في خضم أحداث مشحونة بالقلق والتوتر إزاء إتهام الخرطوم لواشنطن بمحاولة القرصنة على طائرة الرئيس البشير، واجتماع د. نافع علي نافع ممثلاً للحكومة والمؤتمر الوطني، ومالك عقار ممثلاً للحركة الشعبية بأديس أبابا على اتفاق وقف إطلاق النار، والإعتراف بالحركة الشعبية بالشمال- واجتماع البشير سفاكير وملس زيناوي بنشر(4200) جندي أثيوبي في منطقة (أبيي) لحفظ السلام، تحت البند السادس من ميثاق المنظمة الدولية.. جاء خبر خجول ومتوارٍ وراء هذه الأحداث بأن مرض (الفلاريا) قد زحف إلى شمال السودان. ما هذا المرض وكيف يحدث؟ وكيفية العلاج والوقاية، وما هي التدابير التي اتخذتها الحكومة ازاء انتشار المرض؟ عرف المرض تاريخياً قبل قرون على عصر الفراعنة، ولكنه عرف بطريقة رسمية في القرن الثالث عشر، وفي السودان ظهر في الولايات الجنوبية وبخاصة المناطق التي تقع على ضفاف الأنهار، وللمرضى(3) أنواع الأول ما يسمى الفلاريا وأعراضه عبارة عن شحنة مياه في الخصيتين وتورم في الرجلين حتى تصير أرجل الإنسان كأرجل الفيل، ولذا أطلق عليه مرض(الفيل)، والثاني يعرف بمرض الجور نسبة إلى منطقة نهر الجور بجنوب السودان، يصاب فيه الإنسان بالعمى.. والثالث يعرف (بالتيمورية)وهو نادر الحدوث، وما يقلق ويصيب الإنسان بالذعر كيف بدأ يزحف هذا المرض الخطير إلى الشمال، وخاصة مناطق الروصيرص حلفا- الخرطوم- جبل أولياء- قد يقول بإن تحرك الإنسان من منطقة إلى منطقة قد ساهم وساعد على انتشار المرض، وهذا قول فيه من المنطق والحجة، ولكن ماهي الإجراءات الإحترازية التي قامت بها وزارة الصحة الاتحادية للحد من تمدد وانتشار المرض إلى الولايات الشمالية؟ وماهي الأدوات التي أعدتها لعدم زحف هذا المرض المخيف المرعب الذي وصل إلى المدن السودانية؟. يتوجب على وزارة الصحة التنسيق مع هيئة الصحة العالمية لتزويدها بالدراسات والتقنيات التي يمكن أن تحاصر بها هذا المرضى منذ البداية، لأن المختصين- وهم كوادر بسيطة في عالم الطب- ترى أن هناك(ناموسيات)معقمة معدة لمقاومة جرثومة الفلاريا، إضافه إلى أن هناك تطعيماً مقاوماً للمرض لمدة (15) سنة.. نأمل أن تصحو وزارة الصحة لهذا المرض القادم، ونخشى ذات صباح حزين أن يصل المرض إلى كل الناس، كما حدث لمرض السرطان والايدز، إذ كنا نعتبرها أمراضاً أرسلت من نيازك سماوية وأهملناها، وبعد ذلك أصابت الجميع وأصبح أمر السيطرة عليها مستحيلاً في بلد لا يهتم بصحة الإنسان، ولا بتعليمه، باعتبارهما ترف للإنسان السوداني. الإنسان المعافى هو الذي ينتج ويساهم في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فبالله كيف يتحقق السلام والحرية والديمقراطية والأمن والسلام الاجتماعي، بدون هذا الإنسان الذي لابد أن نسلحه بالعلم، ونوقيه الأمراض الفتاكة، فلا تقدم لهذا الوطن ولا استقرار فيه، وعيش آمن به، وذلك بالاهتمام بهذا الإنسان الذي هو صمام الأمان لمستقبل هذا السودان فهل نحن فاعلون؟!.