على غير العادة تأخر خريف هذا العام2011م عن موعده المحدد، والذي توقع المواطن العادي ورجال الأرصاد المختصون بان هذا العام سوف يشهد خريفاً لا مثيل له- والخريف مواقيت، وهو بيد الخالق، الباري، المصور، الرازق، الذي ينزله بحكمته، ويوقفه بحكمته، وهذا قرار لا يخالفه ولا يحتج عليه أحد.ولكن عندما يجتمع أهل الاختصاص في هيئة الأرصاد الجوية، والتي يدفع رواتبها المواطن ومخصصاتهم وحوافزهم، ويعلنون بدون مناسبة في مؤتمر صحفي بأن السودان سوف يشهد هذا العام أمطاراً فوق المعدل، ونتيجة لهذا أسرع أهلنا المزارعون البسطاء، بالإعداد والتجهيز، وأعدوا له ما استطاعوا من قوة، وهم قد تفاءلوا خيراً، في انتظار أن تنهمر المياه وتعم القرى والوديان والكثبان والجبال، ولكن آمالهم قد ذهبت مع الريح، فهم لا يغضبون، ولكن ما زاد آمالنا أكثر هم خبراء الأرصاد، وعلى رأسهم العالم شداد الأستاذ بقسم الفيزياء جامعة الخرطوم، بأن هذا الشهر سوف يشهد أمطاراً بمعدل(مطرة) يومياً، فأمسكنا بالخشب فهو من الذين لا تخيب تنبواءتهم، ولكن خوفاً على العاصمة التي لا يستطيع أن تصمد أمام (المطرة) الأولى، فتتحول إلى مدينة ينفق فيها اليوم.. ونشاهد عند هطولها أن الأحياء الطرفية قد تهدمت، وأن المسؤولين يطيرون بطائرات (هيلوكوبتر) يتفقدون العباد، وأنهم يخوضون الوحل الطين، وكاميرات التلفزيون والصحف ترصد هؤلاء الأبطال وهم يخوضون الوحل والطين ويسبحون في المياه وقد شمروا بنطلوناتهم ولبسوا أحذية (البوت) يشاركون تلك الأحياء أهلها، الذين غالباً ما يبيتون في العراء.. وتسمعهم تنفتح أوداجه، وهم يعلنون بأن الخيام والبطاطين في الطريق وإيواء هؤلاء المشردين من المياه.إذا كان هذا الأمر الذي نتوقعه بالصورة التي رسمناها من خيالنا الضيق.. فماذا فعلينا ونحن نستقبل خريف هذا العام.. فلا خيران تم تنظيفها ولا ردميات في الشوارع التي نتوقع أن تنساب منها المياه الى حيشان المنازل، ولا ردم للحفر التي تعج بها شوارع العاصمة المثلثة، ولا أغطية (الميناهول) التي سرقت بواسطة لصوص تقنيين والتي تكشف حفر الصرف في الشوارع الرئيسية، وخاصة شارع النيل العظيم، لا نشاهد عمال الحفريات في الشوارع، رمضان على الأبواب فهل من العقل؟ أن يعمل هؤلاء العمال في هذا الصيف الغائظ، وبالتأكيد فإنهم لا يستطيعون العمل أثناء الليل لأنه لا توجد الإضاءة الكافية التي تمكنهم من العمل ليلاً. السيد والي الخرطوم، أرجو وأطمع أن تقوم من ضمن جولاتك إلى الأحياء الطرفية لتشاهد بأم عينيك حال الشوارع والخيران المكدسة بأكياس النايلون، والأحجار التي تغلق منافذ أسباب المياه، ولا نذكر الباعوض والناموس الذي يصاحب هذا الخريف المتوقع، الذي قال أهل الأرصاد بأنه سوف يكون غزيراً ومدراراً.. يعلم السيد الوالي بأن انجلترا تحدد ميعاداً محدداً لهطول الأمطار وتهطل في الوقت المحدد، فإذا فشلوا أنزلوا أمطاراً أصطناعية.. سيدي الوالي أين لجانكم؟ وأين رجال الأرصاد الجوية الذين اختفوا بعد تصريحاتهم النارية، هل من تحقيق عادل لهؤلاء الذين يطلقون التصريحات في الهواء الطلق للمواطنين، ولا يجني المواطنون سوى الشوك لا العنب.