الخرطوم 20-5-2020 (سونا) - إستطلاع عباس العشاري - إختلفت اراء الخبراء بشان الزيادات الاخيرة في الهيكل الراتبي الذي أصدره وزير المالية والتخطيط الاقتصادي مؤخراً ما بين مادح لهذه الزيادة، وما بين من يعتبرها مجرد علاج مسكن، ومابين من يعتبرها بادرة طيبة. وياتي ذلك في ظل واقع إقتصادي متردي موروث من العهد البائد تحاول الحكومة الانتقالية التغلب عليه بشتي الوسائل. وكالة السودان للأنباء أجرت (سونا) إستطلاعاً وسط الخبراء ، وجاءت اراؤهم متباينة حيث قال الاستاذ عماد محمد داوؤد الامين العام للمجلس الاعلي للاجور " ان لجنة زيادة الاجور استندت على محورين تمثلا فى تحسين الاجور وازالة المفارقات". واشار الامين العام للمجلس الاعلى للاجور الى ان محور تحسين الاجور اوصي برفع الحد الادني للاجور الى 3 الف جنيه الذي كان فى السابق 425 جنيه ولم تطرأ عليه زيادة منذ العام 2013 وزاد الى 706% بزيادة سبعة مرات عن ما كان عليه . وقال داوؤد "ان جدول الاجور يعتبر العتبة الاساسية له الحد الادني للاجور منوها الى ان الدرجات الوظيفية للعاملين بالدولة هي 20 وظيفة تبداء من الدرجة 17 وتنتهي بالقطاع الاول الخاص . ولفت الانتباه الى ان زيادة الاجور لها مكتسبات غير مسبوقة، مشيرا الى ان الاجر الكلي للعامل فى الدرجة 17 كان 1,817 جنيه وبعد الزيادة فى الاجور قفز الاجر الى 7,132 جنيه، وفيما يخص المستوي الاعلى الدرجة الاولى الخاصه كان المرتب الاساسي 1,707 قفز الى 24 الف جنيه، وعلى هذا يتم القياس حسب الدرجات الوظيفية . من جانبه قال مدير إدارة تعويضات العاملين بوزارة المالية أزهري موسى حسن "أن هذه الزيادة في الأجور نوعية ومقدرة وذلك تطبيقا لقرار مجلس الوزراء رقم (143) لعام 2020م بتنفيذ هيكل الأجور الموحد لكافة العاملين بالخدمة المدنية دون استثناء. وقال دكتور هيثم محمد فتحي الباحث والخبير الاقتصادي في تصريح ل(سونا) ان زيادة الرواتب هو علاج مسكّن وليس حلا لظاهرة ارتفاع الأسعار و لمواجهة الأعباء التي سوف تتخلي عنها الحكومة مثل الخدمات والسلع المدعومة ، لذا لابد ان تكون تصحيحا لخلل أكثر منها علاجا لارتفاع الأسعار. وأوضح ان الغلاء سيكون نتيجة طبيعية وفورية لزيادة الرواتب لأن الكتلة النقدية التي تضخ بالسوق ستكون أكبر بكثير من المقابل لها من السلع والخدمات ما يعني حدوث زيادة بالأسعار ليعود التوازن بين الكتلتين وبالتالي لن تسهم هذه الزيادة في تحريك القوى الشرائية للأفراد بصورة كبيرة أو زيادة إقبالهم على الشراء وستشكل ضغوطاً على عجز الموازنة العامة للدولة. وأضاف د.هيثم أى زيادة في المرتبات لا تقابلها زيادة في الإنتاج تعني مزيدا من التضخم وارتفاع الأسعارنتيجة زيادة الطلب على السلع دون أن يقابل ذلك الطلب زيادة في المعروض وان زيادة أسعار السلع تخلق حالة من الركود سيعاني منه موظفو القطاع الخاص بشكل أكبر من موظفي الحكومة وان حالة الركود قد تجبر شركات القطاع الخاص على تسريح العمالة أوخفض الأجور لمواجهة هذا الركود. وأشار ان الحل للعجز المتوقع في الموازنة العامة للدولة الذي سينتج عن الزيادة في الأجور ان يتم تمويله من فاتورة خفض الدعم للخبزوالمحروقات والكهرباء وبذلك لن تضيف هذه الزيادة أية أعباء جديدة على الموازنة العامة للدولة. واوضح دكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي ان قرار زيادة المرتبات للعاملين في القطاع العام قرار تحدث عنه وزير المالية كثيرا قبل أن يجاز من قبل مجلس الوزراء رغم ان وزارة المالية كانت ترفض رفع الدعم عن المحروقات وان يتم تأجيل رفع الدعم الى ما بعد انعقاد المؤتمر الاقتصادي. وأضاف الناير ل(سونا) ان وزارة المالية لم تنتظر المؤتمر ومعرفة رأي الخبراء حول هذا الأمر وإيجاد بدائل وطرحت الوقود التجاري وغيره من السلع الاستراتيجية وعدلت أسعارها وانه كان على وزارة المالية ان تمضي في رفع الدعم. و اشار الناير الى انه ولو تم قياس زيادات المرتبات التي اجيزت الان فانها لا تتناسب مع الأثر الذي سينعكس على الأسواق بارتفاع الأسعار خاصة وان زيادات المرتبات لفئة قليلة تعمل في القطاع العام اى لمليون شخص تقريبا واذا افترضنا ان متوسط عدد افراد كل أسرة 5 اشخاص فيكون المستفيدون من الزيادة خمسة مليون ولكن زيادة الأسعار ستكون بمعدلات أعلى واذا وصل التضخم في شهر أبريل إلى 98 ٪ فان معدل التضخم في الشهر القادم سيكون أعلى بثلاثة أضعاف من الشهر الماضي او اكثر من 100٪. واشار الى ان زيادة الأسعار لا ترتبط سببيا بزيادة المرتبات ولكن طرح سعر الوقود التجاري هو أهم الاسباب وزيادة تكاليف الإنتاج فزيادة سعر المحروقات يمكن ان تؤثر في زيادة السلع بالاضافة الى الانفلات في الاسواق. وقال " الدولة لم تبحث حتى الآن عن آلية لضبط وتنظيم الأسواق وهذا يعتبر فهم خطأ لسياسة التحرير الاقتصادي ". ولفت الناير الى ان وزير المالية قال انه سيتم تمويل المرتبات من موارد حقيقة واذا تم ذلك لا توجد مشكلة ، على ان تكون هذه الموارد اما من إيرادات جمركية او من موارد الدولة مثل الموانئ البحرية او المؤسسات الاخري وهي مبالغ انسحبت من الأسواق وهنا لاتوجد مشكلة ولكن المؤسف ان وزير المالية تحدث عن أنها تمويل من عائدات لجنة التمكين وهذا في رأيي امر خطير جدا لانه يعتبر مورد غير متجدد و معالجة لفترة قصيرة . الدكتور عمر محمد عبدالله الحسن مدير العلاقات العامة بوزارة البني التحتية والنقل قال ان زيادة المرتبات بادرة طيبة من الحكومة تجاه شريحة الموظفين وستسهم في رفع كفاءة العاملين خاصة بعد هذا التحفيز ستتلاشي ظاهرة الرشوة والفساد المالي كما تعتبر الزيادة تقييم للموظف وهي لفتة بارعة نحي فيها الحكومة ووزير المالية. وقال المدير الاداري بوكالة السودان للانباء الاستاذ ادم الشريف زيادة المرتبات" لأول مرة يحس الشخص بأنه موظف حكومي بعد أن كنا نعمل بالسخرة.. وكان المرتب بالكاد يقضي ثلاثة أيام... شكرا حمدوك... شكرا البدوي" وقالت الاستاذة سامية عبدالله محمد نائب مدير العلاقات العامة والإعلام وزارة الزراعة والموارد الطبيعية " الحمد لله نعمة من الله كنا وين وبقينا وين فرق كبير خالص" .. زيادة المرتب تعني أن العدالة بدأت تأخذها مجراها الصحيح، واردفت بالقول " مع هذه الزيادة يجب ضبط السوق". واضافت الاستاذة والاعلامية اسماء عبيدالله "زيادة المرتبات فى مخرجها النهائي تعيد الطبقة الوسطى التى تحفظ توازن المجتمع، طبقة الموظفين التى كان لها قدرها ووزنها والتى تدنت ونزلت الى القاع فى العهد البائد وتهمش جراء ذلك الموظفين واصبحت الوظيفة الحكومية طاردة ومكان تندر، وتواصل " فالان تعود الوظيفة والموظف الى مكانتهما اللائقة .. ولكن ليصبح هذا الامر واقع ملموس لابد من شيئين اولهما التمويل من الموارد الحقيقية للزيادات وهذا ما اكده وزير المالية من الموارد التى عادت الى الدولة بعد نهبها ويمكن تدويرها فى عملية الانتاج وثانيا لابد من العمل بقوة على تثبيت الاسعار حتى لاتذهب هذه الزيادات هباءا منثورا .. وحتى لا تتاثر الطبقات خارج دائرة الوظيفة سلبا ، فلابد من تحديد وتثبيت الاسعار من ناحية وتعميم برنامج من المنتج الى المستهلك على كل المناطق وكل الولايات ليصل الى كل مواطن ، بجانب احياء وتفعيل الجمعيات التعاونية بالضرورة .. وبذلك يمكن ان تتحق الفائدة المرتجاة من زيادة المرتبات والا سيبتلعها السوق ونأمل ان تتوفق هذه المساعى ويعود السودان والمواطن الى سابق عهده الذهبى . وقال الاستاذ ,الصحفي ب(سونا) فهمي محمد السيد" سعيد بهذه الزيادة وتحملنا الكثير والصمود من اجلها رغم ظروف عملنا الشاق ولكن نقدر جهود الحكومة لرفع معاناة كاهل العاملين ونطالب بالمقابل برقابة مشددة علي الاسواق وضبط الاسعار . وقال الموظف احمد هيبة بالصندوق القومي للتامينات الاجتماعية ل(سونا) بان زيادة المرتبات مجزية جدا وستحقق استقرار اسري كبير وابدي تخوفه من زيادة وارتفاع الاسعار في الاسواق . وقال العامل علي كومي " في القطاع الحكومي" نحن سعدنا بزيادة المرتبات وهذا فضل جهود الحكومة الانتقالية وهي تسير في الاتجاة الصحيح ونامل من المسئولين العمل على ضبط السوق .