حشر راصد «بيت الأسرار» نفسه وسط جمهرة الموظفين الذين تنادوا إلى مكتب المدير المتمرد الرافض لقرار المسؤول الأعلى، علت الأصوات وغلت الدماء في العروق من الغضب وتساءل (الجماعة) عمن يكون وراء تسريب المعلومات الحقيقية حول التجاوزات المالية ليتم النشر في الصفحة الأولى بالصحيفة واسعة الانتشار والتأثير، وضمت قائمة الاتهامات الافتراضية عدة أسماء، ثم جرى استبعاد بعضها لتنحصر التهمة في اثنين بينما الحقيقة غير ذلك. راصد «بيت الأسرار» حبس أنفاسه وخشي أن يتهمه أحد بأنه وراء التسريبات التي وصلت للصحف، وخشي من قطع العيش في ظل الثورة الضارية التي لن تبقي ولا تذر إذا عُرفت الحقيقة، خاصة وأنه من المؤمنين بالقول المعروف: (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق). دق قلب الراصد بشدة وجف ريقه لكنه تماسك وتجالد وقوي موقفه عندما اتفق الجماعة على إرسال (شخص ما) إلى الكاتب ليقول له إنه من طرف (فلان) الذي هو أحد المتهمين الاثنين وأنه على استعداد لمده بمزيد من المعلومات.. وإذا ما استجاب الكاتب للمرسال ستنكشف الحقيقة وتثبت التهمة.. هنا تنفس راصد «بيت الأسرار» الصعداء مرتين الأولى لأن الاتهام لم يصل إليه والثانية لأن الأنظار انصرفت عنه نهائياً ولم يدر بخلد أحد من المجتمعين في مكتب المدير المتمرد أن التسريبات تجيء من الداخل!!! أزرع مليم وأحصد مليار! ü راصد «بيت الأسرار تلفت يمنة ويسرة ثم أغمض عينيه وهو يجلس في مقعد قريب من مقعد الموظف المسؤول داخل إحدى الوزارات الولائية، وحسِبَ من هم بجواره أنه (نائم) لكن الراصد تعامل برصيد ضخم من المكر والدهاء مع الموقف وانخرط في إغفاءة تمثيلية معها (شخرة) قصيرة وأرهف السمع بعد ذلك لتتوالى المفاجأت وقد لاحظ وجود نجم معروف في تلك اللحظات يتابع ما يدلي به الموظف الكبير المختص عن اكتشاف تلاعب كبير في مساحات تم تخصيصها لمن يستحق لكنها عادت بالمليارات لمن لا يستحق وهو موظف في ذات الوزارة الولائية لم تسجل ضده من قبل نقطة سوداء أو (خضراء) ومع ذلك تحايل على الآخرين و(نجح) في (السقوط) وكان يتصرف كأنما هو ناجٍ أو آمن من العقوبة إلى أن تكشفت الحقائق بالأمس لتبدأ أولى حلقات مسلسل التحقيقات التي يبدو أنها ستكون أطول من حلقات المسلسل التركي. }}