يعتبر التمويل من أكبر التحديات التي تواجه الوحدة الأفريقية حيث تشهد الساحة الأفريقية تحديات كثيرة أفرزتها التحولات السياسية والاتحاد الأفريقي كمؤسسة يسعى إلى الوحدة بين كيانات الدول الأفريقية التي تواجه تحدياً من جراء التشظي والانقسامات وبروز تهديدات سياسية واستراتيجية تعيق تحقيق الوحدة الافريقية الأمر الذي كشف عنه السفير إبراهيم أحمد عبدالكريم بالندوة التي نظمها المركز العالمي للدراسات الأفريقية أمس حول (تحديات الوحدة الأفريقية) في ظل المتغيرات السياسية الراهنة وقال ان ضعف التمويل الممنوح للاتحاد الأفريقي وقال انه يعتبر أكبر تحدي للوحدة الأفريقية لذلك رأى عبد الكريم انه لابد من وضع آلية تمويل دائمة وشاملة خاصةً وان النظام الحالي للمساهمات التي تقدمها الدول غير كافٍ لتوفير الموارد اللازمة للاتحاد. وزاد بالقول إن المبالغ الممنوحة للاتحاد لا تتعدى تغطية مصروفات تشغيل المفوضية ناهيك عن البرامج التي تنفذها مما دفع المفوضية بالاعتماد على الموارد خارج القارة لتمويل برامجها الامر الذي يفسح المجال للتدخل الخارجي وفرض السيطرة على القارة واستغلال مواردها. ولفت عبدالكريم إلى ان نظام المساهمات المتبع به عيوب وذلك بإلقائه العبء على عاتق أربع دول فقط هي جنوب أفريقيا ومصر وليبيا ونيجريا وتقوم بقية الدول بدفع ما تبقى من الميزانية فهذا النظام المتبع يتيح قدراً من التحكم والسيطرة للدول الأربع على شوؤن الاتحاد ، إلا انه عاد وقال ان من فوائد النظام الحالي على تقدير المساهمات بني على المقدرة على الدفع بعد فشل كثير من الدول الافريقية من سداد مساهماتها مما افضى إلى ازدياد تراكم المتأخرات وبالرغم من فرض الاتحاد ضرائب غير مباشرة كما اعتمد المجلس الاقتصادي والاجتماعي توصية بفرض ضريبة قيمتها خمسة دولارات على كل طيران للرحلات للدول الافريقية كمقترح لتوفير مصادر تمويل إلا ان هذه المقترحات لم يصدر قرار بشأنها وظل الاتحاد يعتمد على مساهمات الدول الاعضاء بتشغيل المفوضية فضلاً عن تقصير الدول الاعضاء بالوفاء بالتزاماتهم وهناك كثير من الدول الافريقية لم تعمل كثيراً لتعريف سكنها بالاتحاد وبالتالي ظل الاتحاد مجهولاً لدى كثير من الدول الافريقية كما تتحمل الدول الاعضاء مسؤولية التأخير في دخول الاتفاقيات والبرتوكولات الخاصة بالاتحاد حيز التنفيذ بالاضافة إلى ان الدول الأعضاء لم تقم بتنفيذ العديد من المقررات التي اعتمدتها الاجهزة السياسية المتعلقة برفع علم الاتحاد الافريقي. وقال عبدالكريم ان التحديات الخارجية تشكل معوقا رئيسا في وحدة الدول الافريقية لذلك اقامت مفوضية الاتحاد الافريقي علاقات مميزة مع الشركاء الدوليين في أقاليم مختلفة من العالم لمواجهة تلك التحديات الخارجية واهمها الهند وبلاد أمريكا الجنوبية ومنظمة المؤتمر الاسلامي ومنظمة الدول الامريكية واستراليا والولايات المتحدةالامريكية. وطالب عبدالكريم بضرورة وضع خارطة طريق لإنشاء حكومة الاتحاد الافريقي التي تضم كافة الدول الافريقية وتكوين نظرة عامة للوحدة الأفريقية عبر النظر للدول الأفريقية من داخلها وتوظيف أولوياتها وإدارة النظم السياسية الأفريقية وتطوير ودعم القدرات البشرية وتوفير الحماية الداخلية للدول لتحقيق التوازن في البيئة الدولية وتهيئة البيئة بين الدول الأفريقية لتحقيق التنمية المستدامة وخلق الاستثمارات لزيادة الموارد وإقامة قواعد للبيانات يمكن من خلالها إتاحة جميع الفرص والخدمات وتفعيل دور المؤسسات الأفريقية وإنتاج سياسات ناجحة وبناءة يمكن من خلالها رفع معدلات النمو. وأوضح ان قيام الاتحاد الافريقي جاء استجابة لامال الاباء المؤسسين في الماضي ورداً على تحديات الحاضر من عولمة وتكتلات إقليمية وتهميش القارة السمراء. وقال ان اقرار النظام التأسيسي للاتحاد كان تأكيداً لمهام وهياكل جديدة للقارة تختلف عن منظمة الوحدة الأفريقية ويأتي هذا الاختلاف في مصدر السلطات الاوحد وهو مؤتمر القمة أيام منظمة الوحدة الافريقية لكن في اطار الاتحاد الافريقي تتقاسم السلطات بين القمة والمحكمة الأفريقية والبرلمان الافريقي تمهيداً لاستقلال المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية كما ان السيادة الوطنية تحت مظلة المنظمة مطلقة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية هو السائد غير أن منظمة الاتحاد الافريقي تتيح حق التدخل في الحالات الخطرة وهناك حق ادانة الوصول للسلطة بالطرق غير الدستورية بالاضافة إلى ان الهدف الاساسي لمنطمة الوحدة الافريقية هو الكفاح من أجل الاستقلال والتحرر. وبفضل المنظمة نالت الكثير من الدول استقلالها من خلال جهود لجنة تحرير كما تم القضاء على نظام الفصل العرقي والتميز العنصري البغيض. أما عن وضع الاتحاد الافريقي قال عبدالكريم ان التركيز يتم على مواجهة التحديات الراهنة المتمثلة في التخلف الاقتصادي والاجتماعي والتهميش الذي تعاني منه القارة وكيفية تعزيز مكانة القارة الاقتصادية والسياسية في العالم. وقال د. عبدالرحمن أبوخريس في تعقيبه عن ما جاء في الندوة ان التحدي الأكبر للوحدة الافريقية هو التدخل الأجنبي والصرعات الداخلية في الدول الافريقية ملقيا الضوء على قضية انفصال جنوب السودان التي شغلت المجتمع الدولي والقارة بصفة خاصة. وأوصى بضرورة تكوين حكومة الاتحاد الافريقي مبنية على الشعوب لا دول تمثلها علاوة على تفعيل حملة لترسيخ فعل ومهام الاتحاد تحقيق الديمقراطية وحقوق الانسان وحسن الجوار وصولاً للولايات المتحدة الافريقية. وأجمع المتحدثون على أهمية التواصل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لتحقيق التعاون والانسجام بين دول القارة الأفريقية وإطلاق حملة شاملة لتأسيس الوحدة الأفريقية عبر المؤسسات والإعلام والتركيز علي القيم والمصالح المشتركة وحسن الجوار والديمقراطية والسلام بين دول أفريقيا . وأوصت الندوة التي حضرها عدد من الخبراء والمختصين بدعم وتأسيس المؤسسية في الأجهزة الأفريقية المختلفة وتعزيز دورالاتحاد الأفريقي واتباع منهج علمي للعلاقات بين الدول لسد الثغرات التي تواجه الوحدة الأفريقية وتأسيس جهاز تنفيذي يتم من خلاله تغير الواقع وتنفيذ الخطط الاقتصادية بين دول أفريقيا واحترام السيادة الوطنية لدول إفريقيا وتحديد مضمون للاتحاد الأفريقي لتعامله مع حكومات الدول الأفريقية. وشددوا على ضرورة تطبيق الديمقراطية في النظم السياسية الأفريقية والقضاء علي الخلافات والحروبات والصراعات وخلق بيئة اقتصادية تحرك أفريقيا نحو بعضها البعض ووضع تدابير وسياسات أمنية توفر الأمن والحماية لشعوب القارة الأفريقية وتشجيع التواصل الثقافي الاجتماعي بين الدول الأفريقية.