الخرطوم 17-9-2019م (سونا)- نظم مركز الخرطوم للخدمات الصحفية بالتعاون مع منظمة فريدرش ايبرت مؤخرا ورشة حول الإعلام في الفترة الانتقالية وذلك بحضور فيصل محمد صالح وزير الثقافة والإعلام وعدد من الإعلاميين والصحفيين. وأكد وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح ضرورة إصلاح بعض القوانين في الإعلام وإعادة هيكلة أجهزة الإعلام الحكومية حتى تواكب المرحلة الجديدة وتعبر عنها. وقال "إنهم بصدد تكوين مجلس استشاري بوزارة الإعلام لوضع خطة وطنية للتدريب". ودعا إلى فتح الساحة للقطاع الخاص للاستثمار في الإعلام وأكد أهمية الإعلام ورسالته ولفت إلى أهمية الحصول على المعلومات، وطالب الدولة بتخفيض تكاليف ورسوم الجمارك للصحف. واستعرضت إسراء زين العابدين الخبيرة الإعلامية ورقة حول (القنوات الفضائية السودانية بين الحاضر ورؤى المستقبل) أبرزت التحديات التي تواجه الإعلام ومتطلبات المرحلة الانتقالية في مجال الإعلام وأشارت للإسهام الكبير للتلفزيون القومي في توثيق كل مناحي الحياة السودانية السياسية والاقتصادية والثقافية بكل ضروبها، إلا أنه ظل غير مواكب للتطورات المذهلة التي حدثت في صناعة الإعلام المرئي في تطور البنى التحتية والاستديوهات والإمكانيات المادية خاصة في العقود الأخيرة وذلك بسبب الميزانيات والمقار المؤقتة، إضافة إلى التدخلات السياسية المباشرة والرقابة الأمنية والتحكم في محتوى وشكل الرسالة والصورة. واستعرضت إسراء نجاحات فضائية النيل الأزرق وتميزها ببرامج المنوعات والبرامج الترفيهية مما جعلها تستقطب الجمهور السوداني بالداخل والخارج وذلك بفضل تقيدها وتناولها لقضايا اجتماعية وحوارات خفيفة ذات إيقاع سريع. وأشارت إلى أنه ومنذ ظهور قناه النيل الأزرق في العام 2004 بدأت القنوات الفضائية في الظهور حتى فاق عددها العشرين، توقف عدد منها نتيجة للمشكلات والتعقيدات المالية والفنية وعدم وجود المناخ الحر. وأوضحت إسراء في ورقتها أن ظاهرة التلفزيون الفضائي في السنوات الأخيرة ظلت تنتشر بوتيرة سريعة بفضل الأجهزة الإلكترونية والأقمار الصناعية التي تبث على مدار الساعة. كما تطرقت الورقة إلى نشأة القنوات الفضائية الخاصة وفشلها في جذب المشاهد. وأبانت الورقة المشكلات والمهددات التي تواجه القنوات الفضائية في الانحباس الإداري، إذ إنه يتم تعيين المدراء بناء على الولاء الحزبي والسياسي بعيدا عن الكفاءة والتدرج الإداري بجانب الكادر البرامجي والفني، إضافة إلى القوانين واللوائح وشروط الخدمة وقلة التمويل والميزانية مما يشكل عائقا أمام استمراريتها وكذلك قلة التدريب والتأهيل للكوادر الإعلامية بطرق علمية منظمة ودائمة. وأكدت الورقة ضرورة إعادة النظر في تقييم أداء الفضائيات والإذاعات الولائية وأهمية تناول القنوات والإذاعات في الفترة الانتقالية برامج تناقش مجمل القضايا السياسية والقانونية والاجتماعية بوجهات نظر مختلفة بعيدا عن الإقصاء وحجر الرأي الآخر ليجد المعارض فرصته في طرح وجهة نظره. وأوصت الورقة بأهمية التدريب وتأهيل الكوادر الإعلامية بطرق علمية ومنظمة ودائمة، إضافة للاختيار الصحيح للعاملين ووضع خطط ودورات برامجية والالتزام بالخريطة اليومية والأسبوعية وفق الأهداف المرسومة لإنشاء المحطة وإعادة النظر وإيجاد حلول لتقليل تصاديق البث من الهيئات والاتصالات مع تكوين جسم يعنى بالضوابط والتقييم السنوي المهني والبرامجي للكوادر العاملة اعتماد ميزانيات من الدولة لمراكز بحثية لإجراء بحوث رأي وإحصائيات لمعرفة مدى تأثير القناة أو الإذاعة المعنية. وأكدت الورقة أن الحريات الإعلامية في التحرير والتناول والبرامج والاستضافات والمظهر العام رهينة بتطور الإعلام بجميع أشكاله. وناقشت ورقة حول الإعلام الحكومي التي قدمها السر السيد تطرق فيها إلى ثورة الاتصالات ودورها في سرعة نقل المعلومات وتشكيل الرأي العام مما جعل الإعلام من أقوى الأسلحة التي يستخدمها الإنسان في تغيير كثير من الأمور وقالت الورقة إن ثورة ديسمبر المجيدة في السودان استفادت من هذه النقلة العائلة في الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث إن ثورة الاتصالات رفدت قوى التغيير بأهم أدوات المقاومة وهي الصورة. وتطرقت الورقة إلى الثورة التكنولوجية التي شهدها الإعلامي السوداني، حيث إن الإنقاذ قدمت كوادرها لقيادة جهازي الإذاعة والتلفزيون وإدخلها في البرمجة من تصنيف في المسلسلات والبرامج والمظهر وذلك برؤية أحادية شمولية غيبت التنوع بمستوياته المختلفة والثقافة ونهضت الفلسفة البرامجية على عزل الآخر وتكريس الصوت الواحد. وأكدت الورقة أن الإنقاذ في سبيل تمكين مشروعها الحضاري وصل بها الأمر إلى تشكيل وعي العاملين بما فرضته من نظم رقابية ولوائح وأشارت الورقة إلى الانفجار الإعلامي، حيث تعدد الفضائيات والصحف والإذاعات وأكدت الورقة أهمية أن يتحول الإعلام الحكومي إلى جهاز خدمة عامة تديره شركة مساهمة عامة وأن الفترة الانتقالية تتطلب فصل الإذاعة عن التلفزيون وتكوين اتحاد يجمعهما كهيئة البث وأن يتكون الهيكل الإداري وفقا لقانون الخدمة المدنية وأهمية معالجة تأهيل الكوادر وتدريبها وتعديل اللوائح المالية وإعادة النظر في الخدمات الإذاعية والتلفزيونية وتفعيل الموجات القصيرة وإيجاد آليات تحفظ الإرث المرئي والمسموع وإعادة العمل في الأرشفة الإلكترونية وخلق بيئة تخزين جيدة، بجانب التواضع على ميثاق شرف ينظم ويحكم ويحمي الإعلامي ومهامه من أي تغول أو انتهاك. وتطرقت إحدى أوراق الورشة إلى الدور المهم للصحف وأنها تحظى برواج ومتابعة وظلت محتفظة بمكانتها التاريخية كمصدر للمعلومة الموثوقة المستندة لمصدر معلوم ودقيق وذلك رغم الحضور الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي وصحافة المواطن وأن الصحافة الورقية لا يمكن الاستغناء عنها في كل الظروف والتحولات السياسية. وناقشت الورشة (الصحافة في سنوات الإنقاذ) وقالت إنها اعتمدت نظام صحيفة السلطة في فترتها الأولى وفرضت رقابة وسيطرت على الصحف وتم تقييد الحريات الصحفية. وأبانت أنه طول فترة الإنقاذ لم تكن هنالك ثمة قلم مخالف سواء حالات قليلة. وأكدت الورشة أن الصحافة في ظل الدولة المدنية الحالية تتمتع بحرية وحماية ديمقراطية لتأسيس حكم مدني راسخ يبتغي تخليص الصحافة من الأعباء والقيود التي هدمت دورها الوطني في الفترة الأخيرة ولا بد أن تكون الصحافة في الفترة الانتقالية صحافة ثورة بامتياز تعبر عن المواطن وتنقل مطالبه ونقده وتحمي مكتسباته بما يضمن روح الثورة ومفاهيمها ورؤيتها للتغيير والانتقال للمدنية، ويتبقى سحب الرقابة على المحتوى المنشور، كما يتعين النظر في منح الصحف دعم الدولة لا الحكومة ماديا ومعنويا بما يضمن استقلالها واستقرارها ومهنيتها. ولا بد من تأسيس مجلس صحافة يقوم على قواعد جديدة تضمن عدم السيطرة مع تأسيس بنية تحتية للصحف بشكل يضمن الاستمرارية لتعيد رونق الصحافة ودورها ومكانتها. وقدم مصطفى محمد صديق ورقة بعنوان (إذاعة ال FMبين الحاضر والمستقبل). وأوصت الورشة بضرورة إنشاء نقابة للصحفيين ترعى وتحرس ميثاق الشرف المهني القادر على تأسيس مهنية حقيقية وصحافة راسخة لا تتأثر بتغيير نظم الحكم في اسوأ ظروفها، فضلا عن خلق المهنية العالية وسط الصحفيين عبر توفير تدريب مواكب ومستمر وضمان بيئة عمل مناسبة من حيث الرواتب ووسائل العمل، بل وقيمة البطاقة نفسها عند الجهات الرسمية وغير الرسمية وأن تساهم نقابة الصحفيين في توفر قوانين لصالح المهنة ودورها خصوصا أن المرحلة الانتقالية مؤسسة للحياة المدنية المقبلة، فضلا عن دور الدولة في العمل مع الجسم الممثل للصحفيين بالمساعدة في إنهاء الأزمات الاقتصادية الملازمة لصناعة الصحافة في السودان عبر دعم مدخلات الطباعة. كما أوصت الورشة بمراجعة رسوم هيئتي البث والاتصالات وتوحيد الرسوم مع مراعاة أن هذه الاذاعات مؤسسات ثقافية في المقام الأول مع توحيد نافذة الدفع.