يعد الاتحاد الافريقي الوريث الشرعي لمنظمة الوحدة الافريقية التي تاسست في اديس ابابا عاصمة اثيوبيا عام 1963م بغرض تحقيق حلم الشعوب الافريقية في اقامة نظام تعاوني مبني على التضامن والتعاون والمشاركة ، وأداة لتحرير القارة من كافة أشكال الاستعمار والتفرقة العنصرية، ولتحقيق التنمية الاقتصادية في ظل السلام والأمن. وقد جاء الاعلان عن الكيان الافريقي الجديد(الاتحاد ) بعد محاولات واجتماعات عديدة للقادة الافارقة منذ العام 1999م تركزت حول ايجاد كيان فاعل يحمل اهداف منظمة الوحدة الافريقية ويستجيب للتحديات التي تواجه القارة وشعوبها وتكون له القدرة والالمام بمعرفة وإدراك كافة هذه التحديات وسبل مواجهتها لجهة تعزيز تطلعات الشعوب الافريقية نحو الاندماج الكلي ، والتصدي لهذه التحديات ومعالجة الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي على نحو فعال في ظل مبادئ الوحدة والانتماء الأفريقي التي أسسها الرعيل الأول من الزعماء الأفارقة تجسيدا للتضامن والتلاحم في مجتمع يتجاوز الحدود الضيقة الثقافية والأيديولوجية والعرقية والقومية ، واستكمالها حتى يتسنى للقارة أن تعيش كريمة مستقلة حرة في الألفية الجديدة. وبعد استكمال اسس ومباديء الكيان الجديد ولد الاتحاد الافريقي ليشكل فضاء جهويا وتكتلا قاريا، الى جانب التكتلات الجهوية الاخرى في أمريكا وأوروبا وآسيا، ومن شأنه أن يمنح أفريقيا القدرة على تجسيد إرادتها سياسيا واقتصاديا ويمدها بالبنى المؤسسية والبرامج التي تمكنها من احراز التقدم والتنمية المستدامة والقضاء علي الأمراض وأسباب التخلف والفتن والحروب، وذلك وصولا الى تحقيق الحلم الافريقي الكبير المتمثل في اقامة الولاياتالمتحدة الافريقية. واحتضنت مدينة ديربان بجنوب أفريقيا مقر انعقاد أول قمة لهذا المولود الجديد من 8 إلى 10 يوليو 2002. اهداف الاتحاد: وتتمثل اهداف الاتحاد في تحقيق وحدة وتضامن أكبر بين الشعوب والبلدان الأفريقية ، والدفاع عن السيادة والأراضي والاستقلال لكافة الدول الأفريقية.، والتعجيل بالتكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي للقارة، وتعزيز السلام والأمن والاستقرار فيها، بالاضافة الي توطيد النظام الديمقراطي ومؤسساته وتعزيز المشاركة الشعبية والحكم الرشيد، وحماية حقوق الإنسان والشعوب وفقا للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وكذلك المواثيق ذات الصلة. تهيئة الظروف الضرورية التي ستمكن القارة من لعب دورها المناسب في الاقتصاد العالمي والمفاوضات بين الدول الي جانب الإسراع بتنمية القارة وخاصة عن طريق البحث في مجال العلم والتكنولوجيا. مباديء الاتحاد: اما مباديء الاتحاد الافريقي فتنص وفقا لمنطوق المادة الرابعة من القانون التأسيسي له على " مبدأ المساواة والترابط بين الدول الأعضاء، واحترام الحدود الموروثة عند الاستقلال، وإقامة سياسة دفاعية مشتركه، ومنع استخدام القوة أو التهديد بين الأعضاء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة عضو، بالاضافة الي حق الاتحاد في التدخل في شؤون دولة عضو عند وقوع ظروف خطيرة مثل جرائم الحرب والإبادة الجماعية، بجانب حق الدول في طلب تدخل الاتحاد لإعادة السلام والأمن، واحترام قدسية الحياة الإنسانية ورفض الإفلات من العقوبة والأعمال الإرهابية والأنشطة التخريبية، علاوة علي التمسك برفض وإدانة أي تغيير غير دستوري للحكومات. هياكل الاتحاد انشا الاتحاد الذى إعتمد نشيدا وطنيا باسم،"هيا نتحد ونحتفل سويا".أجهزة كهياكل لانجاز مهامه تتمثل في : مؤتمر الاتحاد، و المجلس التنفيذي، والبرلمان الأفريقي، و محكمة العدل الأفريقية ، و المفوضية ، ولجنة الممثلين الدائمين، و اللجان الفنية المتخصصة، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، و مجلس السلم والأمن، بالاضافة الي المؤسسات المالية. وإختارت مفوضية الاتحاد الأفريقي علما جديدا للاتحاد الأفريقي بعد مسابقة قدم فيها 106 تصميما للعلم من قبل مجموعة من الخبراء من المناطق الأفريقية الخمس. ويمثل اللون الاخضر، الأمل الأفريقي. ويتوسط العلم خريطة القارة من دون حدود داخلية تشع منها نجوم ذهبية تمثل عدد أعضاء الاتحاد. وتمثل المفوضية الجهاز التنفيذي للاتحاد وتضم ثمانية مفوضين مسؤولين عن لجانها الثمانية وهي: لجنةالسلم والأمن، ولجنة الشؤون السياسية، و لجنة البنية التحتية والطاقة، و لجنة الشؤون الاجتماعية، و لجنة الموارد البشرية والعلوم والتكنولوجيا، ولجنة التجارة والصناعة، ولجنة الاقتصاد الريفي والزراعة، ولجنة الشؤون الاقتصادية. وللاتحاد أجهزة أخرى تشمل اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب، والأداة المركزية لآلية منع الصراعات وإدارتها وحلها، ومؤتمر الأمن والاستقرار، من جملة مؤسسات اجتماعية واقتصادية اخرى. ويقسم الاتحاد الافريقي اعماله اداريا الي خمسة اقاليم هي شرق وجنوب ووسط وشمال وغرب افريقيا . ولتطبيق برامجه، وخاصة المتعلقة منها بالتنمية، يعمل الاتحاد الافريقي برفقة المجموعات الاقتصادية الاقليمية التي تشمل:اتحاد المغرب العربي، والجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا (الإيكاس)، والسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا)، وجماعة تنمية جنوب أفريقيا (السادك) بالاضافة الي الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا(الإيكواس). قضايا ملتهبة علي طاولة القمة 22 : تعقد القمة 22 للاتحاد في ظل قضايا ملتهبة وتحديات تواجه القارة الافريقية ابرزها النزاع في دولة جنوب السودان احدث دولة في التاريخ والوضع في افريقيا الوسطي والكنغو الديمقراطية وعدد من القضايا في دول ثورات الربيع العربي الي جانب القضايا المتصلة بالزراعة وتوفير الغذاء . وتنظر القمة ايضا عددا من المواضيع المهمة من بينها وضع الإتحاد ، والانجازات والتحديات ، والتحول الهيكلي في إفريقيا والتصدي للتحديات الداخلية والخارجية التي تواجه القارة الإفريقية . القضايا الافريقية والتحديات الراهنة : وبالرغم من وضوح الاهداف والمباديء الا ان الاتحاد الافريقي ظل يواجه جملة من التحديات والتعقيدات الداخلية والخارجية في اعقاب المتغيرات الدولية التي تزامنت مع قيامه تاتي في مقدمتها النزاعات الداخلية والحروب الاهلية وقضايا الامية والجهل والفقر والمرض وضعف التعليم واستخدام التكنلوجيا والحصول عليها وضعف البنية التحتية في بعض البلدان ،ومسالة الديمقراطية والحكم الراشد ،والخلافات الداخلية بين بعض القادة الافارقة. اما التحديات الخارجية التي تواجه الاتحاد تتمثل في المحكمة الجنائية الدولية وملاحقتها للقادة الافارقة وقضايا حقوق الانسان والتعقيدات والتقاطعات الدولية التي خلفتها التدخلات في دول ثورات الربيع العربي الافريقية وما نجم عنها من ازمات ترتب عليها اضطربات وعدم استقرار في دول مؤثرة مثل مصر وتونس وليبيا بالاضافة الي الوضع في مالي وتدفق المسلحين الي عدد من البلدان الامر الذي من شانه ان يقود الي حالة من عدم الاستقرار والفوضي في عدد غير قليل من البلدان الافريقية يمهد للتدخلات الخارجية مثل حالة افريقيا الوسطي وجنوب السودان . الرؤية الأفريقية لإصلاح الأممالمتحدة(مجلس الأمن) ومواجهة الجنائية : وفي ظل التحولات التي يشهدها العالم في الالفية الجديدة تبني الاتحاد الافريقية رؤية موحدة تتصل باصلاح المنظمات الدولية وعلي راسها الاممالمتحدة حيث لا يازال الاتحاد يتمسك بمقترحه بشأن إصلاح المنظمة الدولية من خلال زيادة عدد أعضاء مجلس الأمن، ليصبح عددهم 26 عضوا، مع ستة مقاعد جديدة دائمة تتمتع بحق النقض (الفيتو)، بينها مقعدان لأفريقيا. كما يقود الاتحاد جهودا بين اعضائه لاتخاذ موقف موحد بشان المحكمة الجنائية الدولية وذلك بالتنسيق مع المؤسسات الدولية في هذا الخصوص . التحولات الدولية والاتجاه شرقا : وبالرغم من شمول مبادئ الاتحاد الافريقي واهدافه من اهداف منظمة الوحدة الافريقية الا ان الطريق لا يزال شاقا وطويلا علي الاتحاد لبلوغ وتحقيق هذه الاهداف والغايات الامر الذي يتطلب من الاتحاد في ظل التحولات الدولية النظر في خلق اليات لتعزيز التعاون مع قارتي امريكاالجنوبية واسيا وخاصة (الصين ، وروسيا ، والهند وفتح مجالات جديدة للتعاون مع دول الخليج العربي للاستثمار في افريقيا ) وفي هذا الخصوص يقول مدير المركز العالمي للدراسات الافريقية بالخرطوم المفكر عبد الله زكريا " إن الموارد في العالم توجد في افريقيا ويدعو الدول الافريقية الي الاتجاه شرقا نحو الصين وروسيا والهند باعتبارها قوة اقتصادية ناشئة وضرورية لتنمية القارة الي جانب التعاون مع مجموعة دول امريكا اللاتينية في هذا المجال والاستفادة من مقررات القمة العربية الافريقية التي عقدت مؤخرا في دولة الكويت لنقل وتحريك رؤس الاموال العربية وتمهيد الطريق امامها عن طريق اجراء اصلاحات في انظمة الحكم في بعض الدول الافريقية تتصل بقوانين الاستثمار بهدف الاستفادة من عائدات استثمار المال العربي في الفضاء الافريقي ." اما مفوضية الاتحاد الأفريقى فتقول بشان الغذاء والتنمية في افريقيا إن شعار هذه القمة سيكون (عام 2014 هو عام الزراعة والأمن الغذائى .. لإحياء الذكرى السنوية العاشرة لتبنى البرنامج الأفريقى الشامل للتنمية الزراعية) حيث سيتم خلال القمة بحث سبل تحويل مسار الزراعة فى القارة الأفريقية وتسخير الفرص من أجل تحقيق النمو الشامل والتنمية المستدامة فى القارة. ويضيف سكرتير عام مفوضية الاتحاد الافريقي السفير جان مفاسونى في حديث للصحافيين أن من بين القضايا الرئيسية التي سيتم بحثها قضية الأمن الغذائى والتحول الزراعى التي ستكون قضية عام 2014 بالنسبة لأفريقيا من أجل تحقيق التنمية في الدول الأعضاء، وأشار إلى أنه سيتم أيضا بحث الأجندة الأفريقية حتى عام 2063، وقضايا السلام والأمن ومراجعة عمليات السلام الأفريقية والهيكل الأمنى وإجراء حوار بين الأجيال ومناقشة قضايا المياه والإستراتيجية البحرية الأفريقية لعام 2015 ومناقشة المبادرة الأفريقية للشبكة الإلكترونية والتعليم مع إعطاء اهتمام خاص لأوضاع الدول في فترة مابعد الصراعات". امارئيسة اللجنة الإثيوبية الدبلوماسية كونجيت سين جيورجيتشير تشير الي التحديات الافريقية بقولها "يتعين علينا مضاعفة الجهود من أجل رفع التحديات التي تواجه إفريقيا لاسيما الجفاف والأمراض المدمرة" مشددة على ضرورة تفعيل القرارات المتخذة من قبل المنظمة بهدف تحقيق تطلعات الافارقة ورغباتهم في مزيد من التقدم. اخماد الصراعات والحروب : وبالرغم من الجهود التي ظل يبذلها الاتحاد الافريقي ومؤسساته (مجلس السلم والامن الافريقي ) غير ان تنوع الصراعات الأفريقية وتعددها والتي لا تزال تحصد أعدادا هائلة من الأفارقة، رجالا ونساء وأطفالا، وتعوق تنمية القارة برمتها. وللتغلب علي هذه الصراعات او منعها ينادي خبراء بالعمل على وضع إستراتيجية قارية متكاملة للانذار المبكر والتدخل السريع من قبل الاتحاد الافريقي لاحتواء وتسوية النزاعات بالطرق السلمية . ويبرر هؤلاء المراقبون موقفهم هذا، بان معظم هذه الصراعات برهنت حقيقة أن الاتحاد الافريقي لا يملك بعد الآليات اللازمة لمنع نشوب النزاعات أو فرض احترام مبادئ القانون الإنساني الدولي. وعلي الصعيد العملي يبقى الاتحاد ملتزما بالعمل في سبيل التخفيف من حدة الحروب والصراعات التي لا يسفر عنها سوى المزيد من الاستنزاف والتدمير للموارد وتعطيل التنمية ، بيد أن الاتحاد مازال يواجه مصاعب جمة في هذا الميدان، ولاسيما تلك التي تواجه مبادرات حفظ السلام الأفريقية والمتمثلة في الحاجة إلى المصادر التمويلية واللوجستية اللازمة. وفضلا عن ذلك، فان الدول الأفريقية تباطأت في التصديق على بروتوكول مجلس الأمن والسلم الأفريقي، التابع للاتحاد الأفريقي، والذي يؤمل منه أن يطور قدرة الاتحاد على التزام عمليات حفظ السلام في القارة الأفريقية، إذ يقضي البروتوكول بتكوين قوة عسكرية احتياطية أفريقية قادرة على تحمل مهامها في المراقبة ومنع الصراعات الأفريقية. الانقلابات العسكرية واجهاض المسار الديمقراطي : ظل موضوع تعثر التحول الديمقراطي في البلدان الافريقية واحدة من أسباب دوام حالة الاضطراب وعدم الاستقرار في البلدان الافريقية نتيجة لغياب مفهوم استتباب الثقافة الديمقراطية والحكم الرشيد، حيث يظل تحقيق التحول الديمقراطي السلمي والاحترام الشامل لسيادة القانون واقامة مجتمع مدني يتسم بالحيوية واليقظة من أهم التحديات التي تواجه معظم الدول الافريقية ومحل اختبار لمدي صمود الاتحاد الافريقي في مواجهة الانقلابات علي الحكومات وسبل مكافحتها وفقا لمبادئه التي قام عليها وتقع الحالة المصرية في هذا الاطار . اما موضوع الارتقاء بحقوق الإنسان وحمايتها فقد ظل الاتحاد يبذل مساعي جادة ودؤوبة من أجل تعزيز فرص السلم والأمن وخلق البيئة المواتية لاحترام حقوق الانسان وحكم القانون في جميع أرجاء القارة. ارض المستقبل والموارد : في ظل الازمة المالية العالمية وازمة الغذاء تتجه الانظار نحو افريقيا التي تمتلك مصادر وموارد زراعية ومعدنية هائلة، فهي تمتلك أكبر احتياط للحديد في العالم ، بينما تنتج نسبة 72,5 في المئة من إجمالي الذهب العالمي. وتحتل افريقيا مرتبة متقدمة عالميا من حيث إنتاج النحاس، وتعد من القارات الغنية بالقصدير الى جانب اعتبارها كمنتج رئيسي للماس والبلاتين واليورانيوم. على الرغم من وفرة الموارد الطبيعية في افريقيا، إلا أن القارة ماتزال تعاني من الفقر الشديد وانتشارالأمراض القاتلة والفيروسات وازدياد نسبة الأمية والصراعات العرقية، فضلا عن النهب الاستعماري الممنهج لخيراتها الذي تعرضت له ابان الحقبة الاستعمارية، وهي عوامل تضع افريقيا على أسفل السلم من حيث مؤشرات التنمية البشرية في العالم. الاستعمار الجديد لافريقيا : تشهد افريقيا محاولات مستمرة من قبل الدول الكبري للتدخل في شئون بلدانها للمحافظة علي مصالحها التي ورثتها من استعمارها للقارة وفقا لمؤتمر برلين عام 1884م الذي تم بموجبه تقسيم القارة الافريقية لمناطق نفوذ بين الدول الاوربية تخضع لادارتها حيث تم استعمار كل الدول الافريقية عدا الحبشة (اثيوبيا) وليبريا التي اقامها الامريكيون من اصول افريقية في بداية القرن التاسع عشر . وعلي الرغم من خروج الاستعمار لكنه ظل موجودا ويعمل علي استعادة نفوذه من خلال محاولات عديدة غير خافية عن الانظار كما هو موجود في شكل قواعد عسكرية وغيرها ... إن صمود الاتحاد الافريقي ككيان وتكتل اقليمي قوي وفاعل لتحقيق تطلعات وطموحات الشعوب الافريقية في ظل التحولات والمتغيرات الدولية والاقليمية رهين بقدرته علي تطوير مؤسساته وفاعليتها في الاستجابة للتحديات ومعالجة النزاعات والحروب وتحقيق معدلات تنمية عالية من خلال تعبئة الموارد في بلدانه بالاضافة الي التعاون مع التكتلات في اسيا وامريكا اللاتينية للتعبير بصوت واحد قوي ومسموع .