بالأمس فقط أدركت تماماً السبب في كل(البلاوي) والمحن التي تحاك ليل نهار ضد السودان هذا البلد العملاق وعرفت لتوي لماذا تحيط بنا أطماع قوى دولية وتتكالب علينا وتتدخل في شؤوننا بالطول والعرض شمال ويمين .والمناسبة هي حضوري ذلك التنوير الموجز الوافي الذي قدمته وزارة الإعلام عن المعلومات والبيانات الجديدة لسودان ما بعد التاسع من يوليو والتي ضمتها دفتا كتاب(السودان أرض الفرص -حقائق وأرقام)ظهر أمس بقاعة الصداقة للحضور والذي شهده عدد مقدر من قادة الأجهزة الإعلامية المختلفة والإعلاميين ومراسلي أجهزة الإعلام الأجنبية ولفيف من أعضاء السلك الدبلوماسي بالخرطوم. طاقم الوزارة كان حاضراً بقيادة الوزير كمال عبيد والأستاذة سناء حمد وزيرة الدولة ، والرجل (الهرم) - بفتح الهاء والراء - الأستاذ عبد الدافع الخطيب ومعهم البروفيسور عبد الله الصادق مدير هيئة المساحة السودانية ، وقد ناءت بهم المنصة. الوزيرة سناء حمد(الماستر مايند) في إعداد الكتاب استهلت تنويرها للحضور عن الكتاب والمعلومات الجديدة والمتجددة بثت عبارات وكلمات عزاء ومواساة وكان ذلك مدخلاً ذكياً ومناسباً فقد كان الشعور السائد لدي الحضور هو شعور بالحزن والأسى خاصة حينما شاهدوا الخريطة الجديدة للسودان وقد بدت(مبتورة) وأطرافها السفلى مشرشرة ومدببة وكأنما تنزف دماً. وكأنما كانت تقرأ ما في دواخل الحضور فقد قالت الوزيرة عبارة ظلت تتردد وترن في أذنيّ فقد قالت إن التاريخ مزيج من الحزن والسعادة وهو حقاً كذلك وأنا شخصياً شعرت بالثقة بعد ذلك فالوقوف عند محطة الأحزان والبكاء والنواح علي ذهاب ذلك الجزء الأصيل من السودان لن يفيد بل شديد الضرر. وعوداً علي ما بدأت به هذا المقال فقد طالعت الكتاب والتهمته بتمعن فوجدت أننا نعيش فوق كنوز ضخمة من الموارد والخيرات والمقدرات، والأرقام لا تكذب ولا تتجمل مساحات شاسعة ومياه وفيرة ورقعة زراعية ضخمة ما تزال بكراً ومناخات متنوعة والبشر مزيج من عرب وحاميين أفارقة تجمعهم السودانوية وموقع جغرافي فريد. ولما كنا نعيش فوق هذه الكنوز فمن البديهي أن يتكالب علينا الطامعون ولا يتركوننا ننتبه إلي استغلال هذه الكنوز ، وحينما قرأت الكتاب تذكرت تلك الطرفة التي تحكي عن ذلك الشخص الذي كانت لديه مظلمة فذهب لتقديم(عريضة) لدي المحكمة وعند بابها تلقفه أحد كتبة (العرضحالات) وساقه سوقاً إلي حيث يجلس لكتابة العرائض وطلب منه أن يحكي له مظلمته بإيجاز حتي يعيد هو صياغتها بالشكل اللائق ففعل فصاغها له العرضحالجي ثم قرأها عليه فكانت الدموع تتساقط من عينيه وهو يتابع العرضحالجي ولما انتهي قال له صاحب المظلمة والله ما كنت عارف إني مظلوم للدرجة دي. نعم ما كنا نظن أن هذا البلد هو بهذه الضخامة من الموارد حتي وهو قد فقد ربع مساحته حتي صاغته لنا وزارة الإعلام كتاباً تتجافى صفحاته عن الإنشاء والإسهاب والتطويل وتتحدث فيه الأرقام وحدها، وما كان ينقصنا هو أننا ما كنا نحسن عرض وترويج هذه الموارد الضخمة لا أدري تواضعاً أم إهمالاً أم عدم إدراك لهذه الموارد أم لامبالاة بها. فقط ما كان ينقص الكتاب هي الصور فهي صنو للأرقام والرسائل التي تحملها الصورة عديدة وأبلغ في مغزاها من أية كلمات حتي ولو تزينت وتوشحت بالبلاغة والفصاحة، لذلك(وحتي تكتمل الصورة) أقترح أن يتم تطوير الكتاب بإضافة صور إليه وما أثرى السودان وما أغناه بالصور المعبرة.