وصف الخبراء الاقتصاديون أزمة السكّر التي تعيشها البلاد حالياً بالمسرحية المتكررة سنوياً مع اختلاف الممثلين فيما يظل المخرجون ثابتين في مواقعهم ليجنوا ثمار الأرباح، مؤكدين إنعدام الآلية الخاصة بتحديد سلعة السكر، مشيرين لخلو البنوك من الأموال بغرض فتح الاعتمادات للتجار المستوردين. وقالوا ل (آخر لحظة) إن الكميات المستوردة بسيطة لا تغطي حاجة البلاد. وطرح الخبراء حلولاً سريعة لإنقاذ الموقف وذلك بضرورة فتح الدولة لباب الاستيراد على مصراعيه للقطاع الخاص دون قيود أو رقابة من قبلهم لفك الضائقة المفتعلة. من جانبهم أوضح التجّار في حديثهم ل (آخر لحظة) أن الأسعار قد ارتفعت من جديد رغم الإجراءات التي تم اتّخاذها فقد ارتفع سعر جوال السكّر المستورد من (120) جنيه إلى 125 جنيه وتوقع التاجر محمد الفاضل أن يصل الجوال إلى (135) جنيه وعزا الارتفاع إلى أن السكر المتداول حالياً معظمه مستورد فيما توجد ندرة في السكر المحلي حيث وصل سعره الأسبوع الماضي حوالي (147) جنيه . من جانبه أوضح التاجر البلة إدريس أن ارتفاع أسعار السكر يرجع إلى أن تجّار القطاعي يستلمون الجوال بمبلغ (137) جنيه من تجّار الإجمالي بسوق أم درمان فيما يبلغ سعره (118) جنيه في مراكز التوزيع التي افتتحتها جهات الاختصاص مؤخراً حيث يسمح للتاجر بأخذ جوال واحد في حال وجود رخصة تجارية. وقال إن سلعة السكّر أصبحت هي السلعة الوحيدة التي تشهد عدم استقرار في الآونة الأخيرة حيث ترتفع وتنخفض خلال ساعات. وأكّد البلة أن تصريحات المسؤولين لا وجود لها على أرض الواقع مما جعلهم عرضة لانتقادات المواطنين الذين يتهمونهم بأنهم سبب رئيسي في الارتفاع وبعدم الانصياع لقرارات المسؤولين. وفي السياق أكّد عبد الرحمن عبّاس باتّحاد الغرف الصناعية أن أزمة السكر هي مشكلة مفتعلة وربما يكون السبب فيها حدوث خلل في عملية التخزين واتّهم التجّار الذين يتسببون في هذه المشكلة بعدم الوطنية. وأشار إلى أنّ الحل يكمن في قيام الشركات بضخ المزيد من السكّر وذلك بزيادة الإنتاجية إلى (5) آلاف بدلاً من (3) آلاف. وقال إنّ الأزمة في طريقها للحل من خلال الشحن المستمر للبواخر التي في طريقها للسودان فيما أكّد الأمين العام لاتّحاد الغرف التجارية د. يس حميدة أن الارتفاع الذي طرأ على سلعة السكّر مؤخراً يرجع إلى الركود الذي ضرب بعض القطاعات نافياً وجود أسباب موضوعية أخرى للزيادة وأشار إلى أن سلعة السكر أصبحت السلعة الوحيدة التي بها حركة تجارية. وتوقع يس أن تشهد هذه السلعة انخفاضاً تدريجياً خلال الأيام المُقبلة حتى يصل سعر الجوال إلى (130) جنيه بدلاً عن (150) جنيه . وقال خبير اقتصادي فضل حجب اسمه إن أزمة السكر ما هي إلا مسرحية تتكرر سنوياً مع اختلاف الممثلين فيما يظل المخرجون ثابتين في مواقعهم ليأخذوا ضرباتهم من أرباح السلعة، مؤكداً أن كل المصانع الموجودة والعاملة بالبلاد لا تكفي ولا تغطي حاجة الاستهلاك. لافتاً إلى أن حجم الفجوة في العام 2006م بلغ 400 ألف طن بينما الإحصاءات في هذا الشأن مبنية على التقديرات القديمة وقد حدثت في الآونة الأخيرة زيادة كبيرة في عدد السكان في حين لا يوجد توسع في صناعة السكر وما نسمع عنه من إقامة مصانع جديدة للدخول في دائرة الإنتاج ما هو إلا «أسطورة تستبق الأحداث». وقال إنّ بدء إنتاجية السكّر عادة ما تكون في شهر «نوفمبر»، مؤكداً عدم وجود آلية لتحديد الأسعار والمراقبة والمحاسبة في قضايا السكر المتشعبة والمتجددة، وفيما يخص فتح مجال الاستيراد لسلعة السكر لفك الضائقة الآنية أقر الخبير الاقتصادي بأن البنوك ليست بها «أموال» لفتح اعتمادات للتجار المستوردين، مشيراً إلى أن الكميات المستوردة بسيطة لا تغطي الحاجة بالداخل إذ إنه لم تصل الكميات المسموح لها والمصدقة في أحسن حالاتها (100) ألف طن. مؤكداً أن حل الأزمة يكمن في فتح الاستيراد على مصراعيه للقطاع الخاص دون قيود أو رقابة من قبل الدولة ولا يحدد شركات بعينها. وزاد نحن ضد هذا الاحتكار المُبطن. مشدداً على ضرورة استخراج استمارات خاصة بالاستيراد من جهة وزارة التجارة الخارجية لضمان انسيابها وحصرها في جهات الاختصاص. مطالباً بنك السودان المركزي بضرورة فتح اعتماد للتجار بغرض تشجيع الوارد لتوفير السلعة للمواطن خاصة مع اقتراب الشهر الكريم. كما طالب الخبير بأهمية تمليك المعلومة للمواطن لمعرفة السعر الحقيقي للسلعة عندما تستلمها الحكومة من الشركات. وأردف حسب علمي أن سعر الجوال فيها لا يتعدى ال «45» جنيهاً. واصفاً شركات السكر السودانية «بالمشروخة» نافياً وجود منافذ بيع وقال: من يقف فيها.. متوقعاً في حال ثبات الوضع على ماهو عليه أن يصل جوال السكر في مقبل الأيام إلى ما بين «200 - 300» جنيه. فيما ختم حديثه بأن هناك عدة لجان حكومية قد كونت من قبل المالية - التجارة - الصناعة والمجلس الوطني بصدد موضوع السكر حديث الساعة فلنر ماذا هم فاعلون؟!. ويرى الخبير الاقتصادي د. محمد الناير أن التصريحات التي تصدر من قبل المسؤولين في الدولة لا يمكن أن تُسهم في حل مشكلة ارتفاع أسعار السكر وأكد أن الحل يكمن في تحقيق الوفرة وتطبيق سياسة الاعتماد على الذات، مشيراً إلى أن ذلك لن يتحقق إلا بدخول إنتاج مصنع النيل الأبيض وبطاقته الكاملة. ولحين الوصول للاكتفاء لابد من سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك وتقدر الفجوة بحوالي (400) ألف طن حيث يتم إنتاج حوالي (800) ألف طن فيما يقدر الاستهلاك الكلي خلال العام بحوالي (200.1) ألف طن وطالب بضرورة الإسراع في ضخ الكميات المستوردة وطرحها في الأسواق وبالتالي تتراجع الأسعار بصورة تلقائية. واتّهم الناير التجّار باستغلال هذه الظروف بتخزين السكر بغرض الاحتكار ويقع المستهلك ضحية لأطماع وجشع هؤلاء التجار لذلك لابد من قطع الطريق أمامهم بضخ كميات كبيرة من السلعة.