كتب- سعيد الطيب انعم الله سبحانه وتعالى الشعب السودانى بصفات واخلاق وقيم قل ان توجد فى شعوب العالم ,ورغم الضغوطات الاقتصادية التى تذداد احيانا وعبر مختلف العقود الزمنية الست الماضيات , والتحولات الكبيرة التى شهدها العالم فى اتصالاته واقتصاده ومصالحه السياسية , الا ان تلك الصفات ظلت باقية متجذرة تتوارث جيلا اثر جيل , التسامح والكرم ..هما من الصفات التى تميزنا عن سائر شعوب العالم ..وبشهادة تلك الشعوب التى حينما تلتقى سودانى خارج الوطن تندهش كثيرا من صفتى السماحة والكرم . يقول المواطن السودانى سالم الامين بشير انه و في نهايات العام 2012 كان بمعية صديقه اليوغندي داؤدي و الذي يعمل معه في كمبالا ، فى احد الايام ركبا حافلة ركاب في طريقهم الى السوق ... في الطريق و في احدى المحطات ركب شاب جنوبي، من سحنته غالبا ينتمي الى الدينكا ، وجلس في الكرسي الذي يليهما مباشرة ، و انتبه الىٌ سالم عندما رد على التلفون باللهجة السودانية و انتظر حتى انهي المكالمة فسلم عليه بحرارة بادية ، و تجاذب معه بعض الحديث ، وكان طالبا في احدى الجامعات في كمبالا ... عند مرور الكمساري دفع سالم له قيمة التذكرة ، نزل من الحافلة بعد محطتتين و شكره كان اليوغندى ينتظر نزول الطالب الجنوبى بفارغ الصبر ، فسأل سالم ان كان يعرفه ورد لا انها المرة الاولى التي يراه فيها و لا يعرف حتى اسمه كل ما يعرفه انه سوداني ، قال داؤدى ( اذن لماذا تضٌيع مالك و تدفع لشخص لا تعرف عنه شئ و غالبا لن تلتقيه مرة اخرى ؟؟) بعد فترة لا تتجاوز الستة اشهر و في بدايات شهر رمضان شاءت الظروف ان يكون داؤدي مع سالم في مدينة ( امبرارا) غربي يوغندا ، و التي تبعد حوالي 600 كلم عن العاصمة كمبالا ، و كان معهم العم اسماعيل (صانع الأجبان في المعمل فى تلك المنطقة ) و هو من النيل الابيض من منطقة شبشة ، و كانت عادته عندما يذهب الي المدينة ان يلبس كامل الزي السوداني ، الجلابية و العمة و الشال و المركوب ، وهذا اللبس عادة ينال اعجاب و استغراب اليوغنديين فيلقون عليه التحية باستمرار .. (يازول يازول ) صاحت امرأة جنوبية في الاربعينات من عمرها ترتدي الثوب السوداني مهرولة نحوسالم واليوغندى وصانع الاجبان ، و سلمت عليهم بحرارة و بانفاس لاهثة ، و قالت انها عرفت انهم سودانيين من خلال ملابس اسماعيل ، وكعادة السودانيين تم التعارف بسرعة و اقسمت عليهم الافطار عندها في البيت في اليوم التالي . ذهب الثلاثة الى منزلها في احدى الاحياء الراقية ب امبرارا و قد جهزت لهم افطارا رمضانيا فيه مالذ و طاب ( العصيدة و المديدة ) و الكثير من الاسماك و اللحوم و مختلف انواع العصائر ... وقبلها كانت قد جهزت لنا فرشات الصلاة و اباريق الوضوء ، بعد الافطار عرفوا ان المرأة الجنوبية تدعى زينب و أن اهلها من قبيلة الباريا في جوبا ، و زوجها يسمى جيمس ، الغريب في الامر انها مسيحية و زوحها مسلم يعمل طبيب في منظمة دولية ، درس الطب في جامعة الخرطوم .. داؤدي اليوغندى كان حاضرا لذاك الافطار الشهي ، و كان مستغربا للاريحية التي تعاملت بها تلك المرأة معهم، و الكرم و الحفاوة وبعد خروجهم قال لسالم هل انت متأكد انكم لا تعرفون هذه المرأة التي تكبدت كل هذه المشاق المادية و البدنية لاعداد هذه الوجبة ؟؟ .قال له لا ، بل لا نعرف حتى اسمها قبل الافطار فقال اليوغندى (ياخي انتو شعب مدهش ....) نعم حقيقة داؤدي وكثير من اليوغندين و سكان شرق افريقيا فهموا منذ 1983-2004م ان الحرب بين الشمال و الحنوب كانت حرب بين الشمال العربي المسلم ضد الجنوب الزنجي المسيحي ، لكن بمرور الوقت وبكثير من الشواهد عرف ان الحرب سياسية بحتة ، بدليل ان سالم مواطن سودانى بيوغندا شمالي مسلم دفع لجنوبي مسيحي اجرة المواصلات بدون ان يعرف اسمه و كذلك جنوبية مسيحية تدعوا الشماليين المسلمين لافطار رمضاني بكل الطقوس الدينية و الاجتماعية في بيتها و بدون ان تعرف اسماءهم . وشهادة اخرى ومن خلال شريط فيديو لا تتجاوز مدته دقيقة ونصف قالت جيني مونوز، نائبة مدير الشؤون العامة بالسفارة الأمريكية في الخرطوم، كلاما كثيرا ومعبرا اجتهدت خلاله أن تلخص تجربتها وانطباعاتها عن الشعب السوداني بعد عامين ونصف هي فترة عملها بالسفارة. وبثت هذا المقطع كرسالة وداع وعرفان للشعب السوداني. تضمن الشريط لقطات من انخراطها مع الشعب السوداني وتفاعلها معه، وفي إحدى اللقطات تظهر وهي تتوشح بالثوب السوداني في إشارة بليغة إلى مدى الاندماج والإعجاب بالمرأة السودانية. وفي رسالتها الصوتية استهلت بالتعريف بنفسها والمدة التي أمضتها في السودان، وقالت: "وأنا أغادر الناس يسألونني ما الذي سوف تفتقدينه أكثر عندما تغادرين السودان؟، فكنت أجيب بلا تردد أو تفكير: فقط أقول الناس، الناس في السودان الذين استقبلوني بالأحضان والأذرع المفتوحة منذ وصول الطائرة التي أقلتني لأول مرة، الناس الذين دعوني إلى منازلهم وإلى أعراسهم، إلى عالم اسمه السودان، سوف أتذكر عندما يهل شهر رمضان حيث أزور العديد من القرى والمدن مثل أبو قرون، وادي أبو صالح، سنار، والجزيرة سلانج، وأتذكر عيد الأضحى حيث التقاليد والقيم الرائعة". ولا تكتفي الدبلوماسية الأمريكية بحالة الانبهار بالشعب السوداني ونبله، بل تقول إنها تغادر بعد أن ألهمها الشعب السوداني وخصوصا الشباب الطامحين والملتزمين بتطوير أنفسهم ومجتمعاتهم، وأضافت: "سأرحل ومعي صور ومشاهد خلابة من السودان حيث النيلين الأبيض والأزرق وملتقى النيل ومدينة أم درمان حيث عبق التاريخ .