ويتوشح بالحزن والفاجعة حي العباسية بأم درمان حيث ولد في منتصف الأربعينيات. رحل عازف المزمار ومؤدي أغاني إبراهيم عوض ووردي وكابلي حينما يحبو فنياً. وكما تعلم المشي على (مشاية) المطرب الهرم إبراهيم الكاشف التي صنعها له من الخشب، تعلم زيدان مشي العزف على العود على يد الموسيقار صالح عركي في مطلع الستينيات. فأجاد عزف أغاني وردي حتى لقب ب (وردي الصغير).. ترك المدرسة وهو في سنته الثانية الثانوية بالأهلية أم درمان، متمرداً على قرار ناظر المدرسة الذي كان (مضاداً حيوياً) للفن !! كانت أغنيات (بالي مشغول.. وما هو عارف.. وبيني وبينك والأيام) الجسر الذي أوصله إلى الإذاعة عام 1963م. وبعد أن وضع أقدامه الفنية كظاهرة فنية شبابية جديدة من خلال أغنيات (ما سألت يوم علينا) و(بالي مشغول يا حبيبي) و(وداع) انطلق محدثاً ضجة في المشهد الفني السوداني، فقدم (قصر الشوق/ فراش القاش/ في بعدك يا غالي، وليه كل العذاب). وكانت (قصر الشوق) التي كتب كلماتها الشاعر التجاني حاج موسى ولحنها الموسيقار عمر الشاعر هي الشهاب في فضاء شهرته. ونتوقف عند البروفيسور الفاتح الطاهر، وهو يتحدث عن زيدان إبراهيم في كتابه (مع رواد الأغنية السودانية المعاصرة) حيث ذكر: زيدان احتفظ بمذاقه الخاص واستقلال شخصيته الفنية في الأداء وأصبح ما شحن به غناءه من عاطفة وشجن، تتسلل إلى أعماق القلوب بأداء متميز جذاب حتى بالتعبير بالحركة أثناء الغناء، ووضحت في معظم أغنياته شحنات من الحزن يفيض بها صوته). (زيدان ليس في أغانيه كلمات يمضغها أو يأكلها، بل الحرف واضح والكلمة إحساس.. إن سر نجاح هذا الفنان الذكي يكمن في الهدوء والتركيز الهائل.. وستبقى أعماله الفنية ثروة خالدة على مر الزمن يعتز بها تاريخ الموسيقى السوداني). لا نستطيع أن ننسى ونحن في شبابنا كنا نردد مع المطرب زيدان رائعة إبراهيم ناجي التي يقول فيها: داوي ناري والتياعي وتمهل في وداعي يا حبيب العمر هب بضع لحظات سراع قف تأمل مغرب العمر وإخفاق الشعاع وأبك جبار الليالي هزه طول الصراع وما يهم الناس من نجم على وشك الزماع غاب من بعد طلوع وخبا بعد التماع آه لو تقضي الليالي لشتيت باجتماع كم تمنيت وكم من أمل مُر الخداع وقفة أقرأ لك فيها أشعار الوداع ساعة أغفر فيها لك أجيال امتناع يا مناجاتي وسري وخيالي وابتداع تبعث السلوى وتنسى الموت مهتوك القناع دمعة الحزن التي تسكبها فوق ذراعي وهل هناك أعمق من هذه الكلمات لنرثي بها العندليب الأسمر؟! ألا رحم الله زيدان إبراهيم نجم الغناء الذي خبا...