- يعتبر مرض الإيدز مرضا اجتماعيا أكثر من كونه عضويا و مكافحته مسؤولية تضامنية تتطلب تضافر كل الجهود للقضاء عليه . و ظل العالم على مدى ثلاثين عاما يركز على تغيير السلوكيات لكونها عنصرا رئيسيا لمكافحة وباء الإيدز عالميا ،ولكن هذا الأسلوب لم يحقق سوى نجاحا محدودا في الحد من إصابات الإيدز بالبلدان النامية .ويظهر الإخفاق جلياً في السيطرة عليه في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، التي تضم ثلثي حاملي الفيروس في العالم فضلا عن نصيب مماثل من الإصابات الجديدة بين البالغين. وتعتبر النساء والفتيات بشكل خاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالمرض، ويعود هذا إلى الفقر والجهل ،وغياب الوعي وكيفيه الوقاية منه إلى جانب ما يواجهه من تحديات بيولوجية واجتماعية واقتصادية الأمر الذي اقعد المنطقة عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية واسهم قي تدمير البنيات الاقتصادية والقوى الإنسانية. والايدز كظاهرة مرضية عالمية فإن إفريقيا جنوب الصحراء تعد أسوأ حالاً من غيرها من حيث انتشار المرض، إذ بلغ عدد المصابين بالفيروس 19 مليون، ومع أن نسبة الإصابة بالداء عالمياً تساوي 1.1% فإنها في أفريقيا جنوب الصحراء تساوي ثمانية أضعاف أي 8.8%، وفي 16 دولة من دول جنوب وشرق أفريقيا النسبة تبلغ 10% ، وبعض الدول نسبة الإصابة فيها عالية جداً، مثلاً في بتسوانا 30%. ويعد الإيدز مرضا مزمنا يشكل خطرا على الحياة، وهو ناجم عن فيروس (HIV) الذى يسبب قصورا وفشلا في الجهاز المناعي لدى البشر (فيروس نقص المناعة البشري / او: فيروس العوز المناعي البشري - HIV - ( Human Immunodeficiency Virus ) يصيب البشر ويستهدف جهاز المناعة فيضعفه ويفقد الجسم قدرته على محاربة ومقاومة الفيروسات، الجراثيم والفطريات من خلال إصابته للجهاز المناعي ليصبح الجسم عُرضة للإصابة بالالتهابات الانتهازية ويبلغ درجة متقدمة تسمى متلازمة نقص المناعة المكتسبة (Acquired Immune deficiency Syndrome ويختصر بال (AIDS) وبالحروف العربية ( الايدز) ، وتظهر الحالة المرضية في جسم المصاب في فترة تتراوح ما بين 2- 15 سنة ،و لا يوجد علاج ناجع له ولكن توجد بعض الأمصال التي يمكن أن تبطئ أثره القاتل وتجعل الشخص المصاب يقاوم المرض أطول فترة ممكنة ،وتدل الدراسات الإحصائية التي أجريت أن نسبة الإصابة ترتفع بين الشباب أي الأعمار ما بين (21-30) ثم في الأعمار ما بين (31- 40) ويعد هؤلاء قوام القوة العاملة والمستقبل. وفي السودان تصل نسبة المصابين بمرض نقص المناعة المكتسب "الأيدز" حاليا حوالي 24،% أي ما يعادل 79 ألف مصاب منهم 20 ألف في الخرطوم وتتركز معظم الإصابات بين الفئات المفتاحية ((بائعات الهوى والشواذ)) و تعتبر ناقلا أساسيا للفيروس . وفي إطار تجديد الالتزام السوداني تجاه قضية مكافحة الايدز قال وزير الصحة الاتحادي بحر ادريس ابوقردة في منبر /سونا /مؤخرا إنه توجد صعوبات وتحديات تعترض مسيرة المكافحة تتمثل في إزالة الوصمة وتغيير السلوك وتقديم الخدمات الوقائية والعلاج. وأوضح أن المؤشرات في علاج المتعايشين مع الإصابة ضعيفة، إضافة إلى ضعف نسبتي الحالات التي تصل إلى المراكز، والمتعايشين الذين ينتظمون في العلاج ،وأوضح أبوقردة وجود أكثر من 357 مركزاً يقدم خدمات لمنع الانتقال الرأسي من الحامل المصابة للجنين، و258 مركزاً لتقديم خدمات الإرشاد النفسي والفحص الطوعي، و36 مركزاً للعلاج المتكامل منتشرة بولايات السودان المختلفة. ولتزكية روح التضامن الاجتماعي والتخلص من وصمة الايدز وجعل المتعايش مع فيرس الايدز شخصا منتجا أعلنت وزارة الرعاية وفي إطار تدشين الحملة القومية للمكافحة الايدز مؤخرا عن مشروع لتمليك المتعايشين مع الفيروس في السودان مشاريع إنتاجية بالتعاون مع مؤسسات التمويل الأصغر العاملة في البلاد، ومنحهم بطاقات تأمين صحي مجانا ، حيث أكمل 60 من المتعايشين والمتعايشات دورات تدريبية في مشاريع التمويل الأصغر، وتم تخصيص قروض من بنك الإدخار والتنمية الاجتماعية بواقع ستة آلاف جنيه للمتعايش . ويقتضي القضاء على فيروس الايدز التحرك العاجل للتصدي لخطره الذي يهدد حياة الانسان في كل لحظة وكل مكان وذلك من خلال التوعية والتربية والتوجيه والتثقيف وتحسين نوعية الحياة للمتعايشين وتسهيل حصولهم علي الرعاية النفسية والدعم الاجتماعي والعلاج وازالة الوصمة من قبل المجتمع باستغلال كافة الوسائل المتاحة خاصة الاجهزة الاعلامية والمساجد والمؤسسات التعليمية والدعوية والروابط ومنظمات المجتمع المدنى.