يقول المثل القديم «بجي الخريف واللواري بتقيف» هذا المثل أو القول كان شائعاً في زمن كان للوري «شنة ورنة» ولكن هل يصلح هذا المثل في هذا الزمان؟ بالطبع لا خاصة بعد أن أصبحت اللواري لا تقف حركتها صيفاً ولا شتاءاً ولا خريفاً.. بفضل الطرق المسفلتة بل أن اللوري نفسه لم يعد بذات الأهمية بعد أن تعددت وتطورت سبل النقل والترحيل.. ولأن الفورد موديل «46» المصنع بانجلترا قد اشتهر بالقوة والمتانة فقد كان حلم الكثيرين امتلاك هذا ال فورد موديل «46» أخونا عبد المنعم محمد أحمد بشير أحد الذين أسعدهم الحظ بامتلاك لوري الفورد اشتراه من صاحبه بمبلغ مائة جنيه سكند هاند أوائل خمسينات القرن الماضي كان لنا معه هذا الحوار بمنزله بالدروشاب وحدثنا عن سر احتفاظه بهذا اللوري القديم رغم عدم استخدامه له طيلة هذه الفترة. - أجاب الأخ عبد المنعم هذا اللوري لي معه ذكريات عزيزة فقد استخدمته في العديد من أعمالي التجارية وتنقلت به في ربوع السودان خريفاً وشتاءاً رغم أن تلك الفترة لم تشهد طرقاً معبدة كما هو الحال الآن وقصة احتفاظي به وفاءاً لخدماته السابقة خاصة عندما كنت أمتلك أحد المشاريع الزراعية المطرية فقد كنت أحمل على ظهره طاحونة لطحن الدقيق للعمال خلال الخريف. ما هي الفترة التي توقف فيها «اللوري» داخل المنزل؟ - منذ ما يزيد عن ربع قرن حملت عليه عفش منزلي من مدينة كوستي للدروشاب وبعد ذلك استخدمته لفترة في الخرطوم «ملاكي» إلا أن شكله وحجمه وهو يجوب شوارع الخرطوم أصبح مثيراً للانتباه وسط العربات الصغيرة والموديلات الحديثة مما جعلني أخصص له هذا الجراج بالمنزل وقد كان ذلك في منتصف السبعينيات. هناك عبارة مكتوبة على جانب اللوري «البعرفو الوفاء قلال»؟! - قال لقد اعتاد الناس في ذلك الزمان كتابة بعض الحكم والأمثال والعبارات الدالة على القوة والمتانة كنوع من التفاخر والإعجاب بمركباتهم كعبارات قاهر الرمال، أسد الجبال وأيضاً كتابة أسماء أولياء الله الصالحين وغيرها من العبارات والأمثال والحكم وقد كان الناس يتعرفون على أصحاب العربات من خلال المكتوب عليها. هل بالإمكان الاستفادة من خدمات اللوري الآن؟ - قال لقد كان حتى لحظة توقفه يعمل بصورة جيدة وقد قمت بتجربته قبل شهر عندما عرض عليّ احد رجال الأعمال العرب مبلغ خمسة آلاف دولار لشرائه. وقال لقد فشلت الصفقة بسبب صندوق اللوري الذي عليه الآن لأنني استبدلته بآخر حيث أن صندوقه الأصلي كان صغير الحجم. إذن لماذا لم تغير صندوقه الأصلي لتكمل الصفقة؟ - قال من مفارقات القدر أنني قد قمت ببيع القديم الأصلي لأحد تجار الخردة فقد سبب لي ركنه بالمنزل مشاكل كثيرة من توالد الحشرات تحته.. الخ وعندما فكرت في استعادته علمت أن تاجر الخردة قد «جزره» لبيعه اجزاء.. ويستطرد ليس هذا هو العرض الوحيد فقد سبق أن عرضت عليّ قطعة أرض ومبلغ من المال كما قدم لي مندوب عن رجل اعمال سوداني مبلغ عشرة ملايين جنيه ولكني رفضت كل هذه العروض وانا اتوقع ان يرتفع سعره مع مرور الزمن. هل ستظل في انتظار ارتفاع سعره؟ - اجاب بالطبع لا فقد قررت عمل بعض الصيانات له واستعماله ملاكي بعد ارتفاع اسعار العربات هذه الأيام. قلت ومن أين لك بالاسبيرات؟ - قال الاسبيرات متوفرة في جراجات الخرطوم القديمة التي كانت تصين مثل هذه العربات. قلت احتفاظك باللوري طيلة هذه السنوات دليل على اهتمامك بمقتنياتك فهل تحتفظ بأي شئ قديم يخصك؟ - قال أنا أحتفظ برخصة القيادة الخاصة بي والتي استخرجتها من مدينة كوستي في أواسط الأربعينيات وهي لا تزال كما تسلمتها لم يغير الزمن فيها شئ سوى صورة شخصي التي عليها والتي أصبحت لا تشبهني الآن.