لقد عشنا بها زمناً- رغدا، للذين يحبون الشعر الجيد هذا نصف بيت: لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم والمرء بأصغريه قلبه ولسانه.. أما القلب كما قال حبيبنا المصطفى عليه وعلى آله أزكى التسليم.. إنما القلب مضغة إذا صلح صلح سائر الجسد.. أو كما قال.. بهذا المدخل نتحدث عن المدينة الأصيلة أم درمان، وما كان في ربوعها ونجوعها وأروقتها ومجالسها من أهل الفن والجمال والطرفة والنكتة وعلى رأسهم موسى ود نفاش وحكاياته مع أعيانها ورموزها الكبار وقد طبقت شهرته الآفاق.. فأصبح مثل نصر الدين جحا في التراث التركي تنسب اليه كل الطرائف والمواقف المحيرة والذكية، التي تفجر ينابيع الضحك حتى غدت الأمثال والحكايات والطرائف تبلغ عدة آلاف، وصدرت عنها الكتب بأكثر من لغة، بالفارسية والتركية لغة أهله الأم- فجحا تركي- وبالعربية ومن أشهرها كتاب العقاد العملاق الذي اختار له عنوان جحا الضاحك المضحك.وإذا عدنا إلى أم درمان نجد فيها من أهل الطرافة عبد الكريم بليل بمنولوجاته الشيقة ومن أطرفها منلوجه.. حماتي.. حماتي الذي يجاري به أغنية أحمد المصطفى حياتي حياتي.. أحبك أنت كحبي لذاتي، أحبك أنت لأنك أنت معاني الحياة.. وأعتقد أن الذي كتبها بلدياتنا مبارك عبد الوهاب رضوان.. الذي كتب للعميد أكثر من أغنية.. وقد أعقبها العميد بالكسرة الجميلة.. ياظبية سارحة وين.. مع الغزلان في الوديان.وكان من رموز أم درمان العم خضر محمود والد صديقنا درمه.. عابدين خضر محمود، وما أن يلتقيني درمة إلا وتغرورق عيناه بالدموع ويحتضنني، فأنا أذكره والده عمنا الظريف الشهم الولوف خضر محمود.. وحكاياته التي لا تنضب مع الصاغ التاج حمد مدير الإذاعة، ومع الوزير الطريف في كثير من تعليقاته، وفي جدية تامة عمنا الوزير الخطير اللواء طلعت فريد، والذي يعتبر الرجل الثاني في نظام 17 نوفمبر، بعد اختفاء عمنا رمز العسكرية الخالد اللواء الفذ أحمد عبد الوهاب، والذي هو واللواء أحمد مجذوب البحاري، واللواء المقبول الأمين الحاج تربطنا بهم جميعاً صلة القرابة والرحم والمصاهرة.. ولنا مع كل واحد منهم حكايات وحكايات.ومن رموز أم درمان الذين غابوا عن سمائها بر أبو البتول والد صديقنا الفنان الذكي ابن البلد عوض بر.. وعمنا أحمد عبد الصمد أماسينا.. فقد عاصره الكثيرون من أبناء هذا الجيل، وكان الرديف التوأم لابن أم درمان ورمزها الخالد الذي أدعو له بالصحة والعافية الهادي نصر الدين.