كلا الطرفين - الحكومة وحكومة الجنوب-على استعداد لإيجاد حل معقول، بل احسب أنهما لا يمانعان مبدأ الاقتسام ، ولكن المشكلة تكمن في نقوك والمسيرية، كما أن بلدة ابيي متوغلة في الشمال. نقوك تعتبر ارض ابيي مقدسة بالنسبة اليهم ، وهذا عائد الى معتقداتهم وثقافتهم ، وبالتالي فان التخلي عنها(هي بالذات) امر يشبه الوقوع في المحرمات التابوهية حيث يستتبع ذلك اللعانات جيلاً وراء جيل ! وإما المسيرية فلربما لا يصرون على بلدة ابيي ذاتها بقدرما يريدون الشعور بأن الاقليم برمته غير محرم عليهم بل هو من حقهم الذي توارثوه كابراً عن كابر ، والأمر يتعلق ببهائمهم أكثر من أنفسهم ، وبالنسبة للبدوي المسيري فان عقاره وملكه وحماه المقدس هو مجال سقيا ورعي سوائمه ليس الا ، بمعنى ان مصلحة السعية مقدمة على مصلحته لأنها مصدر شرفه وكرامته، وهكذه فهي قضية هوية ومنظومة قيم ايضا. اذاً فسنخلص الى اننا ازاء مشكلة ثقافية بالدرجة الأولى، ولكنها ارتبطت بالارض، لذا أكتفينا بالتعامل معها بوصفها مشكلة اقتصادية -سياسية. أنا ههنا أريد منك سيد أمبيكي كوسيط محترم من الطرفين، ان تفكر ثقافياً، لكي تجد حلاً مقبولاً يذعن له الطرفان، وما ستقبله القبيلتان حتماً سيكون مقبولاً من طرفي نيفاشا. من جانبي ساراعي فوراً الجانب الثقافي هذا حين اطرح حلاً وسطاً يوفق بين شروط العقليتين. اولاً : لكي يكون الحل قانونياً ومتسقاً مع قرار لاهاي ومبادئ ميشاكوس ، فانني اقترح اعتبار ابيي - محل حديثي هنا -هي تلك المساحة التي رسمت حدودها محكمة لاهاي أخيراً . واعتبار حدود 56 هي ما يجب تطبيقه لوضع الفاصل بين الشمال والجنوب فيما يتعلق بهذا الاقليم. ثانياً : طالما أن أبيي البلدة ، ستقع شمالاً ، فانه يمكن حفظ حقوق نقوك بتمليكم اراض للسكن وزرائب لبهائمهم ومناسباتهم في اطراف البلدة على ان يكون التمليك حراً ، يمنع الحكومة من نزعها منهم في أي وقت وبضمانة دولية. ثالثاً : يمنع المسيرية من التصويت في الاستفتاء بجانب نقوك بخصوص تبعية الاقليم(ادارياً) وليس جغرافياً - سياسياً، وفي المقابل تبنى بلدة ابيي 2 جنوب بحر العرب مباشرة ولا يحق لغير المسيرية سكناها، كما يملكون الارض ملكاً حراً بنفس الطريقة اعلاه، ولكن ذلك كله في حدود الاقليم حسب قرار لاهاي. ويحق للمسيرية وحدهم التصويت في استفتاء خاص بهم حول التبعية(الادارية فقط) حيث ان التبعية الجغرافية السياسية والقانونية بالنسبة للارض ستكون للجنوب حتى حدود 56 على نحو ما قررنا للطرف الآخر. رابعاً : اراضي الاقليم التي تقع شمال الحدود تشكل ادارية ابيي نقوك والتي تقع جنوباً هي حدود ادارية ابيي مسيرية 0 وتحكم بواسطة القبيلتين كل على حدة، وفقاً لنتائج الاستفتاء ، سواء اختاروا النظام الاداري والتبعية للشمال او للجنوب. خامساً : يحق لأي من القبيلتين التمتع بالمراعي داخل هذا الاقليم بحرية تامة، دون حجر، شمالاً وجنوباً وحسب الاعراف التي كانت سائدة بينهم طوال الوقت. سادساً : يحق لأبناء القبيلتين التمتع بالجنسية المزدوجة. سابعاً : يحق لاي من جيشي الشمال والجنوب حماية حدوده حتى خط 56 مع ايجاد مرونه ومساحة منزوعة السلاح عند تخوم الحدود الدولية. ثامناً : في حال اختارت القبيلتان او احداهما نظام الحكم والادارة المطبق في الدولة الأخرى فانه يحق لها تدريب مليشيا من ابنائها وحدهم والاستعانة بشرطة الدولة الأخرى لحمايتها. ولا يجوز ادخال الجيوش الا في حال الابادة الجماعية من جانب الجيش الآخر. تاسعا: يجب ان يكون الإقليم برمته منطقة تكامل اقتصادي وتعاون تنموي من جانب حكومتي الدولتين. عاشراً : يحق لأي من الدولتين الانتفاع بما تحت سطح الارض من نفط ومعادن وبما فوقها من ماء وزراعة ولكن في حدود خط 56 وبما لا يؤدي الى نزوح أي من القبيلتين من اراضيهما المملوكة. بهذه المقترحات القابلة للتطوير والضبط من جانب القانونيين والسياسيين نكون قد لبينا رغبة نقوك في الاحتفاظ بارض الاجداد المقدسة(في نظرهم) ويكون المسيرية قد ضمنوا رعي بهائمهم بحرية وأمان على ارض الأجداد حتى ما وراء بحر العرب. وكل ذلك منضبط تماما بمبادئ ميشاكوس وبحكم لاهاي وبتقاليد وثقافة القبيلتين وبمقتضيات نيفاشا.