كتب- سعيد الطيب عبدالرازق دارفور قطعةغالية سودانية ,مترعة بالخير , غنية بالايمان وتعتبر اكثر المناطق فى العالم حفظا للقرأن , استعصت على الاستعمار لانجليزى الذى دخلها بعد ثمانية عشر عاما مذ موقعة كررى , لاتوجد يها كنيسة واحدة قط , ولكل ذلك وضعها الغرب العالمى منطقة مقاومة لمدهم الحضارى وبالتالى وضعوا الخطط الجهنمية (قنابل موقوته) لتنفجر فى ازمان معينة ,لتحدث مثلما حدث منذ 2003م حينما استطاع الاعلام الاجنبى تصوير النزاعات الموسمية فى دارفور والتى تقع بين الرعاة المتنقلين والزراع الثابتين بأنه ازمة ومشكلة وصراع , ومن ثم دعوا سائر المنظمات ان تأتى لدارفور لتقديم المساعدات الانسانية وليس غير ذلك , ولكن اتضح باطن الامر ليس ظاهره فى التعاطى مع انسان دارفور . والمعلوم ان منظمات المجتمع المدنى تطلع عادة باعمال انسانية متعددة تساعد بها الحكومات حينما تحل كارثة طبيعية (سيول فيضانات براكين جفاف وتصحر وامراض معدية ) او انسانية (حروبات) وتقوم باعمال ميدانية وسط المواطنين , ويسمى مثل هذا الفعل عمل انسانى سامى الاهداف , الا انه احيانا كثيرة يرتبط ببعض الاجندة التى تنفذها بعض او معظم تلك المنظمات . ومنذ نشؤ مشكل دارفور حلت ما لا يقل عن (130) منظمة أوروبية بعضها له أجندات مختلفة وتمثل واجهات لأجهزة الاستخبارات الغربية وأشبه بجيش متقدم لغزو السودان عبر نقل بيانات عن الساحة السودانية وبث دعايات باطلة بين السودانيين والعالم . وتقول مصادر سودانية شبه رسمية أن حوالي ( 22 ) منظمة من هذه المنظمات الغربية ذات خلفيات صهيونية وإداراتها وتمويلها صهيوني ومقارها تتوزع ما بين نيويورك وواشنطن وبعض دول أوروبا . وآخر هذه الأدوار المشبوهة لها كانت تصعيد أزمة دارفور وتضخيمها بالزعم أن قتلي دارفور (200 ) ألف في حين أنهم لا يزيدون عن (10 ) آلاف قتلوا في صراعات بين الميليشيات القبلية ، ونقل معلومات مشوهة للمحكمة الجنائية الدولية بغرض استخدامها كعصا ضد الخرطوم . والحقيقة أن هذا الدور المشبوه لهذه المنظمات معروف في السودان منذ سنوات ومثار بشكل علني ، ومنه استئثار هذه المنظمات بقرابة 90% من الميزانيات المخصصة لها في هيئة رواتب ومزايا لأعضائها والباقي معونات للسودانيين , ولكن الصادق المهدي رئيس الوزراء الأسبق اشار في ندوةٍ حول (سر التدخل الأجنبي والاهتمام الأوروبي بما يجري في السودان) في الخرطوم عام 2004م، حينما كشف بأن : "هناك 21 مطبخًا أوروبيًا وأمريكيًا (يقصد الحكومات) - ليس من بينها مطبخ عربي واحد- تهتم بقضية السودان وتعد له الطبيخ المناسب له من وجهة نظرها، وأن السودان أصبح قضية داخلية في العديد من برلمانات البلدان الأوروبية مثل هولندا وألمانيا، وتفتتح جلسات البرلمانات هناك بالحديث عنه قبل الشئون الداخلية؛ لأن الكنائس والمنظمات التطوعية التي تعني بالإغاثة هناك تؤثر على الرأي العام الداخلي بشكل كبير ". وعندما ظهرت قضية دارفور لأول مرة عام 2003م بواسطة الاعلام الدولى , كانت هذه المنظمات هي أول من أثارها في برلمانات الدول الغربية وصعدتها إعلاميا وبدأت تضخمها حتي أصبحت قضية انتخابية في أوروبا وامريكا !.ووصل الأمر على الطرف الأوروبي إلى حدِّ دعوة رئيس اللجنة العسكرية في الاتحاد الأوروبي الجنرال الفنلندي جوستاف هاجلان في أبريل من العام 2004م إلى إرسال قوة عسكرية أوروبية للتدخل في إقليم دارفور، وقول المتحدثة باسم منسق السياسة الخارجية والدفاعية في الاتحاد الأوروبي في 14 أبريل 2004م: إنه ليس للاتحاد الأوروبي مشروع ملموس جاهز للتدخل في إقليم دارفور المضطرب بغرب السودان, ثم التقط الخيط مسؤولو إدارة أوباما الأمريكية حينما تولوا زمام السلطة فى امريكا قبل ثمانية اعوام وبدأوا الحديث عن حظر جوي فوق دارفور ، وتدخل عسكري ، وخطف البشير ، وأخيرا طرحوا - وفق سيناريو "عرقنة السودان" - فكرة النفط مقابل الغذاء في دارفور ، أي حرمان الخرطوم من بيع نفطها وحصار موانيها وتحصيل ثمنه وتوزيعه بمعرفة الغرب علي أهل السودان !! واللافت أن الدعاية لعبت دورًا مرسومًا لها في الترويج لأباطيل حول الإبادة الجماعية في دارفور والتطهير العرقي ، رغم أن إحصاء لأعضاء لجنة الإغاثة الطبية المصرية الذين زاروا دارفور عام 2004 لحظة تصعيد الأزمة قالوا ل "المجتمع" إن عدد القتلى في دارفور نتيجة صراعات قبلية ألفين فقط وليس 30 ألفًا كما تروج المنظمات التنصيرية ، ثم فجأة ارتفع العدد بواسطة هذه المنظمات الغربية إلى 200 ألف قتيل وقبل ثمانية اعوام تم طرد13 من المنظمات من السودان لا تتجاوز نسبة "10%" فقط من مجموع المنظمات الأجنبية التطوعية التي تعني بالإغاثة في أوروبا وتؤثر على الرأي العام الداخلي بشكل كبير عبر البرلمانات وهي التي أدخلت دارفور حلبة السياسة وهذه المنظمات ال(13) التي تم طردها من السودان لدورها في إمداد المحكمة الجنائية بمعلومات كاذبة عن السودان ولعبها أدوارا خفية لا تتجاوز نسبة 10% فقط من مجموع المنظمات الأجنبية، وكان أمرا مستغبرا أن بعضها مثل منظمة (التضامن الفرنسية - سولدرتي) قامت بحرق أجهزة الكمبيوتر الثابتة والمحمولة "لاب توب" التابعة لها بعد صدور قرار إبعادها من السودان مباشرة، الأمر الذي فسرت مصادر سودانية بأنه دليل علي وجود معلومات إستخبارية داخل هذه الأجهزة المحروقة رغم أن المنظمة اعتبرته إجراءا عادياً دأبت عليه عند مغادرة الأقطار التي تعمل بها !. والحقيقة أن السر الحقيقي لإلقاء الأوروبيين ثِقلهم وراء المخططات الأمريكية للتدخل في شؤون السودان ودارفور والضغط لانفصالها عائدٌ إلى الدور الذي تلعبه منظمات الإغاثة التنصيرية الغربية هناك، والتي لها أجندة مرتبطة بالاستخبارات الأوروبية والأمريكية، فضلاً عن المصالح المضمونة في احتياطي السودان النفطي . وقد أشار لدور هذه المنظمات التنصيرية المستشار السياسي السابق لرئيس الجمهورية قطبي المهدي لدور المنظمات واتهمها بإشعال الفتنة في جنوب السودان وجبال النوبة وشرق السودان، وقال: إنها سعت إلى فتنة في دارفور. وقد كشفت موجة انشقاقات وقعت داخل حركة العدل والمساواة، إحدى حركات التمرد في دارفورعن تدخل منظماتٍ تنصيريةٍ كبرى أبرزها منظمة (التضامن المسيحي) التي تديرها نائبة مجلس اللوردات البريطاني "البارونة كوكس" ذات العلاقة الوثيقة بالمخابرات البريطانية والأمريكية، وقد أكد الدكتور كمال عبيد (وزير الدولة بالإعلام والاتصالات) فى ذلك الوقت أن كافة المنظمات التي تم طردها تلعب دوراً استخباراتياً مرفوضاً في السودان وقال أن ما قدمته هذه المنظمات لمواطني دارفور يمكن أن تقوم به المنظمات الوطنية بكل سهولة ويسر. ومن أبرز هذه المخالفات والتجاوزات التي تم رصدها لمنظمات الإغاثة الغربية تعدد أشكال الدعم والمساندة والتعاون مع محكمة الجنائيات الدولية من قبل المنظمات الطوعية العالمية العاملة بالسودان ، وتحولت مهمتها (الإنسانية) لغطاءً لتنفيذ أجندتها الخفية وساتراً لبركة وتوفير المعلومات الكاذبة عن انتهاكات حقوق الإنسان والترحيل القسري والإبادة الجماعية والاغتصاب وجرائم الحرب ودعوة المجتمع الدولي للتدخل بدارفور. ونذكر هذه المنظمات المطرودة وهى لجنة الإنقاذ الدولية IRCوالتى وقعت مذكرة تعاون مع المحكمة الجنائية الدولية عام 2005م لمدها بالمعلومات والوثائق والشهود وتوفير الحماية للشهود بالتنسيق مع بعثة الأممالمتحدة بالسودان . ومنظمة (كير العالمية الأمريكية) التى أعدت تقارير أمنية عبارة عن رصد أمني وعسكري واتهامات للحكومة بقصف المدنيين بالقرى الواقعة بولاية شمال دارفور. ومنظمة ( العمل ضد الجوع الفرنسية ACF) وتعتبر المنظمة واجهة استخبارية ، وقد أعدت تقارير معلومات استخبارية منها خطاب تم ضبطه يشير إلى أن منطقة أم الخيرات بدارفور تم ضربها بواسطة قوات الجنجويد في 5/12/2004م وتم فتح بلاغ جنائي ضد المنظمة وقدمت اعتذار عن ذلك وادعت أنها أجرت تحقيق عن كتابة المعلومات على ورقها وختمه بختمها ولم تتوصل لنتائج ! وهناك منظمة (التضامن الفرنسية) والذى أجري راديو فرنسا لقاء مطولا مع مديرها عقب عودته من دارفور ادعى فيها أن الجنجويد يواصلون هجماتهم واعتداءاتهم على قبائل الزغاوة وأن هنالك إبادة جماعية وأن الحكومة السودانية تدعم المليشيات العربية وأن الحرب لن تتوقف . ومنظمة (مرسي كورب الأمريكية) التى قامت بأدوار استخبارية في منطقة (أبيي) المتنازع عليها بين شمال وجنوب السودان ، لخلق الفتنة بين سكان أبيي من قبائل الدينكا (الأفريقية) والمسيرية (العربية) والتحيز وتحريض أبناء الدينكا لخلق فوضى بالمنطقة وإيهامهم بأنهم أصحاب المنطقة والبترول وعليهم سد الفراغ الإداري واستغلال الوضع . ومنظمة (أطباء بلا حدود الهولندية) التى نشرت فى اكتوبر 2004م تقريراً عن القتل الجماعي في دارفور وأن الحكومة السودانية تمارس القتل الجماعي (الإبادة الجماعية) تجاه المدنيين بواسطة مليشيات الجنجويد الموالين للحكومة وأن المدنيين لا يجدون مكان آمن للجوء إليه. و (مؤسسة التمويل والتعاون الأمريكية CHF) التى درجت على جمع مجموعات من النساء داخل مقرها بولاية شمال دارفور وتلقينهم ادعاءات عن تعرضهن للاغتصاب والعنف الجنسي من قبل القوات الحكومية ومليشيات الجنجويد وأن قراهم حرقت وقتل رجالهم وأطفالهم وذلك أثناء زيارات المسؤولين الدوليين للمعسكرات بالفاشر وفي زيارة (يان إيفلاند) مساعد الأمين للشؤون الإنسانية منعوا وزير الدولة بالشؤون الإنسانية المرافق له من الدخول. ومنظمة (إنقاذ الطفولة البريطانية) التى اصدرت في نوفمبر 2002م بيان حول الأوضاع الأمنية في ولاية شمال دارفور (طويلة) أدعت فيه أن طائرات حربية حكومية قصفت مواقع لا تبعد سواء (50) متراً عن مركز توزيع الأغذية وأنها أحالت موظفيها لرئاستها بالفاشر رغم عدم حدوث معارك في تلك الأيام. ومنظمة (المجلس النرويجي للاجئين NRC) والتى عملت المنظمة على تجنيد عدد من المشايخ والشباب والنساء داخل معسكر (كلمة) وعملت على دفع رواتب شهرية تقدر ب(50) ألف دينار شهري للفرد ومهمة هؤلاء المجندين هي جمع معلومات أمنية وسياسية وعسكرية واجتماعية ترفع من خلالها المنظمة تقرير يومي لرئاستها. عمل المنظمات الطوعية لم يكن كله عملا غير صالح فثمة منظمات ومؤسسات كانت موضوعية في تقييمها للأحداث بدارفور وأبدت تفهما عاليا خاليا من الضغوط وابرز تلك الامثلة منظمة (اطباء بلا حدود الفرنسية ) حيث اعلنت المنظمة الفرنسية في تصريحات صحفية نشرت فى يوليو 2004م وعلى لسان مسئول بارز بها (تيري دوفارجيه) ان استخدام تعبيرات ليست فى محلها - يشير لدعوى وجود ابادة ان ما يحدث فى دارفور ( ليس ابادة ) وحذر المسئول بأطباء بلا حدود من أن الإصرار على وصف الوضع القائم بأنه أعمال إبادة جماعية سيلحق الضرر بعمليات الإغاثة ولن يدفعها للأمام". وفى ذات المنحى جاءت شهادة الدكتور حسين الجزايرلى المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية أثناء زيارة له إلى مدينة الجنينة فى ذلك الوقت (التقارير المرفوعة من قبل العاملين بالمنظمة لم تتحدث بأي شكل من الأشكال عن حدوث تطهير عرقي أو أعمال إبادة جماعية أو اغتصاب جماعي للنساء، كما تقول منظمات حقوق الإنسان الغربية".وأوضح الجزايرلى أن "المشكلة الأساسية التي أمامنا الآن هي مشكلة إنسانية بسبب الوضع الصحي للنازحين"، مضيفا أن "الوضع في دارفور لا يختلف كثيرا عن باقي أنحاء السودان التي تعاني من مشكلة تنموية، مثلها مثل باقي أرجاء القارة الإفريقية".وقال: "هناك جهات سياسية تريد أن تدين السودان بأي شيء وليس أمامها غير الادعاءات بوجود أعمال إبادة جماعية وتطهير عرقي في دارفور". شهادات طبية : كذلك أكد الدكتور منصور حسن مسئول قافلة الإغاثة الطبية التابعة لنقابة الأطباء المصرية التي أرسلت لدارفور في يوليو 2004 أنه "لا يمكن إنكار الوضع المأساوي في الإقليم، لكن ما يشاع من اغتصاب منظم للنساء وأعمال إبادة جماعية هو من قبيل المحاولات الغربية لإدانة الحكومة السودانية". واليوم وبعد اجراء الاستفتاء الادارى بدارفور واختيار الوضع الامثل لشكل الحكم المحلى (ولايات) , وانضمام حركات مسلحة كثيرة الى مسيرة الحوار الوطنى والتفاوض البناء والتواضع على ان السلام والحوار سبيلان للوصول الى استقرار واطمئنان , بعد كل تلك التطورات السياسية يبدو المشهد الدارفورى لايحتاج الى ما تبقى من تلك المنظمات سوى المنظمات المعنية بالاسعافات الطبية (الهلال والصليب الاحمر) فقط .