يعد الإرهاب جريمة العصر الذي نعيشه لدرجة أنه أصبح يشكل ظاهرة في معظم المجتمعات المتخلفة والمتقدمة، ومن هنا ازداد الاهتمام بدراسة الظاهرة على الصعيدين المحلي والدولي لتحليلها، وتفهم أسبابها، ودوافعها، وتحديد المقصود بها لتشخيصها، حتى يمكن التعامل معها على أسس علمية صحيحة داخلياً وخارجياً ثنائياً ودولياً. ظاهرة الارهاب لها انعكاسات ومضامين خطيرة على المجتمعات والاقتصادات المختلفة على المدى القصير والمتوسط والطويل، كما أن لها أبعاداً سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية عديدة، لذا لا نندهش كثيراً أن نجد أن اهتماماً متزايداً على مستوى العالم حكومات وشعوباً ومنظمات دولية بهدف مواجهة الارهاب. وإذا كان الإرهاب نشاطاً يرتكب ضد المجتمع بكل مقوماته وأركانه، فإنه لابد وأن يؤثر في الكيان الاقتصادي للمجتمع، الذي ابتلي به ومن هنا وجب تسليط بعض الضوء على دوائر العلاقة بين الارهاب والاقتصاد، ومدى التداخل بين هذه الدوائر. وأيا كانت الدوافع التي تقف وراء العمليات الارهابية والقوى التي تحركها فإنها تؤثر وبقوة على المقدرات الاقتصادية للدولة والمجتمع ككل، إذ تؤثر سلباً على الدخل القومي بشكل مباشر وغير مباشر، ويعتمد هذا التأثير على العديد من المجددات المهمة، تختلف الآثار الاقتصادية للعمليات الإرهابية في الدول المتقدمة عنها في الدول النامية. مع انتشار الإرهاب تعمل الدولة على مواجهته بكل السبل، فتزيد من عدد قوات أمنها، وقد تستعين بالجيش كما في بعض الدول تحتاج الدولة الى مزيد من الانفاق على التسلح والتدريب والتجهيز، وكل هذا في إطار توفير الدعامة البشرية والدعامة المادية والدعامة المعرفية، وتحديث البيانات والمعلومات حول الإرهاب وعناصره ومصادر تمويله وتسليحه. يؤدي الإرهاب الى حدوث ما يمكن أن نطلق عليه الهجرة الأمنية، أي الهجرة الجماعية من بعض المناطق التي تزداد فيها حوادث الإرهاب طلباً للأمن من جهات أخرى تفرض فيها الحكومة سيطرتها، وهذا الوضع لا شك له آثار اقتصادية ضارة على المناطق المهاجر منها. إن مناخ الاستثمار هو مناخ ذو جوانب عديدة قانونية وتشريعية وسياسية وأمنية واقتصادية، وأن الاستقرار الأمني يعد مطلباً ضرورياً للاستثمار الداخلي وكذلك الخارجي، لذا فإن انتشار الارهاب قد يعمل على تقويض مناخ الاستثمار كلية، إذ لا قيمة لأنه حوافز أو ضمانات أو مزايا تعطيها دولة ما في ظل انعدام الأمن والأمان فيها، ومن ثم فإن الإرهاب يعمل على إضعاف الميل للادخار والاستثمار في داخل البلد، ومن ثم يصبح البلد غير قادر على تشجيع رأس المال الوطني للاستمرار فيها. وهنا نجد أن خطر الإرهاب يساهم في إحداث آثاره إذ يؤدي الإرهاب الى الإساءة لسمعة البلد، التي قد تضطر الى تقديم المزيد من المزايا والحوافز المالية والنقدية، لكن دون جدوى، وهنا تصبح الخسارة مركبة ومضاعفة تشمل فقدان الأموال التي سبق أن أنفقت في سبيل تشجيع الاستثمار. يُعد قطاع السياحة من أكثرالقطاعات الاقتصادية حساسية، لكل الأحداث والتحولات التي شهدها البلد المضيف، ويعد الارهاب في الواقع أكبر الأخطار والتحديات التي تواجهها أكبر صناعة في العالم، وهي صناعة السياحة، وهذا الخطر يلحق أكبر الضرر باقتصاديات الدول التي تلعب عائدات السياحة المباشرة وغير المباشرة دوراً مؤثراً وفعالاً في تنميتها الاقتصادية. إن أيدي الارهاب تمتد لالحاق الضرر بالمنشآت الاقتصادية، وهذه العمليات تكون ذات تكلفة اقتصادية مرتفعة تتمثل ليس فقط في حجم الخسارة التي لحقت بها بل تشمل الأموال. الإرهاب ظاهرة اجرامية دولية أخذت طريقها الى عالمنا المعاصر دون التفريق بين مجتمع وآخر، أو دولة وأخرى همه تهديد الأمن وإعاقة التنمية وإثارة الرعب بين الناس الأبرياء الآمنين، وهمه تدمير المجتمعات وتخريب منشآتها ومؤسساتها، انه عمر إجرامي لا يعرف الحدود منفذوه أفراد منحرفون أعماهم الجهل أو فئات ضالة تملكها الحقد الى أبعد الحدود.. إنه من غير الممكن أن تدعي أية دولة انها بمأمن من الخطر الإرهابي، ويستحيل عليها- بالتأكيد- أن تقوم منفردة بمواجهة هذا الخطر مهما أوتيت من قوة وتوافر لها من امكانات، وإنما يلزم تكاتف جهود المجتمع الدولي ككل من خلال تعزيز التعاون الدولي الذي يعتبر حجر الزاوية في أية مواجهة فعالة للظاهرة الارهابية -إن مقاومة الإرهاب ينبغي أن تتخذ أسلوباً جاداً، لأنه ليس عملاً سياسياً ولا فكرياً، وإنما هو عنف مسلح مجرم ومدان في كل الشرائع والعقائد والقوانين والقيم الإنسانية.