كيف كانت قيادات الحركة الشعبية تُشارك في الحكم وتعمل كمعارضة وتمهد للانفصال؟ وماهي التوقعات للمرحلة القادمة.. وماذا تقول قيادات الحركة قبل لحظات من الانفصال حول الشراكة والقضايا العالقة؟.. وهل هناك.. اتجاه لمصالحة وطنية أخرى؟. أسئلة ومحاور متعددة طرحتها (آخر لحظة) على السيّد أتيم قرنق القيادي بالحركة الشعبية ونائب رئيس المجلس الوطني السابق والذي قال معلقاً على مشاركته في الحكم إنه كان يحكم في دولة هتلر.. و(ضحك قائلاً) نائباً لرئيس المجلس الوطني (عشان كد انفصلنا)!! وطرح قرنق في الحوار مستقبل الجنوب وكيف سيُدار والمخاوف التي ستواجهها الدولة الوليدة. فإلى نص الحوار: أولاً: عند لقاء مسؤول من الجنوب يتبارد إلى الذهن أولاً السؤال.. بصراحة هل أنت راضي عن الانفصال؟ إرادة الشعب فوق كل شيء لذا نحن سعداء لأن الانفصال هو إرادة شعب الجنوب. أنتم كحركة شعبية تتحملون المسؤولية ما هو تعليقك؟ الحرب في الجنوب لم تبدأ مع الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني فقد كانت منذ الأتراك ثم تلتهم الثورة المهدية ومن بعدها الحكم الإنجليزي المصري كل هذه الحكومات والأنظمة أخضعت شعب جنوب السودان لحكم قهري فيه التمييز على أساس الدين واللغة والإثنية لذلك نعتبر أن حدوث الانفصال انتصاراً لإرادة أهل جنوب السودان. على العكس الحركة الشعبية قادت قواعدها وشعب الجنوب للاتجاه نحو الانفصال، وهذه كانت سياسة معلنة وربما تكشف الآن حقائق خسائر في اتجاهات غير محسوبة خاصة في الناحية النفسية لمن ولد في الشمال ، ما هو إحساسك؟ - أبداً: لا يوجد أثر نفسي، ومن يوجد لا يحتاج إلى حكومة الخرطوم لتعطيهم رصاص أو طلقات فهم بحاجة إلى خدمات، فكرتنا للسودان دولة يمكن أن ينتمي إليها الفرد بالمواطنة وتكون دولة مدنية لكن هذه الأفكار وجدت المقاومة من قبل الخرطوم والأحزاب الدينية لذا كان لابد من استفتاء الشعب الجنوبي والذي جاءت نتيجته الانفصال، لأن شعب جنوب السودان لا يريد أن يفرض ما يؤمن به ويتمناه لنفسه على كل السودان، فلتبقى دولة الشمال دينية والشعب نفسه يريدها كذلك.. بالنسبة للشعب ففي مصر يوجد مليون سوداني بعضهم كان موجوداً في السودان وذهبوا إلى مصر لكن حتى اليوم يأتون إلى السودان وقت ما شاءوا وتوجد علاقات بين الناس لن تنقطع نسبة للمصالح المتبادلة بين البلدين. اتفاق أديس أبابا أو نيفاشا (2) كما أطلق عليه الإعلام دليل قاطع على أن سياسة الشريكين هي (رزق اليوم باليوم) إذا ليس هناك استعداد حقيقي لمواجهة إفرازات الانفصال، كيف تنظر إلى ذلك؟. هناك بعض القضايا العاجلة التي لا يمكن أن تترك هكذا بعد الانفصال ويجب أن يتم الاتفاق حولها ومراعاة الوضع العام لها مثل البترول وأبيي والحدود. ü قصدت أن المؤتمر الوطني والحركة الشعبية كلاهما يحتاجان إلى البترول؟ المصالح لا تقوم في ظل عداوة لكن النفط يعتبر مصلحة إستراتيجية ولابد من العمل على تجاوز العقبات. الاتّفاق نفسه يوضح أن هناك تراجعاً أو انقلاباً في السياسات .. الاعتراف بالحركة في الشمال والعمل وفقاً لاتّفاق نيفاشا ومشاكوس إذا لم يكن ذلك تخبطاً وعدم استعداد لإفرازات فماذا يكون؟. هذا السؤال نوجهه للمؤتمر الوطني، الحركة الشعبية جسم موجود في كل السودان في نهر النيل وعطبرة ووسط السودان وموجودة في كل المكونات السياسية والاجتماعية لكن المؤتمر الوطني يقول إن الحركة الشعبية لن تبقى في الشمال، ولابد من المشورة الشعبية ثم الترتيبات النهائية لأن المزيد من الحرب لا يحل القضية. كتب مولانا أبيل ألير (الشمال ونقض المواثيق والعهود) الآن لا شمال ولا جنوب كله يتفق وينقض.. الحركة الشعبية تحدثت بعد توقيع اتّفاق نيفاشا عن السودان الجديد وبشّرت به كل الشعب السوداني ليفرخ وينتج جنوباً جديداً؟. ثبت هذا في أبيي وفي جنوب كردفان وفي اتّفاقية أبوجا والاتفاقات بين الشماليين أنفسهم مثل اتفاق المصري والبشير واتّفاق القاهرة واتّفاقيات لام أكول، كلها فاشلة إذا نجحت واحدة هل يمكن أن تغير الحقيقة؟. غير صحيح لأن آليات نقض اتفاق السلام في الجنوب كانت آلية واحدة وهي الحرب. لكن الحركة الشعبية جاءت لكل السودان ليس الجنوب فقط؟. نحن لسنا على استعداد لقتل شعب الجنوب من أجل سودان موحد على أسس جديدة نؤمن بها نحن ويرفضها الشمال. بصراحة.. أسرار تكشف لأول مرة عن الاتفاق وتنفيذه؟. لا يوجد شيء (ندسه) لأن هذه حياة شعب ومستقبل أجيال، ما كنّا نرتاب منه نناقشه في الحال مع الشريك. كل بناء جديد يواجه ببعض الصعوبات والعقبات الداخلية.. دعنا نركز على الداخلية ما هي المحاذير في تقديرك نحو الصعوبات المتوقفة والتي يجب تجاوزها في الدولة الجديدة. نحن سنخرج من الخرطوم هذا لا يعني دخولنا جنة الجنوب، سنبني دولة جديدة في العالم الثالث وهذه تحتاج إلى حكم رشيد وحرية كاملة في الإدلاء بآرائهم من خلال التمثيل، ونحن الآن في مبادئ الألفية الثالثة اتّفقنا على تحقيق كل مطالب شعب الجنوب من خدمات ضرورية وفي ذاكرتنا أن نتفادى ما كان يفعله المؤتمر الوطني مثل إخضاع الناس بقوة السلاح وسلب حريتهم وعدم وجود التنمية المتساوية. إذا تغير المؤتمر الوطني ماذا تتوقع للدولتين؟. أتوقع علاقات متينة وقوية مثل مصر والسودان بعيداً عن الحرب والقوة والسلاح لأن المؤتمر الوطني لا يعيش إلا بالحرب فمادام هو في حكم الشمال لن تنتهي الحرب. فهم يحاولون افتعال الحرب في الجنوب من أجل تجييش الشعب في الشمال. وماذا تتوقع إذا تغيرت الحركة الشعيبة؟ سيُعلن المؤتمر الوطني الحرب في اليوم الثاني على اعتبار أن القادمين ليسوا بحجم الحركة الشعبية لأنهم يخافون الحركة، لكن إذا كان التغيير في الشمال والجنوب ديمقراطياً ستكون بين الدولتين علاقات متينة وديمقراطية وإذا حدث تغيير في واحدة عسكرياً لن تنعم الأخرى بالسلام. ذكرت في حديث سابق أن المؤتمر الوطني أرسل بلطجية لزعزعة احتفالات إعلان دولة الجنوب ماهي التفاصيل؟ بلطجية المؤتمر الوطني موجودين الآن منهم كتر قديت وجورج أطور وغيرهم لكن لن يستطيعوا فعل شيء. حكومة السودان أعلنت على لسان وزير الإعلام عن رغتبها في تعاون مع دولة الجنوبالجديدة كيف ينظر لها الطرف الآخر؟. هذا حديث متناقض مع الواقع فهم يقولون شيئاً ويفعلون آخر، فهم أغلقوا الحدود ومنعوا الوقود للعربات والتركترات والمواصلات النهرية.. ثم منعوا كذلك البضائع. سيد أتيم.. قضية الإشكالات التجارية بين الجنوب والشمال موجودة، والتجار الشماليون تعرضوا للنهب والسلب وفقدوا الأرواح والممتلكات في حوادث كثيرة ومتعددة قبل وبعد اتفاق السلام منهم من طالب بالتعويَض، كيف يتفق ذلك مع ما ذكرت؟ هذه أقاويل «آخر لحظة» والانتباهة. هذه قضايا معروفة ومسجلة بتواريخها كبلاغات كيف تكون أقاويل؟. هذا كذب ومعلومات غير صحيحة.. يصنعها المركز السوداني للخدمات الصحيفة وهذا حديث خبيث جداً. دعني أقول لك بصراحة هذه البلاغات كانت قبل صدور «آخر لحظة» والانتباهة وقبل إنشاء المركز السوداني للخدمات الصحفية وتلقيت وقتها وكنت أعمل في صحيفة يومية عدداً من شكاوي التجار، كيف تنفي معلومات موثقة كهذه؟. أولاً: هذه سياسة طويلة المدى.. قضية لها أبعاد تاريخية وصنعتها الاستخبارات بقيادة كوراك. إذاً في تقديرك لم يتضرر تاجر شمالي في جنوب السودان؟ لا يصبح الحديث عن أضرار التجار معقولاً وقد سبق للجنوبين أن طالبوا بتعويضات عن الأضرار تجاوزت قيمتها 2.5 مليار وكانوا فقدوا كثيراً من الأرواح والممتلكات والمواشي لماذا لم يثر جدل حول هذا الموضوع؟!. دعنا نعترف أن الأخطاء موجودة بين الطرفين؟ أبداً.. هذا حديث لا أتفق معك عليه. بهذا تعلمون أن هناك مخططات قديمة ولم تكشفوها من أجل المعالجات وجعل الوحدة ممكنة؟. أصلاً أين الوحدة؟!! أعني السودان الموحد؟. لم تكن هنالك في يوم ما وحده. - إذا أين منفستو الحركة والقتال من أجل السودان الجديد؟. دكتور نافع قال إن الوحدة بمفهوم الراحل جون قرنق مرفوضة. هل تقرر مصير شعب واحد ووطن بتصريح شخص أو حزب سياسي واحد. üنحن في الأصل مرفوضون في الشمال والمؤتمر الوطني (رافع السلاح) وفكرة الحركة الشعبية أن يتم تحول ديمقراطي وتتنزل الأفكار إلى ممارسة لكن المؤتمر الوطني قال: لا يمكن معالجة الوحدة بمفهوم جديد. هل يفهم من ذلك أن الجنوب سينعم بالديمقراطية والتحول السلس للسلطة وأن الانفصال يحقق هذه الغايات؟ شعب الجنوب اختار ما يراه مناسباً وما يؤمن به حقاً وهو تأسيس دولة مدينة مستقلة تعتمد على التعددية والإثنية والموروثات الموجودة في الجنوب، أما دولة الشمال فهي لا تعترف بممارسة الديمقراطية والتعددية. جرت أكثر من انتخابات ديمقراطية قبل ظهور المؤتمر الوطني في الساحة ما هو ردك؟ أبداً .. كان حكماً عنصرياً ، لايوجد في الشمال من يؤمن بالتعددية الديمقراطية. السيد الصادق المهدي من أبرز القيادات السياسية التي تنادي بالديمقراطية قولاً وفعلاً وأنت تنفي ذلك؟ الصادق المهدي حكم البلاد عدة فترات منها عامين ومن أكثر، وفي عهده حدثت مجزرة الضعين وبور التي راح ضحيتها (27) شخصاً.. ولم يقم بتعقب وملاحقة الذين قتلوا وليم قرنق وحدثت مجازر لمرتين في جوبا.. أي كلام دون تنفيذ لا يمكن تصديقه. ü وجود حزب للحركة الشعيبة في الشمال بعد الانفصال والضغط السياسي الكبير لبقاء الحركة الشعبية ضمن منظومة السلطة هل هذه ديمقراطية؟. لابد أن يكون الحديث أكثر عمقاً فهناك الأخوان المسلمون في مصر والسودان والحزب الناصري والبعث والحزب الشيوعي هذه أحزاب لا تنحصر في الدول التي تأسست بها إنما موجودة في الكثير من دول العالم فما يضير أن تكون الحركة الشعبية في الشمال. فشلت الحركة أثناء الدولة الواحدة كيف يمكن أن تنجح في هذا الوقت؟ الحركة الشعبية تأسست أصلاً في الجنوب وعملت في الشمال وليس هنالك جديد. ü يقول كثيرون إن الضغط لإنشاء الحركة الشعبية في الشمال يثير كثيراً من التوترات الأمنية خاصة أن الحركة المعنية عبارة عن جيش؟. التوتر موجود بسبب المؤتمر الوطني في الشرق والوسط وجبال النوبة والبحر الأحمر المؤتمر الوطني يُريدها دولة عربية إسلامية وهم في الحكم أشبه بدولة هتلر. إذاً أنت كنت جزءًا من دولة هتلر وحكمت لسنوات كنائب لرئيس المجلس الوطني؟ كنت جزءً من دولة هتلر.. لكن الشعب الجنوبي انفصل. بهذا الموقع الرفيع كنت نائباً لرئيس البرلمان ماذا أنجزت؟ نائب.. علشان كده اخترنا الانفصال.. هذا آخر حوار قبل الانفصال.. ما هي الرسائل التي ترسلها للشمال والجنوب؟ دعوتنا لشعب الشمال هي تحقيق السلام والاستقرار وهذا ينطبق على الجنوب مما يحقق الوحدة والاستقرار داخل كل دولة ويصنع الرفاهية للشماليين والجنوبيين، فالأنظمة الديمقراطية التعددية يمكنها أن تتمتع باقتصاد قوي، هذا كله يصب في احترام علاقات الشعبين والمصالح المتبادلة.. وأقول للشماليين أن ينظروا للجنوب باعتباره الجار الأقرب مع وجود العلاقات التاريخية.. وأقول لشعب الجنوب أن يتخلى عن المرارة إن كانت لديه على شعب الشمال ولا ينظر للشمال من خلال صورة المؤتمر الوطني بل من خلال الشخص البسيط.. من خلال محمد أحمد والسيدة زينب.. وعلى المواطن في الشمال أن يمنح نفسه الوقت بأن المشاعر لدى الشماليين بالعروبة والوطنية والدين توجد عند الآخر وكانت غائبة لكن الجنوبي يحمل كل القيم كما يحملها الآخرون. كل هذه القيم كانت مفقودة طيلة تاريخ السودان؟ عشنا بنظرة (بيقولوا): ده جنوبي وليس.. السيد أتيم تتحدثون عن الديمقراطية وبطاقات الاستفتاء كشفت مستوى الأمية في الجنوب كيف يمكن لأمي أن ينتخب بوعي قيادته؟ هذا الحديث غير صحيح، فالديمقراطية بدأت في أثينا وكان 90 % من سكانها لا يعرفون الديمقراطية وأميون الديمقراطية ليست تعددية إنما قيمة إنسانية غير مرتبطة بالتعليم وانتقلت إلى روما وكان شعبها أمياً، دولة علي وعثمان هل كان شعبها متعلماً؟. الشورى أليست ديمقراطية في المفهوم الإسلامي؟! هل تمارس من المتعلمين دون الأميين. إذاً تعملون من أجل قيم وليس الديمقراطية الليبرالية؟. الحركة الشعبية تطالب بالتحول الديمقراطي بمعنى عودة حاملي السلاح إلى حظيرة الوطن والجنوح للسلام.. لا يوجد شخص (يرمي السلاح والآخر يحمله) فالمشورة الشعبية ممارسة ديمقراطية يترتب عليها في محصلتها النهائية ترك السلاح في جبال النوبة والنيل الأزرق. يقول الشماليون عند الوداع (ياحليكم) تقول وداعاً سيد أتيم؟ العالم أصبح قرية نحن سنكون جارين في القرية الكبيرة شمال وجنوب السودان سنلتقى كأحباب. بالمناسبة ماهي قصة البلطجية ثانية؟ هؤلاء موجودون في مصر والمدن المقدسة ومافيا في المكسيك وفي دارفور يوجد البلطجية، لا يمكن وصف شخص لديه قضية بالبلطجي مثل عبد الواحد لكن البلطجية موجودون في كل مكان، لدينا في الجنوب بلطجية. لديكم ثوار وقيادات كانت مع الحركة هل هم كذلك؟ نعم هؤلاء بلطجية. مرة أخرى نقول لك سيد أتيم قرنق وداعاً ونتمنى أن يعم السلام الدولتين وأن تكونا أقرب للوحدة في المستقبل.. نحن نؤمن بذلك وسنعمل لذلك.