حذَّر الفريق أول ركن آدم حامد موسى رئيس مجلس الولايات والقيادي البارز بالمؤتمر الوطني، حذَّر الحركة الشعبية من مغبة مد يدها لتحرق دارفور، لأنها إن فعلت فستدفع الثمن غالياً وستحرق نفسها، واعتبر سعادة الفريق أن الحركة هي التي «ولّعت » نار الحرب في دارفور عندما بدأها قرنق بهدف إغلاق أطراف البلاد، ومن ثم الانقضاض على النظام في الخرطوم. ويتذكر سعادة الفريق أول إمداداً بعث به الراحل قرنق لبولاد في فترة التسعينيات ولكن تمكنت القوات النظامية وبمساعدة الأهالي، من إخماد شرارة التمرد آنذاك، وتم إجلاء عبد الواحد نور بطائرة عمودية أرسلها الراحل قرنق عندما كادت القوات المسلحة تلقي القبض عليه، وأضاف سعادة الفريق بالقول في الحوار الذي تناول آخر تطورات قضية دارفور والوضع المقبل عقب الانفصال، أضاف أن مؤتمر أهل المصلحة قد استفاد من أخطاء أبوجا وأعطى مساحة كبيرة للثروة والسلطة وعالج عدة قضايا. وأن ما فيه إذا ما تحقق فسيكون العلاج الشافي لتظلمات أهل دارفور. هذا وكان أن تطرق الحوار بالإضافة لقضية دارفور، إلى الراهن السياسي وتطورات الأوضاع بالبلاد.. فمعاً لمضابط الحوار: بداية سعادة الفريق كان أن وافقت الحركات المسلحة على توصيات مؤتمر أهل المصلحة، فهل تتوقع أن ينهي المؤتمر قضية دارفور حسب قراءتك للواقع؟ - بداية نشكركم في صحيفتكم ذائعة الصيت «آخر لحظة» فهي من الصحف المحببة وذات الأخبار «المدنكلة»، وفي الحقيقة مؤتمر أهل المصلحة هو نواة طيبة وإذا استثمر استثماراً سليماً سيكون مفتاح الحل لقضية دارفور، ولكن يحتاج لعمل كثير خاصة من أبناء دارفور في الداخل والخارج، ونحن فعلاً بدأنا عمل كهذا لأن المؤتمر في الواقع حاوي وأدخل على مكاسب أبوجا وزاد عليها خاصة في مجال التنمية والسلطة والثروة، حيث خرج بتوصيات ومكاسب كبيرة، وإذا تحققت ستكون العلاج الشافي لتظلمات ومشاكل أهل دارفور ولكن يحتاج لاجتهاد في أن يتنزل إلى القواعد كلهم ليفهمه أهل الداخل والخارج، وتتكون وفود من أبناء الداخل يتحدثون مع حاملي السلاح لإقناعهم ونحن بدأنا خطوة كهذه بالجهاز التنفيذي من أبناء دارفور في الحكومة والدستوريين وسيتنزل لكل أبناء دارفور في العاصمة ومن ثم لدارفور الكبرى، وفي المهجر والذين يحملون السلاح وإن شاء الله يأتي ذلك بنتيجة وأنا متفائل. سبق وقلت إنكم لن تقبلوا أن يأتي نائب للرئيس من أبناء دارفور بلي الذراع.. فماذا تقصد؟ - أقصد أن الرئيس له نائبان ويمكنه أن يختار من دارفور أو النيل الأزرق أو كردفان أو الشرق أو خلافه ولكن لا نريده أن يكون تحديداً وبالدستور من دارفور. هل تقصد ألا يكون الزامياً وحكراً على أبناء دارفور؟ - نعم.. لا يكون الزامياً لأنه عندما يكون كذلك فإن أي إقليم سيقول لك أنا أريد المنصب «نائب الرئيس»، وهذه ستؤدي لتمزق النظام الذي نريده أن يكون مستقراً ويسير بطريقة سلسة، كما أن أي رئيس انتخبه الشعب بإجماع لابد وأن يمنح الحرية ليختار أعوانه الذين يساعدونه.. ولكن عندما يأتي شخص بالترضية، فقد يعمل عكس السياسة التي ينتهجها الرئيس، وفي هذه الحالة الجهاز التنفيذي نفسه يكون فيه خلل. قلت إن الحكومة استفادت من أخطاء أبوجا ووظفتها في مؤتمر أهل المصلحة، إلى أي مدى ترى ذلك؟ - الذي يطّلع على الوثيقة يكتشف فوراً المكاسب الموجودة فيها، إذ أن فيها إيجابيات كبيرة جداً جداً.. أفضل من أبوجا بكثير. كان أن رشحت أسماء عديدة من أبناء دارفور لتولي منصب نائب الرئيس، فهل تتوقع نفسك؟ - هذه كلها إرهاصات أو لوبيات أو إيحاءات من جهات معينة، ولا استبعد وليس أنا «وبس»، بل أي شخص آخر فهذه الأشياء في علم الغيب، وإذا ربنا كاتب لك شيئاً ستناله.. وما لم يكن كاتبه لن تناله مهما تعمل من مجازفات. رغم تفاؤلك بمقررات مؤتمر أهل المصلحة، فهل تتوقع أن تستخدم الحركة الشعبية خلافها مع المؤتمر الوطني ضد دارفور وضرب الاستقرار؟ - الحركة الشعبية هي التي ولعت النيران في دارفور وفي الشرق، وحرب دارفور هي صنيعة من صنائع الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق في ذلك الوقت منذ التسعينيات في أيام بولاد وعبد الواحد، وإلى الآن قيادات التمرد بدارفور موجودة في جوبا وتصرف عليهم الحركة الشعبية، وهي ولعت دارفور منذ البداية لتغلق السودان من أطرافه، ثم تنتهز الفرصة للانقضاض على النظام واستلام السودان، ولذا حرب دارفور صنيعة الحركة الشعبية وليست قناعات أهل دارفور، وهي لم تقف عند ذلك ونحن ننذرها ما لم تقف سوف تدفع الثمن غالياً، وقد أصبحت دولة الآن، فإذا بدأت تمد يدها لتحرق دارفور فسوق تحرق هي نفسها. كان أن أكد الأستاذ مكي بلايل في حوار أجري معه، أكد أن النوبة وقفوا مع قرنق في الحرب ثم دفعوا الثمن، حيث ظهر تمرد الحلو بجنوب كردفان ووجدوا أن نيفاشا أعطت الجنوب كل شيء ولم تمنحهم أي شيء، وكان ذلك خللاً واضحاً أدركه النوبة في وقت متأخر، فهل تعتقد أن الحركات المسلحة مدركة للخطأ الذي وقع فيه النوبة؟ - هذه حقائق ولو تلاحظين أن الحركة الشعبية ولعت دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والشرق، وحتى أنها حاولت تتوغل في الشمال وتسبب مشاكل واستفادت من أحزاب المعارضة ودعمتها ووقفت معها وكونت تحالف جوبا وغيره، فالحركة الشعبية لم تترك باباً إلا وطرقته حتى يعينوها على عمليتها، وهي في الآخر فصلت الجنوب وبعد أن كسبت هدفها أصبح كل هؤلاء ضحايا، فأهل دارفور سيكونون ضحية وكذلك أهل جبال النوبة والنيل الأزرق وكل من تعامل مع الحركة الشعبية أصبح الآن ضحية، لأنها حققت هدفها الأساسي وهو فصل الجنوب. هل الأهالي في دارفور والقيادات السياسية وأنت منها، هل مدركون لتلك الأنانية؟ - أهل دارفور يعلمون ذلك وأنا عندما كنت والياً، كنت أصدح وبالصوت الجهور في وسائل الإعلام أن هذه الحرب صنيعة من صنائع جون قرنق، وقلت ذلك منذ أيام جون قرنق في 2003م قبل السلام، وهو ليس إدراكاً وإنما شيء ملموس، فمثلاً بولاد منحه جون قرنق ثلاثمائة جندي من أبناء الجنوب وحملوا الذخائر حتى يدخلوا جبل مرة ليولعوا دارفور، إلا أن أهل دارفور وبعد جهد جهيد ومع القوات النظامية تساعدوا حتى أبادوهم وعبد الواحد وبذات مبدأ بولاد ولكن بخدعة جديدة، حيث خدع أهله بأن تكون لهم مليشيات ليحموا أنفسهم، وعندما كون حركته أعلنها وعدَّل في منهجه ودعمهم جون قرنق ولذا المسألة لا تحتاج لإيحاء أو «فهلوة»، بل هي واضحة وعبد الواحد نفسه عندما كادت تقبض عليه القوات المسلحة، أرسل جون قرنق طائرة وخطفته من الميدان وأخلته، وهذه شواهد ودلائل. تقييمك لأداء الولاة المنتخبين بدارفور و ما قدموه باعتبارك رئيساً لمجلس الولايات؟ - لا غبار عليه على الإطلاق، وأنا كنت والياً وأعلم الإمكانات المحدودة جداً للولايات، ولذا فإن أداءهم ممتاز. قلة الإمكانات مع الحرب طيلة السنوات الماضية، ألا تعتقد أن الحكومة قد ظلمت تلك الولايات من خلال ما يرشح لكم من تقارير من أنها لم توسع الميزانيات؟ - أبداً وأصلاً «الفي البر عوام»، ولكن عندما تأتي وتشاهد الواقع هنا.. فالميزانية توضع هنا وتعرض في المجلس الوطني أمام العيان وليس خفاء، والسودان كله محتاج وفقير، فلا يمكن أن توجه كل الميزانية لدارفور فقط أو للشرق، فلابد إذاً من وجود موازنات ونسب وتناسب، وهذا شيء معلوم للجميع. ولكن يفترض للحكومة أن تعطي دارفور اعتباراً على أساس أن فيها الآن من النازحين و....؟ - مقاطعاً: طبعاً قطعاً هناك تمييز نسبي يسمى بالإيجابي لمقابلة مثل هذه الأشياء، والتنمية التي قدمتها الدولة ليست سهلة في وجود حرب كهذه، ومعلوم أن الحرب والتنمية نقيضان.. لأنك أنت تعمر والعدو يدمر، ومع ذلك التنمية التي تمت مشجعة. ما هو التأثير الاقتصادي على الولايات من الانفصال، حيث يقولون إن الحكومة السودانية جعلت السياسة هي التي تقود الاقتصاد وليس العكس، مما أظهر أن هناك فجوات غذائية قادمة مع فقدان البترول؟ - البترول ومنذ أن بدأ في العام 1997م في التصدير عندها فقط ظهر رشحه وقبله كانت التنمية في السودان تمضي في خطواتها والسودان عائش، ولكن عند ظهوره قطعاً زادت وتيرة التنمية والإنجازات كانت كبيرة وبائنة للعيان سواء كانت الطاقة الكهربائية كيف كانت وأين وصلت، حيث ارتفع عدد السدود وكذلك الشوارع المسفلتة ووسائل الاتصال الحديثة، ولذا وسائل التنمية ظاهرة وللبترول دور والآبار التي كانت مستخدمة هي في الجنوب وبعد الانفصال ستذهب له، ونصيبنا الأصلي في الشمال 25% ولذا ستقل وتيرة التنمية في التنفيذ ولكن لدينا البدائل الكثيرة، حيث إن بالشمال بترولاً إذا تم استخدامه فهو أكثر مما افتقده بمراحل كثيرة، والآن يتم العمل فيه ولكن العمل في مجال النفط بطيء وحتى إذا اكتشفت بئراً فلن يأتيك إيراده إلا بعد ثلاث سنوات عقب إنشاء منشآته وتركيبها وهكذا، ولكن الآن هناك اجتهاداً كبيراً جداً في استغلال حقول الشمال حتى نغطي هذه الفجوة، وكذلك هناك مجهود، حيث فتح الله علينا بالمعادن وقد تساهم بثلاثة مليارات دولار للخزينة العامة من الذهب ومعادن نفيسة عديدة لم نكن منتبهين لها كالكروم وغيره، حتى نغطي العجز وخلال عامين أو ثلاثة سيلتئم الجرح تماماً ونواصل مسيرتنا إلى الأمام. ما هي مشاكل الحكم اللا مركزي، وهل التجربة نجحت؟ - نعم قطعاً ناجحة، فالحكم اللا مركزي فوائده لا تحصى ولا تعد، وهو الديمقراطية الحقيقية بإشراك كل المجتمع، وأذكر عندما كنا طلاباً في المدرسة في العام 1954م، لو أراد شخص تصديق طاحونة لا يتم ذلك إلا في الخرطوم، ناهيك عن جنسية أو جواز وغيره، وأي ورقة إلا من العاصمة ودارفور كانت عن بكرة أبيها محافظة وكان الناس يشتهون الحكم لأنه كان لدى شخص واحد، وزمان كانوا يجمعون الجزية وكانت الضرائب على الفرد وتسمى «الدقنية»، تجمع وتورد للمركز.. والآن لا يورد قرش من دارفور يأتي للمركز، بل الأخير هو الذي يمنح دارفور وكل الناس صاروا حكاماً، وهناك الآن سبعون محلية بدارفور، ولذا كل القواعد مشتركة والخدمات متوفرة وهو ما لم يكن موجوداً، لذا فالحكم المحلي هو الأنموذج لحكم بلد كالسودان. سعادة الفريق أظنكم تابعتم ملابسات طائرة الرئيس في زيارته الأخيرة للصين والشائعات التي صاحبتها من قرصنة، ففي نظرك ما هي الرسالة التي تود بعض الدول إرسالها فيما يتعلق بالجنائية؟ - علاقاتنا مع أمريكا ليست على ما يرام وهذه معلومة معروفة، ولكن تأخير طائرة الرئيس إطلاقاً لم يكن بسبب القرصنة، حيث اتصلت بأناس في الطائرة كانوا مع الرئيس وقالوا إنهم لم يتعرضوا لقرصنة، إنما كانت هناك دولة فقط وهي «تركمانستان» قد وافقت في البداية ثم سحبت تصديقها في النهاية، وهذا ما جعلهم يغيرون المسار والدولة هي ضعيفة ومنقادة، لذا لم تسمح للطائرة بالمرور في أجوائها.