إنقضت إجازة العيد .. وما زالت للعيد براحات داخل النفوس .. براحات شاسعة ممتدة إمتداد البصر ..من تسامح ودعوات صادقة بالعفو بالعافية .. لم نغن بعد (لن ننسى اياماً .. لن ننسى ذكراها .. لن ننسى أياما مرحاً قضيناها) .. لأنها أيام ما زلنا نتنسم عبقها ونتبرك من بركاتها ونستلهم ما فيها من عظمة .. ولأنها كذلك لماذا يا ترى لا نجعل أيامنا كلها عيد .. تصفو فيها النفوس وتشيع فيها روح التسامح والعفو .. نوزع فيها الإبتسامات وتتلاقى فيها الأيادي مصافحة .. لماذا لا يحدث ذلك طالما أننا لدينا القدرة عليه في أيام العيد .. سنكسب الكثير في الدنيا والآخرة عندما نتسابق لإلقاء التحية .. ونبادر بالعفو أو بطلب السماح ممن ظلمنا أو من ظلمناه .. سنكسب الكثير إذا إهتدينا بالحديث الشريف (ألا أدلكم على شئ إن فعلتموه تحاببتم .. أفشوا السلام بينكم تحابوا) ..و(لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) أو كما قال الحبيب عليه افضل الصلوات وأتم التسليم .. هذه الأيام المباركة فرصة لنا لنعيد فيها حساباتنا ونراجع فيها دفاتر علاقاتنا مع الآخرين وخاصة أولي القربى والأرحام ..لا تسمعوا لشياطين الإنس التي تقول أن العيد إنتهى وأن هذه القيم الفاضلة تنتهي بإنتهاء مراسم العيد.. علينا أن نستثمر الفرصة لنعفو ونطلب العفو .. نمد أيادينا بيضاء من غير سوء للآخرين .. فهي ليست ايام تباه وتفاخر بالأضحية أو بتناول المشويات من اللحوم وغيرها والمشروبات .. ليست تفاخراً بالجديد من الثياب ولا الأثاثات .. هي أيام تفاخر بحصاد الحسنات بإرضاء رب العباد بالعفو والتصافح والتسامح (فمن عفا وأصلح فأجره علي الله).. فلينظر كل منا ماهو مقدار حصاده من نقاء القلب وتفقد الأرحام والجيران وبمقدار ما قدم من تسامح أو طلب سماح .. نعم ما زال في العيد براح من كل ذلك وإن أرادت الدولة أن تحجم من أيام إجازته .. وإن أرادت عجلة اللهث وراء لقمة العيش ألا تتوقف عن الدوران .. فما أجمل أن نسعى للرزق بقلب نقي من الأحقاد والضغائن واللوم والعتاب .. وما أجمل أن نعيش معاني العيد حتي وإن حزم حقائبه ورحل .. فمعاني العيد التي تطالبنا بالتعاضد والتكافل وتطالبنا بتنقية قلوبنا وتصفيتها من أدران الخلافات باقية في النفوس .. فالتعامل مع الناس بقلب أبيض والعفو وإفشاء السلام قيم لا تحتاج لعيد أو إجازة حتي نشيعها بيننا .. فهي القاموس الذي يترجم معني حياتنا وهي شعاع النور الذي يجب أن نهتدي به ..ومن هذا المنبر نوجهها دعوة لكل المتخاصمين الذين خدعتهم الدنيا (أم بناين قش) أن يبادروا بالتصافي والتسامح والتعافي .. فلنكن سباقين ولنبدأ ولو برسالة عبر الجوال .. ومن هذا المنبر نطلب العفو من كل من له مأخذ علينا من كلمة سطرناها أو رشاش طائش أصابه من هذا القلم ..أو أي فعل صدر من النفس الأمارة بالسوء ..وبدورنا نعفو لوجه الله تعالي عن كل من ظلمنا ممن نعرف أو لا نعرف .. وكل ثانية وانتم بخير وبلادنا وسائر بلاد المسلمين تنعم بالخير والسلام والأمان والبركات.. كل ثانية وما بين الصدور نقي.. زكي وجعل الله أيامنا وأياكم كلها أعياد وتقبل الله ضحاياكم وصالح الأعمال.