لم أشاء الكتابة عن أزمة المياه التي قفزت فجأة على سطح الأحداث هذه الأيام لأسباب عدة أولها أننا «زهجنا» من الكتابة الموسمية حول هذه «الاختناقات» التي لا تكاد تختفي من جدول حياتنا اليومية وأذكر أنني قبل سنوات وكنت حينها في بلاد الغربة «مغترباً» وليس «مهاجراً» والفرق كبير بين الاثنين كما يعرف صديقنا د. كرار التهامي الأمين العام لجهاز المغتربين والذي يهتم كثيراً بأمر الهجرة وأقام مركزاً لدراسات الهجرة والذي نأمل أن يقوم بدوره في كشف كل جوانب وأسباب هجرة السوانيين سواء كانت «خارجية» أو داخلية وأن يتعمق أكثر في مفهوم الهجرة ليحدثنا عن أنواع أخرى من الهجرات «السالبة» التي نعيشها في واقعنا اليوم فهناك الهجرات في دنيا السياسة مثل أن يهجر حزب أو جماعة المباديء التي من أجلها قام «ويحقب» حقيبته كما تقول زميلتنا «نازك يوسف» نحو دنيا «المصالح » و كراسي السلطة. أو أن يهجر الناس القيم التي تربوا عليها لقيم وأخلاق ما «أنزل الله بها من سلطان» كما نرى هذه الأيام ونشاهد المهم الهجرات كثيرة ومتنوعة . وأعود لقصتي عن حضوري للسودان في إحدى العطلات ونقلت للأخ الصحفي صالح عجب الدور «أشواقي» للعودة للصحافة في بلادي فقال لي بطريقته الساخرة خليك في غربتك والصحافة «ملحوقة» وستجد القضايا ذاتها والمشاكل كما هي .. ما في جديد ، وفعلاً مافي جديد فالصحافة تلت وتعجن في «الأزمات المزمنة» ذاتها !! ولهذا السبب لم أشاء الكتابة عن أزمة المياه التي أطلت برأسها فجأة فنحن كما قلت شبعنا من الكتابة فيما يعرف ب«أدب الأزمات» مرة الموية، ومرة السكر، ومرة «الأسمنت»، ومرة الدولار، ومرة «اللحم»، ومرة «الشحم»، وعاد «لاوين» كما يقول الشاعر الكبير ود بادي رد الله غربته أو هجرته!! ومع ذلك لن أكتب مباشرة عن هذه الأزمة ولكنني أستعرض هنا رسالتين «لطيفتين» الأولى جاءتني من القاريء محمد حسن التوم الجعلي من الحلفايا والذي قال لي لماذا يا أهل الصحافة لا تتحققوا مما تكتبون ولمصلحة من تنشر أخبار «مدغمسة» ويعطي مثالاً لهذه الأخبار التي تقول قد حفرت بئر وأعطت منتوجاً جيداً من المياه وجاري حفر بئر ثانية وربما ثالثة ولكن أين تضخ مياه هذه البئر! ويجيب قائلاً: في شكبة مهترئة..! بدليل أن المياه رغم وفرتها إلا أنها مقطوعة عن مناطق كثيرة بالحلفاية منها الحي الرابع مثلاً. أما الرسالة الثانية فهي أيضاً لطيفة وأرسلها من بري القاريء إبراهيم عبود من حي المعرض ببري وسماها انتفاضة بري المائية وهي رسالة مطولة جداً واقتطف منها قوله إن الضابط المسؤول قال أعطونا 5 أيام وإذا لم نحلها أعملوا مظاهرة ثالثة وعلى طول «فرتقنا» المظاهرة. أما الرسالة الثالثة فقد جاءتني شفهية من زميلنا الصحفي نزار بابكر وأحد مسؤولي الإعلام بهيئة المياه فقد قالي لي أها المشكلة شنو!! أمشوا شوفوا الموية ملأت الشبكات وفاضت !! والآن هل عرفتم لماذا زهجنا من مثل هذه الكتابات الموسمية؟ المشكلة يا سادتي في «السستم» ليست في «البلوفة» القصة باختصار: السستم ضارب