لطالما أعارني الزمان أذنه ليستمع لشكواي من رهق الحياة وعنتها... ولطالما تذمرنا وتأففنا.. سخطنا ورضينا.. والدنيا سادرة في غيها لا تلتفت لربح أو خسارة.. ولا تكترث لآلامنا وأوجاعنا.. أفراحنا وأتراحنا.. ونحن نسير معها على نفس الإيقاع.. وبذات النغمة.. ومسيرنا حتماً سيوصلنا إلى نهاية الطريق الذي يفضي إلى دنيا أخرى لا تنتهي وتستمر إلى الأبد... فماذا جنينا من كل هذا المسير؟ وهل ترانا حققنا آمالنا.. ووصلنا إلى مبتغانا.. وطموح الإنسان يبلغ عنان السماء.. كلما ارتقى إلى درجة طمع في الأخرى.. وكلما نال مقصداً.. نشد آخر.. وهكذا الإنسان لا تتوقف آماله حتى المحطة الأخيرة.. ولأنه خلق عجولاً فهو لا ينتظر بصبر تحقيق المقاصد.. فيلجأ إلى شتى الوسائل ومنها الدعاء.. بقوة وإلحاح... ووالله ما خاب من دعا الله مخلصاً موقناً بالإجابة ولو بعد حين..!. استوقفني حديث قدسي.. قال الله تعالى:(يا عبدي كن عبداً ربانياً إذا قلت للشيء كن فيكون)!.. واستغرقني كلية.. السؤال: كيف يكون العبد ربانياً إذا دعا أجيب.. وإذا قال للشيء كن فيكون؟!.. ما هو الطريق المؤدي.. إلى ذلك.. وما هي الوسيلة المفضية إلى هذا المعنى الكبير وأوجه الخير متعددة.. متشبعة.. ولا ندري أي الأعمال أحب وأكبر عند الله.. وأكثرها قبولاً.!. فلا يحقرن أحد معروفاً صنعه.. جاء في سورة الكهف على لسان سيدنا الخضر عليه السلام بعد أن علمه الله تعالى العلم اللدني.. عندما أراد تبرير الأسباب التي دعته للقتل.. وخرق السفينة.. وبناء الجدار عندما استنكر موسى عليه السلام منه ذلك.. فقال تعالى على لسان الخضر عليه السلام: (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً «79» وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفرا «80» فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاة وأقرب رحما «81» وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا «82»).. لاحظ الكلمات.. فأردت أن أعيبها، فأردنا أن يبدلهما، فأراد ربك.. مرة بإرادة العبد الصالح... وهو طبعاً بإذن الله.. ومرة إرادته إلى إرادة الله، ومرة إرادة الله لينفذها هو.. وتلك هي أن يكون العبد ربانياً.. يستجاب لدعائه وتسخر له المخلوقات.. ولن ينال أحد ذلك إلا إذا سخر نفسه للآخرين وأخلص في معاملتهم.. وكف عنهم لسانه..! فالله الغني الحميد..!. زاوية أخيرة: نلجأ للصالحين دوماً.. لنلقي عليهم أحمالنا.. طالبين دوماً القرب من الله سبحانه وتعالى .. يا أهل الله.. ويا أولياءه أدوا البلد وأهله الفاتحة!!.