- يعد التعدين العشوائي عن الذهب باستخدام الزئبق من المشاكل الخطيرة التي تواجه البيئة والبشر لما يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة ، ويعد الزئبق من العناصر السامة التي تؤدي إلى تأثيرات بيئية سالبة ، سواء على مستوى الإنسان والحيوان أو النبات وتظهر هذه المشكلة بوضوح في محيط استخراج الذهب بالطرق التقليدية في العديد من البلدان. ولا يعرف من الذي اكتشف الزئبق على وجه الدقة ، ولكنه كان معروفا لدى القدماء المصريين والصينيين والهندوس والإغريق والرومان. ولقد سمي في الأساطير الرومانية القديمة (بساعي الآلهة السريع). وكلمة الزئبق معرب زايوه الفارسية ،و سمي أيضا الزاووق وضرب به المثل في الثقل وقد ذكره البيروني في كتابه في معرفة الجواهر وخصص له قسما. ويعتبر جسم الإنسان شديد الحساسية تجاه مادة الزئبق حيث يتراكم في الدماغ و يتسبب في تدمير الجهاز العصبي. لذلك ينصح المختصون بتجنب ملامسة الزئبق وحمله في اليد ، وكذلك ينصح بتجنب الاقتراب منه لتفادي استنشاق بخار الزئبق حيث أنه سريع التبخر. ويشكل الزئبق أكبر ملوث لمياه المحيطات, البحار, الأنهار, والبحيرات ، والغريب في الأمر أن جزءا كبيرا من هذا التلوث يأتي من الطبيعة نفسها وليس من المخلفات الصناعية. فسنوياً تطرح الطبيعة ما يقدره بعض المختصين بين 4000 وَ 10000 طن من الزئبق في البحار, أي ما يعادل 40 % يأتي من مسببات طبيعية مثل البراكين والنحت الطبيعي للصخور المتضمنة للزئبق والباقي من المخلفات الصناعية وخصوصاً حرق القمامة واستهلاك الفحم الحجري وصنع الاسمنت ومحطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، و التعدين التقليدي للذهب . والزئبق مثله مثل الماء يتبخر وينتشر مع الهواء وقد يتسرب ويصل إلى أماكن بعيدة جداً ، لكنه في النهاية يترسب في البحار والبحيرات والأنهار ، وهنا تكمن المشكلة لأن الأسماك تمتص هذا الفلز ليتخزن في جسمها ، ويوجد بأشكال مختلفة كعنصر (أو معدن) ولا عضوي (مثل كلوريد الزئبق) وعضوي (مثل ميثيل وإيثيل الزئبق)، وجميعها لها آثار سامة مختلفة؛ بما في ذلك على الجهاز العصبي والجهاز الهضمي وجهاز المناعة، وعلى الرئتين والكلى والجلد والعينين. وهنالك أكثر من عشرة ملايين من عمال المناجم الصغيرة الحجم في جميع أنحاء العالم في أماكن استخدام الزئبق لاستخراج الذهب، وبالتالي الإفراج عن كميات كبيرة من العنصر السام في البيئة. وتستخدم مادة الزئبق في التعدين الأهلي في السودان من دون دراية كافية بمخاطره لدى مستخدميها من المعدّنين والتجار ، إذ يباع في السوق من دون أيّ ضوابط أو إجراءات السلامة اللازمة . وتنتشر عمليات التنقيب العشوائي في العديد من ولايات السودان أهمها ولاية نهر النيل بمحليات (بربر، أبو حمد، سيدون)، وفي مناطق (العبيدية، وادي الحمار، وادي السنقير، وادي العشار، أم طرابيش، الشريك، النجيم، الكرو)، وفي ولاية البحر الأحمر في محليات (هيا، قنب والأوليب، دورديب)، في مناطق (بهوره، وادي أمور، قبقبا، تجنة، بريتك، وادي الدربكان، بركاتيب). وفي ولاية النيل الأزرق في مناطق (جام، باو، دير نق، الكرمك، جبال بني شنقول، جبل كربة، بلقوة)، وفي ولاية جنوب كردفان بمحلية أبو جبيهة في مناطق (جبال الترتر، ووكره، والجديد أبو نواره)، وفي ولاية شمال كردفان بمحلية جبرة الشيخ بمنطقة (الصافية) تم اكتشافها في 1996. وفي ولاية القضارف بمحلية قلع النحل، وفي ولاية الجزيرة منطقة أبو دليق" ، ومعظم الحوادث التي تحدث في تلك المناطق نتيجة للتنقيب العشوائي بآبار الذهب" وانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون ، نسبة لممارسات غير سليمة داخل آبار التنقيب ونفاد غاز الأكسجين في قاع البئر حيث يتسبب في حالات الاختناق التي يتعرض لها المنقبون إضافة للانهيارات التي تحدث في الآبار وصولا إلى استخدام الزئبق في تجميع الذهب الذي يؤدي إلى العديد من المخاطر الصحية . ونسبة لأهمية إتباع الأسس العلمية والبيئية في مجالات التصنيع والتنقيب عن الذهب وتجنب استخدام الزئبق لخطورته وسرعة انتشار سمومه مما يؤثر علي البيئة والإنسان ، قال وزير البيئة إن السودان قد وقّع مع عدد من الدول علي اتفاقية ميناماتا لإيجاد بدائل للزئبق بحلول عام 2020 ، وان هناك لجنة تقوم بإعداد الخطة الوطنية في هذا الشأن بتمويل من اليونيدو بمبلغ 200 ألف دولار ليرتفع بعد إعداد الخطة إلي خمسة ملايين دولار. ويسعى السودان إلى إيجاد بديل لاستخدامات الزئبق عبر مادة البوراكس المائي. وهي مادة بديلة للزئبق تستخدم في مجال التعدين التقليدي للذهب ، وهى "بورات الصوديوم" وهي الأملاح المعدنية القلوية. ويُعتبر من العناصر الطبيعية . ووفقا للخبير البيئي د. حسن سآتي في المنتدى البيئي الدوري ، فقد دعا المعدنين التقليديين إلى إحداث شراكات واستخدام وسائل علمية عند استخلاص الذهب والاستفادة من مراكز البحوث والمؤسسات الأكاديمية في مجال التعدين ، منبها إلى خطورة استخدام الزئبق ، وقال إن الوضع يحتاج الآن إلى تدخل الدولة لتنظيم التعدين التقليدى ، داعيا الشركات الكبرى إلى القيام بالمسئولية المجتمعية تجاه المناطق التي يتم فيها التنقيب.