الأحاسيس متباينة ومتشابكة ومتناثرة .. والنفوس هائمة .. مشتتة بين هنا وهناك .. هناك حيث الأرواح ذائبة .. مهللة .. مكبرة.. ملبية .. غاية مرتجاها القبول والرضاء وأن تعود كما ولدت أول مرة.. بلا أدران ولاذنوب.. أو خطوب وكروب.. وبين هنا .. حيث نحمل جبالاً من الهموم ولا نعلم حتى الآن من الضحية ومن الذي «بااااع» ومن الذي اشترى.. ومن الشاهد الذي «شاف» معاناة الغلابة وأحلامهم الموؤدة بشراء خروف صغير يستلهمون عبره عظمة الفداء وحكاية «الكبش العظيم».. ويدخلون به الفرحة والسرور إلى نفوس الصغار.. والشاهد «هدانا الله وإياه» لم يحرك ساكناً .. ولكن العزاء أن النفوس تهفو بين تارة و أخرى إلى هناك فتنسى هنا والمعاناة والدنيا «أم بناين قش».. عفواً قرائي الأعزاء لست ناقماً ولا متذمراً.. وما قصدت من حديثي هذا انتقاد أحد أو إلقاء اللوم على حاكمٍ أو والٍ ..أو التباكي على أسوار زرائب الخراف .. ولكني أصور مشهداً نعايشه جميعاً هذه الأيام .. وقصدت أن انتقل بكم إلى مشاهد أخرى أكبر وأهم من هذا المشهد .. وقصدت أن نذكِّر بعضنا بعضاً بعظمة هذه الأيام الخالدات وأن نستلهم منها الدروس والعبر بعد أن نستثمرها كما يجب وبالأخص يوم عرفة الذي يوافق اليوم الاثنين .. وما فيه من فضائل صومه من عتق من النار ومن مغفرة وقتية ومقدمة.. نريد أن نترك أسوار الزرائب ونرحل هناك بقلوبنا وأحاسيسنا .. مع المهللين والمكبرين والملبين والراجمين للشياطين.. وأن نتذكر أن العيد هو للفرح وليس التشاؤم أوالتذمر بسبب غلاء أسعار الخراف .. التي هي لمن استطاع إليها سبيلاً .. فالعيد ليس خروفاً ينحر .. ولا تباهياً وتفاخر .. ولا سمعة ولارياء .. العيد تسامح وعفو وصلة أرحام.. وتذكر وتدبر وذكر وعبادة.. هو يوم أو يومان تعود بعدهما الحياة إلى وتيرتها .. ولكنهما أكثر من ذلك لمن عرف المعاني واستلهم تفاصيلها الصغيرة والكبيرة . نقول ذلك بعد أن تابعنا وسمعنا الكثير من عبارات التشاؤم وغيرها من أحاديث توحي وكأن العيد هم أضيف إلى جبال الهموم .. فانشغل البعض وبذل وما زال يبذل فوق طاقته .. لاعنين الظروف .. لذلك كانت هذه التذكرة .. لأننا عندما نتذكر عظمة هذه الأيام وعظمة العيد نزداد يقيناً وإيماناً ونتذكر أن ذلك من صغائر الأمور .. وأن العيد أكبر من هذه المفاهيم الصغيرة.. ولأننا نعيش مع ضيوف الرحمن كل لحظة من لحظات الأيام الطيبات فنتذوق للعيد طعمه الذي هو بالتأكيد ليس طعم أكل أو شرب .. تغيب عقولنا عن الدنيا وتسوح في عالم بديع من الصفاء والنقاء .. ولا نجعلها تغيب بالمشروبات من «شربوت» وغيره. نعم هذا هو العيد الحقيقي .. وهذه هي المعاني التي يجب أن نعيشها .. وهي معان نادرة ولحظاتها قليلة تتكرر في العام مرة .. بينما غيرها متوفر ونعيشه في العام عشرات المرات.. عفواً إن تقمصت شخصية ليست بشخصيتي .. أو ارتديت جلباباً ليس من مقاسي .. ولكني أحبكم وأتمنى لكم الخير كما أتمناه لنفسي .. وكل ثانية وأنتم بكل الخير. [