«عند زيارة له- عليه رحمة الله ورضوانه- بمقر إقامته بجدة بالمملكة العربية السعودية، برفقة سعادة الفريق أول عمر محمد الطيب نائب رئيس الجمهورية، وقد جاء من القاهرة مستشفياً وزائراً. أهداني السيد الرئيس القائد جعفر محمد نميري، عليه رحمة الله ورضوانه نسخة من كتابه «جعفر نميري - الرجل والتحدي» مع إهداء جميل على غلافه الداخلي. كانت تلك الكلمات وساماً رقيقاً.. اعتبرته أغلى أوسمة الدنيا من رجل يعرف قدر أبنائه الذين عملوا معه بإخلاص وتفان ونكران ذات وكان ذلك بالتحديد في 15/11/1992م». هذه المقدمة.. أردت أن أعبر بها إلى جوهر المعاني.. في ذكرى عزيزة وغالية جداً على قلوبنا ثورة الخامس والعشرين من مايو المجيدة. وإذا كان القائد وبعض الرفاق قد انتقلوا إلى رحمة الله.. فإن في الصفوف الدنيا رجالاً لازالوا يحملون وهجها الذي رسم خارطة جديدة للحياة... ويتنسمون عبيرها الرائع.. ويتغنون بتلك الكلمات التي صدح بها أهل بلادي في ريفهم وحضرهم.. يا صباح الخير.. يا صباح ويا فارسنا.. وحارسنا.. أبعاج أخوي... يا دراج المحن.. أنت يا مايو الخلاص.. يا جداراً من رصاص خليتنا نحس... بالعزة تهز كل كيانا وغيرها وغيرها من أدبيات الثورة التي أشعلت الوجدان.. وغمرته بروح جديدة. أرفع في تقدير وحب ووفاء وامتنان.. إلى قائدها ومفجرها - عليه رحمة الله ورضوانه- المشير جعفر محمد نميري.. أجمل ما يمكن أن يسجله قلم مخلص ووفي... وقلب ذاخر بالحب.. وانتماء لا يتزحزح قيد أنملة من مبادئ وقيم وحياةٍ كان يمثل لنا فيها.. عليه رحمة الله ورضوانه.. القدوة الحسنة.. والمثل الأجمل.. والمعنى الأكمل. ولرفاقه الأبرار.. الأحياء منهم والأموات أصدق عبارات الوفاء و الحب.. لما قدموه لوطنهم من تضحيات وإنجازات لا تخطئها العين. داعياً الله لهم جميعاً المثوبة والمغفرة وأن يجزيهم الله كل خير على ما أعطوه للوطن من أعمال خالصة لوجهه تعالى.. بعيداً عن أهواء النفس وأطماع الدنيا. وستظل ذكرى 25 مايو المجيدة.. معلماً بارزاً في تاريخ السودان .. وكتاباً لمعالم الطريق.. أتمنى أن يحسن الناس قراءته كنموذج للحكم الرشيد وهيبته.. وفاعليته. تمر علينا هذه الذكرى الخالدة.. لتعيد إلى عقولنا شريطاً طويلاً من التاريخ.. وفصولاً من الأحداث وزماناً هو بكل المقاييس أفضل حالاً من أي زمان. في كتابه «جعفر نميري.. الرجل والتحدي» أوضح السيد الرئيس القائد- عليه رحمة الله ورضوانه- أن تفجير ثورة 25 مايو لا يمكن أن يستوعبها أولئك العابرون في أزمنة التيه والضلال.. والشتات والتحزب الأعمى.. لأن شمول التجربة لا يتبع لجهد منفرد مهما أخلص أن يلم بكل جوانبها.. وإن استطاع فإن الثورة على العرض والتحليل تظل قاصرة على ربط المقدمات بالنتائج.. والمسببات بالأسباب.. ذلك أن حجم التغيير الذي تحقق لا يمكن أن يقاس بإنجازات تم تحقيقها.. أو مشروعات أقيمت هنا وهنالك.. أو سياسات تبدلت.. أو ارتباطات دولية وإقليمية اتخذت شكلاً جديداً. كان التغيير يهدف إلى: 1 إقامة سلطة الدولة القادرة على استيعاب تطلعات الجماهير نحو حياة أفضل . 2 استبدال السياسات الخارجية القديمة بأخرى متطورة تتناسب مع حجم السودان وموقعه وتعدد انتماءاته عربياً وأفريقياً. 3 تأسيس مشاركة جماهيرية حقيقية في السلطة كبديل للتمثيل الوهمي للجماهير في مؤسسات لا تنتمي الجماهير إليها.. ولا هي تعبر عن إرادتها. 4 تكثيف الخدمات، والعدالة في توزيعها.. ارتقاءاً بها.. بحيث تكون شاملة وكافية ومتناسبة مع متطلبات الحاضر والمستقبل. 5 انحياز يعيد التوازن للمعادلة الاقتصادية والاجتماعية، وهذه كلها وسائل وليست غايات.. أدوات وليست أهداف. --- انتهى--- ü نعم.. ما استهدفته ثورة 25 مايو المجيدة.. كان حقيقة ثورة حضارية بأكثر منها ثورة لها أبعادها التقليدية المعروفة في مجالات السياسة والاقتصاد. ü فقد طرحت الثورة شعار الوحدة الوطنية.. فتكالب عليه أعداء الوحدة الوطنية. ü طرحت الثورة هدف بلورة القومية السودانية فزايد عليها المحسوبون على القومية العربية.. باعتبارأن الدعوة الأولي مناقضة للدعوة الثانية.. غير مدركين بأن السودان «موحداً» هو إضافة قوة للأمة العربية - بينما السودان «ممزقاً» هو طعنة للعروبة من داخله وليس من خارجه. كما أن دور المؤسسات السياسية والدستورية قد تحقق قبل أن تقوم.. وأن قيامها والثقة فيها لم تكن «هبة»حاكم.. ولا منحة قائد.. وإنما هي حقوق مارسها من غير تنظيم، وهو أقدر على الحفاظ عليها بعد أن انتظمت صفوفه وتوحدت إرادتة واختبرت إرادته وقدرتها عبرمواقع وليس عبر مواقف في ساحات نضال ..وليس في ساحات مزينة بالكلمة حماس بالشعاروللشعار.. فالاتحاد الاشتراكي السوداني العظيم شكّل بوصلة الحكم في قاعدته وجماهيريته المنتشره في كل أنحاء البلاد سلطة سياسية فاعلة وحاكمة. ومجالس الحكم الشعبي المحلي.. الأداة التنفيذية الجماهيرية.. لارواتب..لاعربات..لا امتيازات ..أدهشت الدنيا بأدائها الرائع المميز.. وإنجازاتها الباهرة الماثلة للعيان حتى يومنا هذا- إذ شكل العون الذاتي الجماهيري 75%من عمل هذه المجالس في صورة من أعظم صور التلاحم الجماهيري وقدرتها على العطاء و الإنجاز.. وكذلك المنظمات الجماهيرية الفاعلة «اتحاد الشباب» و«اتحاد النساء» و«لجان تطوير الريف» و«مجالس الآباءوالمعلمين» الأزرع الممتدة بالنشاط والعمل في ميادينه المختلفة والسواعد التي شيدت المدارس والمراكز الصحية والطرق- وأكدت أن العون الذاتي كان برنامجاً للحياة تم تطبيقة بمثالية وقدرات خلاقة في ظل شح إمكانات وموارد.. إن الإبداع الجماهيري الذي منحتة تنظيمات الثورة المختلفة.. كان بحق مشهوداً في كل المجالات.. وكان عطاء خلاقاً وإنجازاً لا يمكن وضعه إلا في خانة الأعمال الوطنية الجليلة. كما أن تجربة الحكم الشعبي المحلي والتي أبدعها المرحوم د.جعفر محمد علي بخيت.. ستظل هي الأكمل والأفضل في السودان .. فيما حاول البعض القفز فوقها.. وتجاهل رصيدها الذاخر بالإنجازات والأعمال. فإن كانت هنالك من علامات استفهام تطرح نفسها الآن- بمقاييس واقع العمل الجماهيري الجاد، فإن الساحة اليوم خالية تماماً من أي عمل جماهيري مقنع.. ذلك أن فشل اللجان الشعبية وابتعادها عن العمل الجماهيري الطوعي قد ألقى بظلاله بعيداً، ذلك أن هذه اللجان لا ترتبط ببرامج عمل أو تنظيم هرمي يتابع أداءها الضعيف، مما أقعدها تماماً عن آداء الدور المناط بها. فأين وجه المقارنة مع التنظيمات الجماهيري ومجالس الحكم الشعبي المحلي، ودورها الفاعل في المجتمع؟ وسؤال آخر برئ.. أين الرأسمالية الوطنية.. ورجال الأعمال.. وسيدات الأعمال.. وقد كانوا في «مايو» يعدون على أصابع اليدين؟!... أين هم من حركة البناء والعطاء الآن؟! كان رجال الأعمال يتواجدون في كل حي وكل مدينة بعطائهم المخلص.. يقومون ببناء المدارس والمراكز الصحية، والمستشفيات والكثير من الخدمات الاجتماعية وهي معالم الآن لا تخطئها العين. أين هم الآن؟! وقد صاروا بالملايين عدداً.. لم أسمع يوماً بأن فلاناً قد شيّد مدرسة، أو مركزاً أو مسجداً أو حتى شارك في صيانة منشأة. فهل مات هذا الحس الجميل الذي كان في «مايو» مشعلاً ومنارة؟!. وأين هي الفعاليات الجماهيرية اليوم بالأحياء أين التنظيمات الجماهيرية.. أين فاعلية اتحادات الشباب ودورها في الأحياء؟! وأين التنظيمات النسوية ودورها في التوعية ومحو الأمية؟! وأين اختفت مجالس الآباء والمعلمين في المتابعة، والمراقبة، إلى جانب دورها الفاعل في الصيانة وحل المشكلات؟. أقول للإخوة في المؤتمر الوطني، ونحن نلتقي فكراً في الكثير من أطروحات العمل الوطني الجاد.. ليس عيباً أو منقصة في حقكم أن راجعتم رؤيتكم في أداء اللجان الشعبية التي أثبتت فشلها على مدار البشرية. وليس عيباً أن تأخذوا بالتجربة «المايوية» في إعادة العمل «بقانون الحكم الشعبي المحلي» كتجربة رائدة وتنظيمية كان لها أثرها ودورها الفاعل في الحركة الاجتماعية.. ستجدون معاصماً للعمل الوطني الصادق، ستدركون أنكم أهملتم بقصد أو دون قصد تراثاً رائعاً، وتجربة ثرة لا يصلح غيرها بديلاً للأداء الفاعل. أعيدو للحكم الشعبي نكهته الجماهيرية.. واستنهضوا همم الخُلَّص من أبناء الوطن بدلاً من هذه «الجوقة» المكبلة بالامتيازات والعربات ولا تخدم إلا نفسها!. أعيدو للضابط الإداري موقعه وفاعليته.. أعيدوا لرجال الأعمال دورهم في المجتمع وفي مجالات النهضة والعمران. التاريخ لا يرحم.. أعيدوا لمايو ما سلب منها، وهو للتاريخ إنجازات وأعمال شامخة كالمنارات.. أزيلت ظلماً في دهور التيه والضلال بحجة « إزالة آثار مايو».أعيدوا «لحدائق مايو» بريقها وجمالها... فليس «لأبريل» ناقة ولا جمل فيها إلا تدميرها.. أعيدوا «حجر الأساس» باسم الرئيس القائد جعفر نميري - عليه رحمه الله ورضوانه- لأنه من صنع تاريخ هذه الإنجازات. أطلقوا اسم القائد على مواقع أو شوارع لأن من يحملون الأسماء اليوم لم يقدموا شيئاً للسودان. مايو.. إنجازات وتسمية تقول «أنا مايو» معالم تتحدث من نفسها.. وتاريخ لازال يكتب. تحية لثورة 25 مايو المجيدة.. في عيدها الممتد عبر الوطن.. وتحية وفاء وحب لقائدها الفذ المشير جعفر نميري - عليه رحمةالله ورضوانه- ولأولئك النفر الجميل الذين رافقناهم في المسيرة الظافرة في حب ومودة وإخلاص منقطع النظير. وأقول في الختام لكل أولئك الذين يتقلدون مواقع للعمل الوطني «خذوا من مايو مناسك الصدق والشفافية». ü بطاقة أخيرة لمن احتواه الثرى.. للرئيس القائد.. جعفر نميري - عليه رحمة الله ورضوانه- أيها الشامخ فوق هامات العطاء.. أيها الرافل في ثوب المحبة والصفاء.. ما الوفاء.. أن لم يكن لك ولمايو.. وللوطن حباً وانتماء. üأمين المنظمات الجماهيرية للاتحاد الاشتراكي منطقة الخرطوم «بين النيلين» سابقاً