-تعمل مجموعة البنك الدولي، مع الشركاء في جميع أنحاء المعمورة، على تقديم المشورة، والتمويل، والمساندة اللازمة للتصدي للفقر، وبناء رأس المال البشري، وتحسين الصحة، والتعليم، والمهارات لدى الأسر الفقيرة والأولى بالرعاية. ويساعد البنك الدولي البلدان المعنية حول العالم في تصميم أنظمة الحماية الاجتماعية وتدشينها وتمويلها، وذلك لتسليح الأفراد في نهاية المطاف بأدوات تحقق لهم الازدهار. يقول ميكال روتكوفسكي، مدير قطاع الحماية الاجتماعية والوظائف بالبنك الدولي، " تمثل برامج الحماية الاجتماعية جوهر عملية تعزيز رأس المال البشري للفئات الأكثر معاناة في العالم؛ فهي تمكن الناس من التمتع بمستوى صحي جيد، ومتابعة تعليمهم، والسعي وراء الفرص التي تنتشلهم وأسرهم من براثن الفقر" . وقد بدأت مجموعة البنك الدولي، العام الماضي، مشروع رأس المال البشري، لتسريع خطى زيادة الاستثمار في البشر كماً وكيفاً. ويفتح مشروع رأس المال البشري الباب لإعطاء دفعة كبرى تشجع بلدان العالم على تحسين تنمية رأس المال البشري لمواطنيها – أي المعارف والمهارات والقدرات الصحية التي تتراكم لدى الأشخاص على مدار حياتهم بما يمكِّنهم من استغلال إمكاناتهم كأفراد منتجين في المجتمع. وكانت الحماية الاجتماعية محورًا أساسيًا في هذا الجهد، واعتمد العديد من البلدان أدوات الحماية الاجتماعية مثل برامج شبكات الأمان الاجتماعي وسيلةً للاستفادة من رأس المال البشري. كما تعمل شبكات الأمان الاجتماعي، إلى جانب تزويد الأسر المكافحة بدخل إضافي، على زيادة القدرة على الوصول إلى المعلومات والحصول على الخدمات، وتحسين الإنتاجية، وحماية كبار السن، ومساندة الأفراد في رحلة بحثهم عن العمل. وتستعين مصر ببرامج الحماية الاجتماعية لمساعدة الفئات الأكثر احتياجًا. حيث بدأ برنامج تكافل وكرامة عام 2015، بتمويل بلغ 400 مليون دولار من البنك الدولي، وكما هو الحال في إندونيسيا، يقدم هذا الدعم للدخل بشرط إبقاء الأبناء بالدراسة وضمان حصولهم على الرعاية الصحية. ولكن البرنامج في مصر يقدم مساعدات للمسنين، حيث يمنح المواطنين الفقراء الذين تتجاوز أعمارهم 65 عامًا معاشًا شهريًا صغيرًا دون شروط. وإلى الآن، استفاد أكثر من 9 ملايين شخص من تكافل وكرامة – أي ما يقارب 10% من تعداد سكان مصر. توسع مجموعة البنك الدولي استثماراتها في مجال الحماية الاجتماعية بمعدل سريع، ووضعت أهدافًا طموحة، مثل زيادة شبكات الأمان والتدريب الوظيفي بحلول عام 2023، وذلك ضمن خطة رأس المال البشري لأفريقيا، التي كشف النقاب عنها مؤخرًا. ويوجد في كل بلد من بلدان منطقة أفريقيا جنوب الصحراء برنامج واحد على الأقل للحماية الاجتماعية، سواء أكانت على هيئة تحويلات نقدية، أو مشروعات أشغال عامة، أو برامج تغذية مدرسية. وعلى الرغم من النمو السريع في عدد برامج شبكات الأمان الاجتماعي على مستوى المنطقة، فإنها لم تغط بعد معظم الفقراء والمحتاجين في أفريقيا. في واقع الحال، كشف تقرير جديد حول تحقيق الإمكانيات الكاملة لشبكات الأمان الاجتماعي في أفريقيا، أن تغطيتها لم تتجاوز نسبة 10% من جميع الأفارقة – ولا تزال معدلات الفقر أعلى من معدلات التغطية في معظم المناطق. كما توصل مؤشر رأس المال البشري أيضًا إلى أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تحقق في المتوسط 40% فقط من إمكانات رأسمالها البشري – فيما يعد أدنى درجة بين جميع المناطق – كما أن 25 بلدًا، من بين 30 أدنى بلد في المؤشر، تقع بمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء. وتتسم أهداف خطة رأس المال البشري الأفريقي بالطموح، متضمنة خططًا لتوسيع نطاق تغطية الحماية الاجتماعية لأفقر شريحة خمسية في البلدان منخفضة الدخل، تشمل 13.1 مليون شخص آخر بحلول 2023. وحاليًا، تزيد قيمة حافظة مشروعات البنك للحماية الاجتماعية في أفريقيا على 7.8 مليار دولار، في أكثر من 50 مشروعًا، تشكل 12% من المساندة المقدمة لأفريقيا من المؤسسة الدولية للتنمية – صندوق البنك الدولي للبلدان الأشد فقرًا. يقدم برنامج شبكات الأمان الإنتاجية في إثيوبيا – أحد أكبر برامج التحويلات النقدية في العالم – مبالغ نقدية أو طعام بصورة منتظمة إلى المستفيدين في مقابل العمل في استصلاح الأراضي والري والحراجة الزراعية. وخلال موجة الجفاف التي شهدتها منطقة القرن الأفريقي عام 2016م، توسع برنامج شبكات الأمان الإنتاجية الإثيوبي، وكذلك المساعدة الإنسانية الغذائية، بشكل مؤقت، لتغطية 18.5 مليون شخص – 20% من السكان تجنبًا لتعرضهم للمجاعة وحماية لهم من السقوط في براثن الفقر. وفي كل عام، يحمي البرنامج 8 ملايين مستفيد أساسي من البرنامج، بالإضافة إلى ما يصل إلى مليوني شخص يمرون بمرحلة وقتية من انعدام الأمن الغذائي (بإجمالي 10 ملايين شخص)، بواسطة أدواته القابلة للتوسع. وتحتل أجندة التوظيف صدارة مشروع رأس المال البشري. ففي كل شهر، ينضم مليونان من الشباب إلى قوة العمل – وهو التحدي الذي يزيده تعقيدًا وجود 200 مليون شخص متعطل يبحثون عن عمل. كما إن 65% من العاملين محصورون في وظائف متدنية الإنتاجية. ويزيد البنك الدولي من مساندته من أجل التصدي لطلب البلدان على توليد وظائف أكثر وأفضل، ولديه حتى تاريخه أكثر من 580 مشروعًا جاريًا يتعلق بالوظائف، باستثمارات يبلغ مجموعها 75 مليار دولار. وتساعد هذه الاستثمارات البلدان منخفضة الدخل، التي تتميز بتعداد كبير من الشباب، على التصدي للتحديات الكبيرة التي تواجهها، لتسليح الشباب بالأدوات التي تنتشلهم ومجتمعاتهم من براثن الفقر. ويساند البنك، في إطار مشروع رأس المال البشري، الحكومات في تسليح الأجيال القادمة من العمال بالمهارات اللازمة للشروع في الوظائف التي يتطلبها عالم العمل المتغير. ويتطلب تمكين العمال من الانتقال من الأنشطة ذات الإنتاجية المنخفضة إلى الأنشطة ذات الإنتاجية الأعلى، والتي يقودها قطاع خاص نشيط تدعمه تدابير السياسة العامة. وفي شهر يونيو الماضي فقط، قام البنك الدولي بتدشين حزمة تمويلية بقيمة 1.45 مليار دولار لمساعدة الأردن على الاضطلاع بإصلاحات تحفز النمو الشامل وتخلق المزيد من فرص العمل للجميع، بمن فيهم النساء والشباب. طبقًا للظروف الراهنة، فإن ما يقرب من 60% من الأطفال المولودين اليوم في 157 بلدًا شمله المسح، ستكون إنتاجياتهم، في أفضل الأحوال، نصف مما كان يمكن أن تكون عليه لو تمتعوا بالرعاية الصحية والتعليم الكاملين. وسيتطلب تغيير هذا المآل استثمارات أقوي في البشر لإعداد البلدان لمستقبل العمل. وستكون برامج المساعدة والضمان الاجتماعيين، المتوائمة مع قوة العمل المتغيرة، محورية في هذا الصدد. وفي الوقت ذاته، ستساعد فرص العمل الجيدة الأفراد على إكتساب رأس المال البشري وبنائه أثناء ممارستهم لوظائفهم، الأمر الذي من شأنه أن يخلق حلقة إيجابية تمكنهم من زيادة إنتاجيتهم أو الانتقال إلى وظائف أفضل. يقول روتكوفسكي: " بناء رأس المال البشري هو المسار الواضح إلى فرص العمل الجيدة، فملايين الشباب بحاجة إلى المهارات المناسبة ليتمكنوا من المنافسة في سوق الوظائف الراهنة دائمة التغيير، والملايين من الأطفال بحاجة إلى تعليم ورعاية صحية أفضل من أجل وظائف المستقبل" .