- الإشعاع هو موجات تخترق الجسم على مستويات مختلفة فتؤثر في خلاياه على اختلاف أنواعها,ويتدرج مستوى التأثير باختلاف الموجات واختلاف الجرعة الإشعاعية من حيث التركيز وفترة التعرض لها. وينقسم الإشعاع إلى ثلاثة أنواع ، موجات ألفا وهى غير قادرة على اختراق الجسم البشرى وبالتالي فأثرها الضار شبه معدوم، موجات بيتا وهذه تخترق الطبقات السطحية للجسم,ولا يتعدى مداها عمق 2 سم ,وأثرها الضار قليل أما موجات جاما تسبب الأثر الضار للإشعاع لأنها تتخلل إلى أعماق الجسم فتؤثر على كافة أجهزته وفى مقدمتها النخاع العظمى والأعضاء التناسلية والجهاز العصبي. مواجهة مثل هذه المخاطر " مسئولية الجميع" ولا تستطيع أي جهة ان تقوم بهذه المهمة منفردة خاصة بعد تزايد الاستعمالات والأنشطة الإشعاعية فيما يتعلق بالجوانب الصحية والاقتصادية والعسكرية وذلك للتقليل من آثارها الضارة وحفظ سلامة المواطنين والممتلكات العامة إلى حين وصول الجهات المختصة في حالة الحوادث. ومع تزايد احتمالات وقوع الحوادث المشعة في الدول ومن بينها السودان مما يتطلب الاستعداد المبكر والاستجابة للطوارئ الإشعاعية فقد نظم الجهاز الوطني الرقابي على الأنشطة الإشعاعية والنووية دورة تدريبية في مجال الاستعداد والاستجابة للطوارئ للمستجيبين الأوائل أواخر فبراير الماضي بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والإدارة العامة للأدلة الجنائية بمباني التدريب برئاسة قوات الشرطة بشارع عبيد ختم بضاحية اركويت ، والتي تكمن أهميتها بعد توسع واردات السودان من مختلف دول العالم مما يزيد احتمالات تعرضها لمواد مشعة. وحضر الدورة مجموعة من المختصين في مجالات الأنشطة الإشعاعية والنووية ومنسوبي الشرطة من المباحث والأدلة الجنائية والدفاع المدني والمجال الطبي والإعلام. وتلقى المشاركون فيها عددا من المحاضرات عن الاستعداد لهذه المخاطر لتخفيف الإضرار التي تحدث وكيفية التصرف أثناء الحدث للتأمين الشخصي أولا ثم تقديم العون والمساعدة للمتواجدين من الأفراد ، وحماية المكان وما فيه من كائنات حية من التلوث الإشعاعي إلى جانب بعض التدريبات العملية لاستخدام الأجهزة والملابس الواقية ضد الإشعاع وتطبيق عملي لمنهج تكوين فريق عمل مشترك بقيادة موحدة من كل الأجهزة المعنية والمستجيبين الأوائل للتعامل مع حوادث التلوث الإشعاعي. السيد عيسى سامبو الخبير في وكالة الطاقة الذرية من نيجيريا شارك في الورشة بتقديم محاضرات عن المخاطر الذرية والإشعاعية وكيفية الحد من تلوث البيئة والأشخاص وجميع الكائنات الحية من أشجار وحيوانات جراء هذا الحوادث ، وقال في حديثه إنها المرة الثانية التي يزور فيها السودان للمشاركة في هذه الدورات وكانت الأولى في 2011 ، ويمضى بقوله المحاضرات والتطبيقات العملية التي شاركت بها كانت لتنوير المشاركين بهذه المخاطر وكيفية حماية أنفسهم أولا ولتأمين مساعدة الآخرين في حالة التصدي لحوادث الإشعاع وإنقاذهم وكيفية التنسيق بين مختلف الجهات المعنية الشرطة بأقسامها والدفاع المدني والإعلام بالاستجابة الأولى في حالة الطوارئ وحدوث المخاطر الإشعاعية للحد والتخفيف من هذه الأضرار. وأضاف " في نيجيريا نواجه الكثير من المخاطر تشمل الفيضانات السنوية وحوادث العنف من بعض الجماعات المسلحة ( بوكو حرام) وكذلك المهددات الإشعاعية والذرية ونسعى إلى وضع نهج متكامل للتصدي للكوارث ضمن الخطة القومية للبلاد" . وأوضح الخبير سامبو " ان الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة أفضل الطرق لزيادة وعى المواطنين بهذه المخاطر وكيفية التصدي لها ، و هناك اهتمام كبير في نيجيريا بهذا الجانب عبر دورات تدريبية تنظم كل عام لتدريب الإعلاميين على كيفية توصيل هذه المعلومات للمواطنين في قالب سهل ولغة بسيطة ومفهومة بعيدا عن المصطلحات العلمية الصعبة ، وأشار إلى تباين مقدرات الدول الإفريقية عموما فما بينها للتصدي لمخاطر التلوث الإشعاعي والذرى ، مؤكدا استعداد الوكالة الدولية للطاقة لدعم الدول الأعضاء بالعون الفني وفرص التدريب المتطور في هذا المجال. الخبير الدولي ومدير كلية الإطفاء بدولة سلوفينيا بوسط أوروبا السيد ميلان دوبرافك تحدث لوكالة السودان للأنباء عن مشاركته في الدورة التدريبية والتي استهدفت أعداد المستجيبين الأوائل للطوارئ الإشعاعية والتي قد تكون محدودة ، ولحسن الحظ نادرة الحدوث ولكن عند وقوعها ليس هناك متدربين للحد من مخاطرها وذلك لعدم المعرفة الجيدة لعلامات التلوث الإشعاعي أو لخوف المستجيبين الأوائل من التعرض لتأثيرها الضار والخطير. وأضاف " منذ عشر سنوات مضت بدأ برنامج خاص يطبق على نطاق العالم لتدريب المستجيبين الأوائل عن كيفية الاستجابة لمثل هذه الحوادث وكيفية التنسيق بين الأجهزة المعنية من شرطة وطاقم طبي وفرق إطفاء وأجهزة إعلامية على ارض الحدث والاهم من ذلك الالتزام بتوجيهات قائد المجموعة المتواجدة مكان الحدث للتقليل من الخسائر والسيطرة على الأوضاع بسرعة ما أمكن ذلك لأنها مشكلة تحدث في كل الدول. وأشار إلى ضرورة الحوجة إلى توفير التدريب الجيد للمستجيبين الأوائل في حالة المخاطر الإشعاعية والذرية وكذلك إلى زيادة وعى المواطنين عبر وسائل الإعلام المختلفة خاصة قبل وقوع الحدث بالحيطة والحذر في التعامل مع الأجهزة المشعة وبالطبع كيفية التعامل معها بعد وقوع الحوادث بسبب ان المعلومات الأساسية والأولية عن المخاطر الإشعاعية لا يدركها أو يستطيع التعرف عليها كل الناس، كما ان تدفق المعلومات في هذا الشأن من جهة غير متخصصة أو بصورة خاطئة قد يسبب ذعر وسط المواطنين. الخبير ميلان أشار إلى ان بلاده اصغر دولة في العالم وعدد السكان فيها حوالي 2 مليون إلا ان بها محطة كبيرة للطاقة النووية مما يجعلها في مقدمة الدول المهددة بحوادث الإشعاع وكذلك يمتد للدول المجاورة لها( النمسا والمجر) وأوضح الجهود التي تبذل كل عام لتدريب المستجيبين الأوائل وزيادة الوعي الجماهيري إضافة إلى تقوية معلومات الأجهزة الإعلامية عن هذه المخاطر عبر برامج تدريبية سنوية تنظم للإعلاميين لتوعية الأفراد في حالات الحوادث الإشعاعية والمساعدة في سرعة إخلاء المواطنين من مواقع الحوادث الإشعاعية . في منحى آخر، ذكر الخبير ميلان ان وكالة الطاقة الذرية توفر العديد من المساعدات الفنية عبر تنظيم برامج إعداد وتدريب المستجيبين الأوائل في حالات الطوارئ ، وكيفية إعداد الخطة القومية للطوارئ الإشعاعية ، التزويد بالمعدات اللازمة وان هناك خط مفتوح مع كل دول العالم لطلب العون والمساعدة عند وقوع الحوادث الإشعاعية بمنطقة ما ، تشمل إرسال المعدات والخبراء وإرسال المصابين للعلاج في مستشفيات متخصصة في إصابات الإشعاعات النووية والذرية ( فرنسا) . واثني الخبير الذي يزور السودان للمرة الثانية على طبيعة الشعب السوداني التي تتميز بالمرونة والانفتاح على الآخرين برحابة صدر وحسن استقبال للأجانب بصورة لا تتوافر في الدول الأخرى وأعلن عن تنظيم برامج تدريبية متقدمة للمستجيبين الأوائل والأجهزة المعنية لتجويد الأداء وزيادة الخبرة في هذا المجال. الإشعاع سلاح ذو حدين, فهو ليس دائما قاتل مدمر بل له استخداماته السلمية في الطب مثلا للفحص وعلاج الأورام ,وتعقيم الأشياء كغرف الجراحة وبعض الأدوات الجراحية والأغذية والأدوية. كما يمكن الحد من مخاطر الإشعاع بتوفير الملابس والأحذية الواقية للعاملين المتعاملين مع الإشعاع وإلزامهم بارتدائها في أماكن العمل وإجراء فحوص دورية للعاملين للتأكد من عدم تجاوزها للحدود المسموح بها من قبل منظمة الصحة العالمية. أن تنظيف الدول المتضررة بالإشعاع يحتاج إلى جهد عالمي كبير يتجاوز المليارات لأن آثار التلوث البيئي بالإشعاع تمتد إلى آلاف السنين.