من الآن وحتى نهاية العام سيكون موضوع إستفتاء المواطنين الجنوبيين حول تقرير المصير بين الوحدة والإنفصال مادة خصبة لوسائل الإعلام المحلية والخارجية، وللمجالس الخاصة، وجواً صالحاً لإنطلاق الشائعات وظهور التحليلات العلمية والإنطباعية . مساء الخميس الماضى حضرت مناسبة زواج، وفى طاولة واحدة تضم مجموعة من السودانيين المستنيرين، تباينت آراء كل منهم حول قضية تقرير المصير، هذا التباين فى آراء السودانيين الشماليين بين دعاة للوحدة وللإنفصال، لابد أن يكون له تأثيره على خيارات المواطن الجنوبى، وأيضاً القيادات السياسية الجنوبية، ويجب أن يتعاملوا مع هذا التباين إن جاءت نتائج الإستفتاء لصالح الوحدة أو الإنفصال، فالشأن يهم كل السودانيين، وليس فى صالح السودان هذه التصريحات المتباينة، التى تخرج من القيادات الجنوبية، التى يجب أن تتوحد رؤاها ولا نقول تتطابق.. وفى الحزب الواحد والحركة الواحدة، والمنظمة الواحدة، من المناسب ولصالح عملية الإستفتاء أن يكون هناك إتفاق عام داخل كل حزب أو منظمة أو مؤسسة، فأمر الاستفتاء تجاوز الآن الكيد السياسي أو المكاسب الوقتية، والاستقطاب لهذا الطرف أو ذاك، لانتظار الإجابة لسؤال مهم، هل يكون هناك سودان كما كان قبل 2011 أو لن يكون، يدعو البعض للوحدة والسيد باقان أموم وزير السلام بحكومة الجنوب الأمين العام للحركة الشعبية يتحدث عن الكونفدرالية، وامكانية قيام اتحاد كونفدرالي بين دولة الشمال والجنوب فى اتفاق ثنائي، عقب ظهور نتيجة الاستفتاء بالطبع كما تحدث قبل يومين فى قناة الجزيرة، ومن المعلوم أن خيار الكونفدرالية سبق وأن طرح على طاولة المفاوضات الباكرة، إلا أنه لم يجد القبول، كما يقول أموم إن المؤتمر الوطنى رفضه حينها وربما يقبله الآن . والنظام الكونفدرالي بالصيغة المعلومة فى علم السياسة لن يغير من الوضع فى حالة السودان شيئاً، إذ هو يعني قيام دولة الجنوب، إذ لا نظام كونفدرالياً إلا بين دول مستقلة، والنظام الكونفدرالى هو تجمع أو إتحاد دولتين أو أكثر بين الدول المستقلة لتحقيق أهداف مشتركة والدولة فى الكونفدرالية، يتمتع مواطنوها بجنسية بلدهم، ولا جنسية موحدة فى الكونفدرالية، كما أن لكل دولة رئيسها، ولها مسئولياتها تجاه القانون الدولي والتزاماته. ومن المعلوم أن الكونفدرالية كنظام سياسي للحكم لايوجد فى عالم اليوم بين أى من بلدان العالم، وهو تجربة عرفت خلال القرن التاسع عشر، واستمرت حتى نهاية ثمانينيات القرن الماضي بين بعض الدول كان آخرها نهاية الإتحاد الكونفدرالي بين السنغال وغامبيا فى الفترة 82 - 1989 ولأن الكونفدرالية أشبه بروابط الصداقة، فإن عالم اليوم لا يقوم إلا على العلاقات التى تحقق مصالح حقيقية لشعب كل دولة، وفى الاتفاقات الثنائية والبروتوكولات المشتركة، وفى عضوية اتحادات الدول متسع لتحقيق هذه المصالح . والسؤال لماذا الحديث الآن عن الكونفدرالية وهى لا تلبي أى جانب من جوانب وحدة وطن واحد ضمه تاريخ مشترك، ودُفع مهر غالٍ ثمناً لهذه الوحدة، وتأثر كل بيت سودانى بتبعات أن يكون هناك وطن واحد اسمه السودان . ونقولها بعربى جوبا كونفدرالية فى سان سنو.