: هارون سليمان إن العيش في سلام ووئام وتوافق بين مكونات المجتمع أوالدولة والتعايش والتعاون والتسامح وتبادل المصالح والمنافع من أجل مستقبل الجميع هو الأصل بينما الحرب هي الاستثناء حيث تأتي بمبررات مختلفة وتؤدي إلى توتر العلاقات وإشعال العداوة والبغضاء والخصام وتنشر الحقد والكراهية والآلام والمآسي والأحزان بين أبناء آدم في مجتمع ما من المجتمعات البشرية. إن تاريخ الصراع حول المصالح تاريخ قديم وقصة أبناء آدم عليه السلام ، قابيل وهابيل من النماذج الحية لعملية الحرب والسلام، حيث كانت حواء أم البشرية تضع في كل ولادة توأمين ذكرا وأنثى ، فولدت أولا قابيل وأخته إقليما ثم ولدت هابيل وأخته لبودا ،فلما كبروا أمر الله آدم أبو البشرية أن يزوج كل واحد من الأخوين توأمة الآخر ولكن قابيل رفض الأمر الرباني وصمم على الزواج من توأمته إقليما لأنها أجمل من لبودا توأمة هابيل ،فأخبره آدم أنها لا تحل له ولكنه رفض وأصر على عناده وتشبثه ولحل المشكلة أمر الله آدم أن يطلب من الأخوين أن يقدم كل واحد منهما قربانا لله ،فمن يتقبل قربانه فهو أحق بالزواج من إقليما الجميلة ،فقدم هابيل الذي كان يمارس حرفة الرعي أفضل ما لديه من الغنم (كبشا سمينا) أما قابيل الذي كان يمارس حرفة الزراعة فقد أخذ حزمة من أردأ زرعه وقدمها قربانا فوضع كل منها قربانه فوق الجبل ،فقبل الله قربان هابيل فثار بذلك قابيل وانفعل وتمادى في غضبه وثورته واندفع نحو أخيه فقتله ثم ندم على فعلته وكانت أول جريمة في تاريخ البشرية ومنذ ذلك التاريخ كانت الناس في جاهليتهم يمجدون القوة والحرب على حساب السلام والوئام فأصبحت السلام مجرد فترة بين حربين، حرب انتهت وحرب تبدأ إعدادها. تعريف الحرب: هي نزاع مسلح تبادلي بين طرفين أو أكثر من الأطراف غير المنسجمة من القوى المتعارضة حول الرغبات تسعى كل واحد على تدمير الآخر والتغلب عليه ويتضمن استخدام منظم للأسلحة والقوة البدنية لإعادة تنظيم الجغرافيا السياسية والعسكرية والحصول على نتائج مرجوة. أي حوار عنيف لتحقيق الأهداف. أسباب أو دوافع الحرب الأهلية في السودان شوهت الحروب الداخلية وجه التاريخ السوداني أكثر من خمسين عام وظلت الحرب هي السمة المميزة لكل عهود الحكم وكان لكل عهد ونظام حكم تأثيره على قضية الحرب والسلام ، حيث كانت وما زالت الحلول العسكرية والأمنية تتصدر الموقف دون النظر إلى القضايا الموضوعية التي تثار من وقت لآخر كما أن الأطراف المتصارعة في السودان لا تنظر إلى الحلول السلمية إلا في وقت متأخر وبعد دمار شامل في كل المجالات. وأسباب الحرب الأهلية في السودان كثيرة ،تأتي في مقدمتها غياب التوافق حول كيفية إدارة الدولة السودانية والصراع حول السلطة والثروة وغياب البرامج الحزبية واستخدم العرق والقبيلة والدين والجهوية للوصول إليها في ظل غياب الديمقراطية والدولة القومية التي تنصهر فيها مكونات المجتمع السوداني والتهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والاستعلاء العرقي والإقصاء ورفض الآخر وغياب التنمية المتوازنة ،أي عدم التقيد بالنظم والقوانين الاجتماعية التي تنظم علاقات الأفراد والجماعات والتنافس حول الموارد والمصالح العامة والخاصة ومحاولة الاستئثار بالسلطة والثروة والرغبة في السيطرة والنفوذ والاستياء والغبن والنزعات الانفصالية لتصحيح الظلم والاستحسان الشعبي للانقلابات العسكرية والتوظيف الخارجي للخلافات الداخلية (مصالح ومطامع دولية وإقليمية) والاختلافات العرقية والثقافية والطائفية والدينية والأيدلوجية والفشل في إدارة التنوع والكراهية المتجذرة بين مكونان المجتمع بسبب الصراعات السياسية والعنصرية والتمييز على أساس اللون والجنس واللغة والانتماء القبلي أو الجغرافي أو السياسي وغياب العدالة الاجتماعية والبطالة وتفاوت الثروة والفوارق الاجتماعية وأزمة الطبقية والحرمان من الخدمات الأساسية والحاجة الملحة للمقومات الأساسية للبقاء والاعتقاد الشائع بأن الحرب هي وسيلة لحل المشاكل وغياب الحوار وغيرها من الأسباب والعوامل ساهمت في استمرار الحرب اللعينة التي أصبحت جرح دامي في جسد كل سوداني طوال هذه الفترة الطويلة من مسلسل الآلام والمآسي. في الحلقات القادمة: 1. تكاليف وآثار الحرب : الخسائر البشرية الخسائر الاقتصادية الآثار الأمنية والسياسية الآثار الاجتماعية الآثار النفسية الأضرار البيئية 2. الحوار تعريف الحوار أهمية الحوار الغاية من الحوار فوائد الحوار آداب الحوار صور وأشكال الحوار صفات المتحاور 3. السلام مفهوم السلام مراحل السلام السلام الاجتماعي وأركانه هارون سليمان يوسف ماجستير في دبلوماسية السلام والتنمية خبير في مجال السلام والتنمية