من فضل الله على المسلمين تعاقب المواسم والتعرض للنفحات منه عز وجل كما جاء في الحديث "ألا إن لربكم في دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها"، و شهر رمضان هو موسم المتقين، ومتجر الصالحين ، والصوم عمل صالح عظيم ، وثوابه جزيل ولاسيما صوم رمضان ،فإنه الصوم الذي فرضه الله على عباده ، وجعله من أسباب الفوز لديه. ومن خصائصه ان للصائم المخلص باب من أبواب الجنة يدعى باب الريان ،عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان من أهل الصيام دعي من باب الريان) وقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله تعالى : (( كل عمل ابن آدم له ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي للصائم فرحتان ، فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)). فشهر رمضان شهر عظيم مبارك ، فهو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن ، شهر العتق والغفران ، شهر الصدقات والإحسان ، شهر تفتح فيه أبواب الجنات ، وتضاعف فيه الحسنات ، وتقال فيه العثرات ، شهر تجاب فيه الدعوات ، وترفع فيه الدرجات ، وتغفر فيه السيئات ، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات ، ويجزل فيه لأوليائه العطايا ، شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم . ومن أوجب الواجبات علينا ان نعظم هذا الشهر الكريم بالنية الصالحة والاجتهاد في حفظ صيامه وقيامه والمسابقة فيه إلى الخيرات ، والمبادرة فيه إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب والسيئات ، و التناصح فيما بيننا ، والتعاون على البر والتقوى ، والتواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى كل خير للفوز بالكرامة والأجر العظيم . وبالصيام يحصل المسلم على فوائد كثيرة وحكم عظيمة منها : تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الاخلاق السيئة والصفات الذميمة ، وتعويدها على الأخلاق الكريمة كالصبر والحلم والجود والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ، ويذكره بحاجة إخوانه الفقراء ومواساتهم والإحسان إليهم فيوجب له ذلك شكر الله سبحانه ، والاستعانة بنعمه على طاعته. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض فوائد الصوم في قوله صلى الله عليه وسلم : (( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )) . فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن الصوم وجاء للصائم ، ووسيلة لطهارته وعفافه ، وما ذاك إلا لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، والصوم يضيق تلك المجاري ويذكر بالله وعظمته ، فيضعف سلطان الشيطان ويقوى سلطان الإيمان وتكثر بسببه الطاعات من المؤمنين ، وتقل به المعاصي . ومن فوائد الصوم أيضاً : أنه يطهر البدن ويكسبه صحة وقوة ، اعترف بذلك الكثير من الأطباء وعالجوا به كثيراً من الأمراض . ومن باب التذكرة انه من أهم الأمور التي يجب على المسلم العناية بها والمحافظة عليها في رمضان وفي غيره الصلوات الخمس في أوقاتها ، فإنها عمود الإسلام واعظم الفرائض بعد الشهادتين ، وقد عظم الله شأنها وأكثر من ذكرها في كتابه العظيم فقال تعالى ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) سورة البقرة ، وقال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) سورة النور . نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يعين على الصيام والقيام وتلاوة القرآن ويتقبله من جميع المسلمين . ======