اشتهرت دارفور ببلد القرآن ويعرف اهلها بالكرم والوحدة والتماسك والانصهار عبر التزاوج الذي تم مع سكانها بمختلف عرقياتهم واثنياتهم منذ زمن طويل ، ولا فروق بينهم من حيث السحنات والالوان والاشكال . ولكن الإقليم انزلق فى معارك عنيفة بعد لجوء الحركات المسلحة الى مهاجمة المدن والقرى منذ العام 2003م ، بالأسلحة النارية التى عظمت الفقد فى الأرواح وأحرقت الممتلكات. واهدرت الحرب موارد بشرية وممتلكات تحتاجها البلاد لإحداث نهضة فى المجالات كافة وذلك برفع القدرات واحداث بنية اساسية تساهم فى احداث الإستقرار والسلام المنشود. وفى الفترة الأخيرة برزت جهود لرتق النسيج الاجتماعي وطي الخلافات التي لا تاتي الا بالدمار والخراب. وجاءت زيارة السيد حسبو محمد عبد الرحمن نائب رئيس الجمهورية الي ولايات غرب وشمال وجنوب دارفور وبوفد كبير من الخرطوم كان لها الاثر الايجابي في تحريك المياه الراكدة في بحيرة الصمت مع نزيف فقد الارواح والممتلكات فى صراع تعمق الى نزاعات قبلية ، فقد اجتهد سيادته بكل طاقته في الوصول الي صلح بين كثير من القبائل من ضمنهم قبيلتي بني هلبا والقمر وتكللت الجهود بتوقيع وثيقة وقف العدائيات بين التعايشة والسلامات. وكانت زيارته مقرر لها خمسة ايام فقط الا انها امتدت زهاء العشرين يوما لحرصه علي حقن الدماء و اعادة العلاقات بين القبائل الي سابق عهدها ووصل سيادته مساعيه بالليل والنهار لجمع الصف واقناع الاطراف المتحاربه بالصلح ونبذ العنف ، فقد وفق في ذلك بقبول زعماء قبيلتي بني هليا والقمر لنداءاته ونداء الحكماء والاجاويد ، حيث شهدت قاعة الشهيد عبد الله التعايشي بنيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور حفل توقيع وثيقة الصلح بين القبيلتين والتي تجاوب معها الحاضرون بالتهليل والتكبير ، وتعانق زعيما القبيلتين في موقف مما بشر بمستقبل تسودة المودة والعودة الي العلاقات بين القبيلتين المتجاورتين الي ما كانت عليه من الاحترام وتبادل المصالح المشتركة والتصاهر والزواج . وقال السيد حسبو عقب توقيع وثيقة الصلح بين بني هلبا والقمر ان هذا الصلح استراتيجي ستنتقل بولاية جنوب دارفور من الاحتراب والاقتتال بطي الخلافات الي رحاب السلم والاستقرار خاصة وان هذه الوثيقة جاءت لتحافظ علي اواصر الاخوة وفتح صفحة جديدة في العلاقات بينهما . ودعا سيادته الي محاربة وطرد اللصوص وقاطعي الطرق والمتمردين من القبيلة بترك امرهم الي القانون الذي لا يعلو عليه احد ولا كبير علي القانون موجها الدعوة الي كل العشائر والقبائل بدارفور الي نبذ العنف والجهوية والقبلية وان تحذو القبائل الاخري حذو قبيلتي القمر وبين هلبا اللتان بالعزيمة والارادة تركتا المرارات والخلافات بينهما وقفلتا باب الشيطان . وعدد سيادته المصالح والقواسم المشتركة بين القبيلتين قائلا ان ما يجمع بينهما اكبر مما يفرقهما مؤكدا ان ماحدث كان ابتلاء وان المؤمينين مبتلون ولكن بالايمان واتباع اوامر الله ستتجاوز كل الابتلاءات مشيدا باستجابة القبيلتين الي صوت العقل داعيا القبيلتين الي تنفيذ ما ورد في الوثيقة والعمل علي تعزيز علاقات التعاون والاحترام بينهما موجها في الوقت نفسه الي تكوين الية للوقوف ميدانيا علي تنفيذ هذا الصلح وانزاله الي ارض الواقع وقال دعونا نعمل في القضايا الكبيرة والانتفاضة ضد الحرب واعلاء قيم السلام والاستفادة من الدروس والعبر و التفرغ الي الانتاج لازدهار الاقتصاد الوطني. من جانبه رحب السيد عبد الرحمن حمدالله ممثل وفد قبيلة القمر بوصول القبيلتين الي اتفاق سلام وقال طوينا ملف الخلافات والاقتتال وان ما حدث كان بسبب الشيطان وقد تصاهرنا منذ عشرات السنين وشاركنا في صناعة التاريخ فنؤكد لكل الحاضرين التزامنا بوثيقة الصلح ودعمنا اللامحدود لها ونؤكد ايضا تجاوزنا لكل المرارات والأحداث ونبشر بالصلح ليكون واقعا معاشا بيننا ونلتزم بالاحترام المتبادل . وقال ادم عبد الرحمن بشاري رئيس وفد بني هلبا "نؤكد اننا مع السلام وبقناعة تامة قبلنا بهذا الصلح الذي يعود بالقبيلتين الي سابق عهدهما ومن الان تعود العلاقات بيننا وانه التزام قطعناه مع الله ان لا رجعة للحرب مرة اخري".