أعلن الرئيس عمر البشير نهار امس الاثنين في مستهل دورة جديدة للبرلمان إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين تمهيدا للحوار الوطني الذي دعت له الحكومة. وقال البشير (إن الشعب السوداني كله يتطلع إلى المرحلة القادمة التي ابتدرناها بالدعوة لحوار جامع يؤكد القواسم المشتركة الرابطة بين أبناء الوطن ويقدم المصلحة الوطنية على أية اعتبارات أخرى) مضيفا أن "الحوار الوطني سيسهم في تحقيق معالجة كلية للقضايا ترضي عامة أهل السودان وتحفظ أمنه واستقراره لأجل التوافق والتراضي الوطني الشامل حول دستور جديد للبلاد". وتابع أن "استجابة القوى السياسية لمبادرته لجمع الصف الوطني جاءت موجبة ومشجعة"، مؤكدا "مضيه في الاتصالات مع القوى السياسية والاجتماعية كافة دون عزل أو استثناء لأحد بما في ذلك المجموعات التي تحمل السلاح في أجواء تكفل الحريات والتعبير". ومساء امس ايضا أفرجت السلطات عن ستة معتقلين من قادة تحالف "قوى الإجماع الوطني" المعارض, وذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس عمر البشير أن الحكومة ستطلق جميع المعتقلين السياسيين لتهيئة المناخ الملائم لحوار وطني شامل. وقال المعارضون الستة المفرج عنهم حال خروجهم من السجن إنهم سيواصلون العمل من أجل ما وصفوه بتحقيق الديمقراطية في البلاد. وكان المفرج عنهم قد اعتقلوا بعد توقيعهم في في ديسمبر الماضي بالعاصمة الأوغندية كمبالا على ميثاق بين معارضة الداخل وحركات مسلحة. ورحب معارضون بقرار البشير الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين باعتباره خطوة إيجابية، لكن بعضهم رهن إحراز تقدم نحو المصالحة وإنهاء الصراعات بشروط منها ضمان حرية التعبير والاجتماع لكل القوى السياسية في البلاد.وقالت إن عدد المعتقلين السياسيين في البلاد يفوق التسعين في العاصمة والولايات, ينتمون إلى تحالف المعارضة والحركة الشعبية-قطاع الشمال. يجىء الاعلان وتنفيذ بعضه امس الاثنين بعد دعوة النائب الأول علي عثمان محمد طه القوى السياسية المعارضة بمن فيهم المتمردون في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق إلى المشاركة في صياغة دستور السودان الجديد. رسميا ثمن الدكتور غازي صلاح الدين رئيس الكتلة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني بالهيئة التشريعية القومية وقال إنه شجاع وجاء في توقيت صحيح كما أنه يهيء المناخ للحوار الوطني المنشود وبسط الحريات وينبغي أن يكافأ بالتلقي الايجابي من قبل الأطراف الأخرى في الساحة السياسية مضيفا إن الوحدة الوطنية شرط ضروري لحل مشاكل السودان وتحتاج إلى تضافر الجهود لكنها ليست مسؤولية الحكومة وحدها.وأشار إلى أن الخطوة التالية ينبغي أن تكون اختبار الإرادة السياسية بتحديد الخطوات المطلوبة من كل الأطراف لوضع هدف الوحدة الوطنية موضع التنفيذ معبراً عن ثقته من أن الجهاز التشريعي سيدعم هذا التوجه. رحبت قوى المعارضة السودانية الا انها اشترطت إلغاء القوانين المقيدة للحريات ورفع حالة الطوارئ في بعض الولايات السودانية ورفع القيود على العمل الصحفي والحزبي من أجل حوار حقيقي وبناء كما دعت إلى خطوات فعلية تضمن لأي جهد توافقي مساره الطبيعي. وتحفظت بعض قوى المعارضة التى ترى ان هناك "مواقف متأرجحة لنظام الحكم"، من ناحيته، رأى حزب المؤتمر الشعبي المعارض أن إطلاق سراح المعتقلين هو خطوة واحدة من خطوات عدة يجب على الحكومة اتخاذها. وقال الأمين السياسي للحزب كمال عمر عبد السلام إن البلاد "تفتقد للحريات العامة التي ينص عليها الدستور"، داعيا إلى إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات "وعلى رأسها قانون الأمن الوطني". أما رئيس حزب البعث العربي محمد علي جادين فقد أبدى ترحيبه بقرار إطلاق المعتقلين السياسيين، لكنه تساءل عن مدى جدية الحكومة في تنفيذه. وقال فاروق أبوعيسى الذي يرأس تحالف الأحزاب المعارضة الذي يضم حوالي عشرين حزباً "إنها خطوة نحو حوار حقيقي". من جانبه وصف رئيس المنظمة السودانية للحريات فاروق محمد إبراهيم إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، بقوله "هذا خبر جيد جداً". وفي السياق أبدى رئيس الحركة الشعبية (شمال) مالك عقار ترحيباً حذراً ووصف مساعد الأمين العام للمؤتمر الشعبي علي الحاج محمد إطلاق سراح المعتقلين بالخطوة الصحيحة في الاتجاه السليم، وقال "على البشير أن يمضي قدماً في هذا الاتجاه والحوار يجب أن يكون سياسي ومفتوح لكل الأجندة الخاصة بما تبقى من أجزاء السودان". وفي سياق متصل رأى الأمين العام لمجلس أحزاب الوحدة الوطنية عبود جابر سعيد أن المبادرات التي طرحها الرئيس البشير فتحت صفحة جديدة لتلاقي أبناء الوطن لصالح مستقبل السودان. من جانبه قال الأستاذ فتحي نوري مسؤول الاتصال بحزب البعث العربي الاشتراكي وعضو الهيئة العامة للتجمع المعارض "نحن مع الحوار في ظل مناخ إيجابي من أجل الوصول إلى مخرج حقيقي لقضايا السودان". وأشار إلى أن حزبه يرحب بدعوة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير للقوى السياسية للحوار وتحديد آلياته. اخيرا الإفراج شمل د.يوسف الكوده وعبد العزيز خالد وبروفسير محمد زين العابدين وهشام المفتي وحاتم علي ود. عبد الرحيم عبد الله وإنتصار العقلي.