يتصور ويتخيل الكثيرون الحزام أو السياج الأخضر الأفريقي الكبير، كحائط يتألف من أشجار مزروعة ومتراصة في شكل حزام طويل في منطقة السهل الأفريقي الذي يمتد من شرق إلى غرب القارة شاملا البلاد، وهو خيال يبتعد كثيراً عن الواقع الحال كما يقول أحد خبراء الغابات الذين شاركوا في وضع خطة تنفيذه في البلاد. ويصف خبير الدراسات البيئية والغابات واستاذ الغابات بجامعة بحري بروفسير طلعت دفع الله عبد الماجد مبادرة الحزام الأخضر أو ما يعرف بالسياج الأخضر الأفريقي العظيم بأنها " سلسلة من الأعمال لتخطيط الأراضي والتنمية المتكاملة" . ويبين أنه عند اقتراح المبادرة الخاصة بالسياج الاخضر كانت الفكرة هي عبارة عن قيام صفوف من الاشجار بعرض 15 كيلو متر وبطول 7.62 ألف كيلو متر لوقف التصحر . وبعد التوقيع على المعاهدة وقيام الجهاز التنفيذي والاتصال بالمنظمات وبيوتات الخبرة تم تغيير فكرة الحزام الشجري وصار حزمة كاملة للتنمية الريفية ومشروعاً ومرتبطاً بكل انشطة الحياة والسكان والحيوان. ويضم السياج كما يوضح، الاحزمة الشجرية والزراعة البينية وحماية المحميات الطبيعية والتنوع الاحيائي وحصاد المياه وحماية المراعي والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية والغابات واعادة تاهيل الأراضي المتدهورة والتشجير واعادة التشجير وتقليل حدة الفقر ومناهضة العطالة. ويبلغ طول السياج الاخضر الكبير 7.62 ألف كيلو متر ممتداً من داكار غرباً وحتى جيبوتي شرقاً ويضم 11 دولة وهي (السنغال- موريتانيا - مالي - بوركاينافاسو - النيجر- نيجيريا - تشاد - السودان - اريتريا - اثيوبيا -وجيبوتي) كما يبلغ عرضه 15 كيلو متر ويعتبر السودان من اكبر الدول التي يمر بها الحزام إذا يبلغ طوله 1520 كيلومتر. ويوضح بروفسور طلعت الذي شارك في وضع خطة البلاد لتنفيذ مبادرة الحزام في السودان مع الخبير الدولي دولي الأفريقي بروف لاروانو محمد (Prof Larwanou Mahamane) من المنتدي الافريقي للغابات، وبتمويل من منظمة الأغذية والزراعة العالمية (فاو). حيث تم إنجازها في آخر يوليو 2016م، أن هذه الأعمال تشمل مجموعة من الإجراءات والتدخلات لقطاعات متعددة ومتداخلة لحفظها وحمايتها، والإدارة المستدامة لها واستعادة الموارد الطبيعية والنظم الإيكولوجية وبأهداف مرتبطة لتحقيق التنمية المستدامة، وبخاصة الحد من الفقر. وتعني تغطىة منطقة معينة وبخاصة اراضى القري وبشكل أساسي من نباتات ذات الطبيعة الزراعية الغابية الرعوية وهيكلتها باعتبارها استثمارا طويل الاجل بهدف مكافحة التصحر والعمل نحو الحماية والانتاج ودمج أو خلق التآزر مع برامج التنمية الزراعية والاقتصادية والاجتماعية على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية و دعم انشطة بديلة لاستغلال الموارد الطبيعية مثل التجارة والنقل والطاقة وغيرها من انشطة توليد الدخل . وبحسب خطة العمل، فمن الممكن تصميم لوحة من الاشكال المختلفة من نظم استخدام الأراضي المتكاملة التي تحتوي على الاشجار كجزء لا يتجزأ مثل الزراعة المختلطة بالغابات، التي تغطي مساحة واسعة نسبيا، وتتألف من شبكة من الأسوار الخضراء الصغيرة أو مساحات مختلفة الاشكال التي أنشئت في الأماكن حيث الحاجة الأكثر إلحاحا. ويتمثل الهدف العام للجدار الأخضر الكبير في المساهمة في منع ومكافحة التصحر وتنمية بطريقة متكاملة تدهور المناطق من خلال الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية ومكافحة الفقر .و على جه التحديد،على المدى القصير والمتوسط، حفظ واستعادة وتعزيز التنوع البيولوجي والتربة، تنويع أنظمة التشغيل، تلبية الاحتياجات المحلية وزيادة الإيرادات من خلال تشجيع الأنشطة المدرة للدخل تحسين وتركيب البنية التحتية الاجتماعية الأساسية. وعلى المدى الطويل تحسين قدرات احتباس الكربون في النباتات والتربة والهجرة العكسية إلى المناطق المستعادة وتحسين الظروف المعيشية للمجتمعات المحلية. وفي السودان فإن الجدار الأخضر الكبير لمبادرة الساحل والصحراء ينطوي على تنمية المجتمعات المحلية من خلال إنشاء نهج مبتكرة وشاملة للتناغم في الأعمال في مجال مكافحة التصحر واستصلاح الأراضي والحفاظ على التنوع البيولوجي والتنمية الزراعية والغابية والرعوية ونظم الإنتاج المستدامة، وتطوير البنية التحتية الاجتماعية الاقتصادية وخلق الثروة من خلال الأنشطة المدرة للدخل من أجل المساهمة في الأمن الغذائي المستقر واستعادة النمو الاقتصادي المستدام. وتقع مناطق تدخل الجدار الأخضر الكبير في السودان في ست ولايات التي تتأثر بشدة من الجفاف والتصحر والتي تحتاج إلى تحسين سبل العيش للمجتمعات المحلية ان خطة تنفيذ المشروع في السودان ستشمل ست ولايات هي شمال كردفان وشمال دارفور ونهر النيل والشمالية وكسلا والخرطوم وجميعها معدل الامطار يتراوح فيها ما بين صفر إلى 400 ملم أي أنها الولايات الأكثر تأثرا بالتصحر في السودان. تهدف خطة العمل السودانية، على ترجمة إرادة الحكومة لتنسيق السياسات والاستراتيجيات القطاعية في إطار التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة جنبا إلى جنب مع الرقابة والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية ومكافحة الفقر، وفي الوقت نفسه، الرغبة في التكيف مع التغيرات الدولية والإقليمية والوطنية. ويقول بروفسور طلعت: الخطة تعمل علي تمكين اختيار وتنفيذ الإجراءات الهيكلية والمنسقة ذات الأولوية القصيرة والطويلة الأجل من السياج الاخضر العظيم التي تستند في المقام الأول على إعمال الأنشطة الميدانية على امتداد الولايات المستهدفة في السودان. إضافة إلى التشاور مع المؤسسات الشريكة واصحاب المصلحة المحليين للتقييم والتعديل الملكية والسيطرة على المعايير وجدوى الاجراءات تشكل جزءا لا يتجزا من عملية البناء لهذه الخطة .واخيرا ,سيكون من الضرورى تسهيل انضمام الجهات الفاعلة المحتملة والشركاء قبل تنفيذ هذه الخطة. وتتمحور أهمية السياج الأخضر بالنسبة للسودان في، حماية حزم الصمغ العربي، إعادة تاهييل الغابات الطبيعية ، زيادة مساحات التشجير في المناطق المتدهورة، وقف الزحف الصحراوي، إعادة تأهيل الغابات النيلية (المناطق الرطبة ومهابط الطيور) إعادة تشجير المحميات الطبيعية للحياة البرية. والاستفادة من تقنية حصاد المياه في مناطق المحميات الطبيعية والغابات والمراعي ، تأهيل المراعي الطبيعية، ادخال النظم الحديثة في الزراعة في المناطق المتدهور، إدخال نظام التكنوجيا (الزراعة البيئية) لإعادة خصوبة التربة، تطبيق نظام الاحزمة الشجرية في مشاريع الزراعة الآلية والمشاريع المروية، وضع الخطط الفنية للإدارة المستدامة للموارد الطبيعية ، تدريب العاملين في هذه القطاعات ورفع كفاءتهم ، تطبيق النظم الحديثة في الإشاد ورفع الوعي البيئي. واستنادا الى تحليل الحالات على الواقع والتشاور مع اصحاب المصلحة الرئيسيين وفقا لدراسة التي تمت و التعرف علي مجالات التدخل ذات الاولوية او المكونات، فإن إصلاح الاراضى المتدهورة واحياؤها الغابات والمراعى وادارتها المستدامة و دعم سبل كسب العيش ومرونة المجتمعات المحلية تنمية القدرات من خلال البحوث والمعارف وادارة ونشر افضل الممارسات جميعها مهمة. وتتكون عملية مبادرة السياج الاخضر العظيم فى السودان، من مزيج من الادارة المستدامة للاراضى والاستعادة استنادا الى نتائج الأنشطة الاستطلاعية، التي سيتم من خلالها جمع المعلومات المتاحة المتعلقة بالتصحر وتدهور الأراضي واستعراضها. وأنشطة التشاور التي من خلالها وجهات النظر الحديثة على حالات التصحر وتدهور الأراضي الغابية وبشأن الخيارات الواعدة لإيجاد حل لها سوف يتم إبلاغها -الأنشطة وتحديد الأولويات، التي من خلالها سيتم تطبيق معايير ذات التوجه القطري لتحديد أولويات الأنشطة والإجراءات. ستضمن مبادرة السياج الاخضر العظيم للساحل والصحراء فى السودان ما يلي :تمثيل أصحاب المصلحة بصورة كافية في وضع وتنفيذ الوثائق؛ وضع معايير قطرية التي يمكن من خلالها رصد وتقييم التقدم المحرز فى بناء القدرات وتطوير مهام تعزيز وضع السياسات والبرامج المؤسسية لتكامل مبادرة السياج الاخضر العظيم للساحل والصحراء كجزء من الانشطة ذات الاولوية، بحسب ما ذكر. ومن المتوقع ان تفضى المبادرة إلى الإدارة المستدامة للأراضي والمياه والغطاء النباتي في مناطق واسعة من الأراضي الزراعية والمراعي، والنظم الإيكولوجية للغابات للاراضي الجافة في السودان ) وبلدان الساحل الأخرى(، بالإضافة إلى حماية التنوع البيولوجي للأراضي الجافة . والمساهمة في التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه من خلال تحسين الممارسات.