- تتعطر ليالي السودان هذه الأيام بأريج الذكر ومدح الرسول المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، واحتفاء بذكرى مولده الذي يوافق شهر ربيع الأول من كل عام حيث تتجدد المعاني التي حملتها الرسالة وذلك عبر تداعى أهل السودان للاحتفالات التي يقود ركبها أهل الطرق الصوفية بالبلاد على مختلف مشاربهم حيث يضربون لها السرادق المزدانة براياتهم المميزة في الساحات والمساجد وخلاوي القرآن ويثرونها بمختلف ضروب الذكر والمديح والإنشاد التي تعرض السيرة العطرة ومبادئها السمحاء عبر قوالب عديدة ترضى الجميع . فالفرح بالمناسبة المتفردة مطلوب وقد دعا الله سبحانه وتعالى إلى الفرح ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليهوسلمد ذلك أن مبعثه رحمة للعالمين فقد أتت رسالة الإسلام تترى في ختام رسالات عديدة وأنبياء أرسلهم الله تعالى لهداية الناس لطريق الحق منذ أن نزل سيدنا ادم إلى الأرض خليفة له وذلك لان الخالق لم يترك الناس سدى من غير إرشاد فهو رحمن رحيم عليم حكيم يريد لهم الهداية ونهج الصراط المستقيم من اجل السعادة في الدنيا والآخرة . الزائر لاحتفالات المولد النبوي الشريف بعاصمة البلاد الخرطوم تمتلكه الغبطة وهو يرى الناس مقبلين عليها زرافات ووحدانا يستبشرون بنفحات ليال شرفت بتسبيح وتهليل وتحميد الله ، والصلاة والسلام على رسوله النبي الأمي وآل بيته الأطهار فالساحات تم إعدادها بصورة جميلة والعلماء يملئونها قصصا وعبرا عن سيرة المصطفى والمنشدون تعلو أصواتهم باسم خير الورى معددين المآثر والصفات الجميلة ، والمادحون يضربون الطبول ويتمايلون فرحا بذكرهم شمائله الحميدة ، لم لا وهو الذي جعل الله فيه كمال كل شئ خلقا وأخلاقا قدوة للناس نشرا للفضيلة ومكارم الأخلاق طهرا ونقاء ونبذا لكل سيئ من الأخلاق والأعمال . القائمون على أمر الاحتفالات من مختلف قطاعات المجتمع ابرزوا سنته تطبيقا ابتغاء لوجه الله تعالى ومساهمة في خدمة مجتمعهم بدعوتهم لهم إلى الرشف من المنهل العذب المتمثل في القرآن والسنة فترى الكرم الفياض ، فهم يحرصون على تغذية الروح والبدن في هذه الليالي الشتوية الجميلة فيقدمون أطباق الشاي والحلوى ويدعونك للجلوس والاستماع لهم فهم يريدون الخير لكل الناس فقد ذاقوا السعادة والفرح وعرفوا طريقها لذا ترى الحرص باد على وجوههم شيوخا ومريدين وأحباب ، فأنفاسهم العطرة وطيب كلامهم جذب إليهم الناس وجعلهم يثنون على ما يقدمون فما ينهلون منه معين دفاق حلو متجدد. فالأمة الإسلامية امة متصلة بما سبق فسيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم جاء خاتما للرسالات السماوية مجددا لتوحيد الله فختم الله ببعثته الرسالات لأهل الأرض وظل نوره منذ ولادته بمكة ساطعا هاديا للناس سبل الرشاد، وتحظى مكةالمكرمة وبيت الله الحرام بقدسية عظيمة عند المسلمين فهم يقصدون تلك الديار حجاجا ومعتمرين ، كما تشرفت بهجرته المدينةالمنورة وصار المسلمون يسافرون إليها كلما وصلوا ارض الحرمين لأداء مناسكهم فيزورون قبره والروضة الشريفة التي تجد ذكرها كثيرا في أشعار مادحي الرسول الأعظم صلوات ربى وسلامه عليه وآله. الشيخ العالم محمد صفوت جعفر المسؤول الدولي للتدريس والتأليف والترجمة بالطريقة البرهانية قال (لسونا) إن الاحتفال بمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم جاء عملا بالآية الكريمة (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) مستعرضا فرح صحابة رسول الله به في السنة النبوية حيث كان اشد أيامهم فرحا هو يوم دخوله المدينةالمنورة التي دخلها يوم مولده ووصف سيدنا عامر بن فهيرة فرح أهل المدينة بدخول رسول الله لها (( قدمنا المدينة ليلا فأضاء منها كل شيء )) وخرجت ذوات الخدور وصعدن أسطح الدور يضربن الدفوف ينشدن طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ، واصطف الأوس والخزرج وقدموا للرسول وصاحبيه ثلاثة خيول قائلين " اركب أنت وصاحبيك امنين " . وأضاف الشيخ صفوت (لسونا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حث ودعا لإتباع القرآن و السنة ، مؤكدا أن الاحتفال بمولده يأتي إتباعا له ، مضيفا إذا كان البعض يرى أن هناك مظهرا للاختلاط خلال الاحتفالات فان الانضباط مطلوب في كل مناحي الحياة.