واخيرا يتم تعبئته. يقوم المصنع بتلبية طلبات المؤسسات والشركات داخل الخرطوموالولايات كما يلبى طلبات تجار الجملة والقطاعى والافراد وله مكان بالمولد لبيع انتاجه . اخيرا عليك صلاة الله ثم سلامه الا يا رسول الله انى مغرم وسمح الوصوفو يا رب نشوفو .