واليوم نذهب ونحن نحمل أمتاراً.. بل أميالاً من المناديل.. نذهب بها إلى ذاك الوسيم البهي الوديع.. الذي أشاع الفرح أحياناً وهو يجمل ليالينا.. ثم هو نفسه من استمطر من عيوننا الدموع وهو «يرش» خيمة عزائنا بهاطل الدموع.. اليوم نحن مع زيدان إبراهيم.. معه وهو يختلج ينوح ويبكي مع إبراهيم ناجي.. ذاك الدكتور الذي كتب إلى الحبيبة من محبرة الوريد.. وعطر رسائله إليها بطعم الدم.. وغسل كلماته بماء الدموع المالحة.. ليطهر جرحاً غائراً وعميقاً.. نازفاً ورافعاً ويا لهول الوداع.. ويا لقسوة مع السلامة.. ويا لبشاعة تلك اللحظات والرجل يشتعل بالجحيم.. وهل كلمات تصلح للبكاء غير.. داوي ناري والتياعي.. داوي ناري والتياعي وتمهل في وداعي يا حبيب الروح هب لي بضع لحظات سراع قف تأمل مغرب العمر وإخفاء الشعاع وابكي جبار الليالي هده طول الصراع ما يهم الناس من نجم على وشك الزماع غاب من بعد طلوع وخبا بعد التماع أه لو تقضي الليالي لشتيت باجتماع كم تمنيت وكم من أمل مر الخداع وقفة اقرأ فيها لكي أشعار الوداع ساعة أغفر فيها لكي أجيال امتناعي يا مناجاتي وسري وخيالي وابتداعي تبعث السلوى وتنسي الموت مهتوك القناع دمعة الحزن التي تسكبها فوق ذراعي أرايتم كيف هي مفزعة.. مخيفة.. مرعبة «مع السلامة».. آه من الوداع ويا لهول تلك اللحظات.. وكذا ظل الحال وكل لحظات الفراق والبعاد والرحيل تكتب بالدموع.. والتاريخ يشهد منذ أن عرف الناس الحرف.. منذ أن عرف الناس الشعر المغنى.. منذ ذاك الذي ناح وهو ينشد.. شاقتك ظعن الحي حين تحملوا.. فتكنسوا قطناً تعد خيامها.. وتبعه ذاك الذي خانته الرجولة وهو ينشد.. ودع هريرة إن الركب مرتحل.. وهل تطيق وداعاً أيها الرجل.. لنصل إلى بكاء الدكتور الذي أبكى زيدان الذي أبكانا.