النزاعات هي الافعال الظاهرة التي تعبر عن العدوان سواءا كان ذلك على المستوى الفردي أو الجماعي ، ويكون النزاع من بين ردود الافعال الدفاعية في مواقف الإحباط وتعرف دائرة معارف علم النفس النزاعات المسلحة بأنها إستجابة إنفعالية ينتج عنها سلوك تدميري موجه إلي بيئة الفرد مثل التخريب والإيذاء البدني للغير. تاريخ النزاعات قديم قدم العالم نفسه ، حيث يذكر القرآن نزاع ابني سيدنا آدم عليه السلام قابيل وهابيل واختلافهما مع بعضهما مما أدي إلي أن يقتل قابيل أخاه هابيل وكذلك نجد في الإمبراطوريات القديمة مثل الإمبراطورية الرومانية والفارسية قد قامت بينهما نزاعات وحروب طويلة قللت من قوتهما حيث أنهما القوتان الوحيدتان قبل ظهور الإسلام في الجزيرة العربية ، أيضاً يحكي التاريخ أنه قامت حرب ضروس بين قبيلتي الأوس والخزرج أو ما يسمي بحرب داحس والغبراء والتي استمرت لمدة اربعين عاماً وكان السبب فيها سباق خيل . وللنزاعات اسباب متعدده تتمثل فى التنمية غير المتوازنة تركيز مشاريع التنمية والمؤسسات الخدمية بالمدن الكبري الحدود المتاخمة لأكثر من دولة مما يساعد علي تدفق السلاح مما يؤدي إلي خلل في التوازن الأمني في المناطق الحدودية التوسع المضطرد في مشاريع الزراعة الآلية ومشاريع التنمية على حساب المراعي هيمنة الدول الكبري ومحاولة الحصول علي حلفاء وعملاء داخل الدول النامية مما يخلق نوعاً من التوترات والنزاعات داخل كل دولة القيم والمعتقدات في بعض المجتمعات حيث يعتبر العنف والنزاع شجاعة وثقافة حرب . جاءت هذه التعاريف فى ورقة (مهارات التفاوض فى الهدى النبوى ) للدكتور حسن محمد يوسف من جامعة السودان التى قدمها فى مؤتمر النزاعات من المنظور الاسلامى الذى نظمته جامعة امدرمان الاسلامية بالتعاون مع وزارة التوجية والتنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم وجامعة الجزيرة بقاعة الصداقة بالخرطوم فى نهاية يونيو الماضى تحت شعار (فأن تنازعتم فى شئ فردوه الى الله والرسول ). واوضحت الورقة ان للنزاعات انواع نزاعات حدودية نزاعات سياسية نزاعات قبلية نزاعات دينية نزاعات الهيمنة بالاضافة الى اثارها التى تتمثل فى فقد عدد كبير من الأرواح واستشراء حالة عدم الاستقرار في المناطق ذات الاختلافات والصراعات المختلفة الحراكات والهجرات القسرية للسكان من مناطق النزاعات وتركهم لممتلكاتهم وقراهم تعطيل مشاريع التنمية المختلفة التي يمكن ان تؤدي إلي ارتقاء المنطقة ذات الصراعات تعطيل الخدمات الاجتماعية وزيادة الفاقد التربوي وتلوث البيئة وتردي الحالة الصحية للمواطنين نفوق اعداد كبيرة من الثروة الحيوانية مما يفقد المنطقة مورداً مهماً وحيوياً من موارد الدخل وكسب العيش . وتبين من خلال ورقة الدكتور حسن ان للنزاعات ايجابيات يمكن ان تتمثل فى إنها تلفت النظر إلي مدى القصور الأمني للدولة ، مما يجعلها تستشعر دورها وهيبتها وتتحمل مسئوليتها الكاملة تجاه القبائل والمجموعات أو الافراد المتنازعة عند حدوث النزاعات بين المجموعات المختلفة تظهر القوى المحايدة والتي تبدي استعدادها للتحكيم بينها والعمل علي فض النزاعات تقود إلي عقد مؤتمرات الصلح ، وهذه المؤتمرات تظهر موضوعات كثيرة من خلال المناقشات والمداخلات ، تؤدي في نهاياتها إلي مجموعة من القرارات والتوصيات التي تساعد في النهوض بالمنطقة موضوع النزاع إن النزاعات تظهر الثغرة التي يأتي منها العدو بالنسبة للمجموعات أو الدولة الضعيفة ، مما يجعلها تعمل جاهدة علي سد تلك الثغرة ، سواءا كانت ثغرة غذائية او صناعية أو أمنية ... وابانت الورقة ان التفاوض مهم فى درء اثار النزاعات والتفاوض هو موقف مرن ، يتطلب قدرات هائلة للتكيف السريع والمستمر وللمواءمة الكاملة مع المتغيرات المحيطة بالعملية التفاوضية وإتاحة وتوفير القدرات التي تمكن من التغلب علي المشاكل والعقبات التي تواجه العملية التفاوضية فإن التفاوض يمثل مرحلة من مراحل حل الأزمة محل النزاع فأن استخدام التفاوض كأداة للحوار يكون أشد تأثيراً من الوسائل الأخري لحل المشاكل وعلي هذا يصير التفاوض مخرجاً نهائياً نحو الإستقرار وإنتصاراً للعقلانية المدركة لكافة الأمور والأبعاد ، تستخدم فيه أسلحة الحوار ، ومقارعة الرأي بالرأي ، والحجة بالحجة ، والدليل بالدليل والمنطق بالمنطق . وذكر دكتور حسن خلال الورقة ان لفض النزاعات اشكال عديدة ومتنوعة وتكون عبر اساليب ومفاهيم معينة فان مفهوم فض النزاع هو درء النزاع والحيلولة دون وقوعه ، ثم فضه إذا وقع . وفي إطار ثقافة السلام يقصد به مجموعة إجراءات ومفاهيم يتم تطبيقها لحلول المشاكل ولها أسس منهجية وآليات ووسائل مساعدة مضيفا ان آلية فض النزاع يقصد بها الأدوات والكيفية والانظمة والإجراءات التي تنجز بها منهجية فض النزاع و التى يقصد بها الطريقة التي تنتهجها أي تتبعها فلسفة ما أو حضارة أو دين ما أو اي جهة .. لمعالجة قضايا أو نزاعات أو ازمات أو حروب الخ.. وفقا لرؤية ذات اليات محددة للتعامل مع تلك النزاعات ، ويصحب ذلك توضيح وسائل واساليب مرنة لتيسير تلك المعالجات وتأصيلا للمنهجية الاسلامية نستشهد بالآية الكريمة :( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ {المائدة/48} . فاوضحت الورقة ان منهجية الإسلام في فض النزاع تتمثل في تحقيق معادلة أو موازنة ذات كفتين متلازمتين هما كفة العقيدة والعبادات و كفة المعاملات والعلاقات فالقرآن وضح كيفية الحكم والتحكيم ، وقد ورد في الآية الكريمة المنهجية الإسلامية لفض النزاع في المعاملات والعلاقات مبدأ العدالة حيث امر الحق عز وجل بالعدل فقال : إنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النحل/90}. وقد خلصت الورقة الى توصيات تضم توصي الدراسة بالتوسع النوعي في مجال بحوث ودراسات النزاعات المختلفة لمعرفة الأسباب المختلفة التي أدت إلي تلك الصراعات والاختلافات وإنتشارها و أن يكون القرآن الكريم والسنة المحمدية وإجماع الفقهاء على إختلاف مذاهبهم هي المراجع الأساسية والأصلية في فض النزاعات و علي المفاوض والمحاور أن يكون ملماً إلماماً كاملاً بكل جوانب المشكلة موضوع النزاع ، وأن يكون حكماً عادلاً وموضوعيا ًو يجب توخي الدراية التامة عند اختيار المفاوضين خاصة أولئك الذين يتمتعون بالسمعة الطيبة والحياد الكامل و العمل ما أمكن على حل كل النزاعات داخلياً والإبتعاد عن الحلول الخارجية و إشراك القادة المحليين للمنطقة موضوع النزاع في عملية فض النزاع وذلك لمعرفتهم الكاملة للأسباب الجذرية للنزاع بمنطقتهم و الإسراع على إحتواء أي نزاع ينشب في مهده وقبل أن يستفحل ويصير معضلة يصعب حلها.