أكد الدكتور فيتر أدوك أوتو الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي أن العفو العام الذي دعا له رئيس الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت لا يعنيهم لأنهم لا يملكون فصائل كما أن سلفا لن يصدقه أي شخص لأنها ليست هي دعوته الأولى وهو يحتاج لأن يقوم بخطوات ملموسة ويجلس مع المتمردين. وقال دكتور فيتر إن حكومة الجنوب لم توجه الدعوة لأي حزب جنوبي بما فيها حزبه «التغيير الديمقراطي» لحضور احتفالات الاستقلال ولكن رغم ذلك شاركوا أهلهم الفرحة لأن عيد الاستقلال عام لكل الجنوبيين وليس مخصص للحركة الشعبية ولا حكومتها. ووصف دكتور فيترأدوك في حوار أجرته معه «آخرلحظة» وصف الدكتور رياك مشار بالمرن والوفاقي وأنه أكثر شخص في حكومة الجنوب يريد لكل الناس المشاركة والعمل معاً لرفعة الأهالي هناك إلا أن محاولاته دائماً تقابل بالإجهاض لعدم وجود انسجام داخل الحركة الشعبية مبدياً رغبة حزبه في الحوار مع حكومة الجنوب إذا كانت مستعدة لذلك. وأكد د. فيتر أن وجود وزراء مثل دينق الور كوزير للخارجية بحكومة الجنوب هو منصب خطأ قانونياً لأن الوزير من أبيي ولم يتم حتى الآن القرار بشأن تبعيتها للشمال أو للجنوب ولكن الحركة اعتادت خرق القانون. وكان أن تطرق الحوار للتطور السياسي عقب الانفصال وكيفية إدارة حزبهم لنشاطه في الجنوب ووضعية ذلك مستقبلاً في ظل أجواء محتقنة تنذر بكوارث في دولة وليدة لم يجف حبر اسمها بعد. دكتور كيف ستديرون نشاطكم السياسي وسط هذه اللوبيات المكونة لحكومة الجنوب؟! - نحن موفقون، لأننا الحزب الثاني في الجنوب بعد الحركة، وهي تخشى أن نتحول لنكون الحزب الأول في الجنوب، ولذلك يريدون أن يغلقوا علينا كل المنافذ، وزعيم المعارضة الذي يتبع لنا موجود في جوبا وكذا نحن معارضة شرعية في الجنوب، وفي جوبا وملكال لدينا نواب في البرلمان ولذا لسنا خائفين وموجودين في الجنوب ونمارس السياسة ولدينا برنامج لتطوير الجنوب، وإذا هم أرادوا أن نتعاون معهم في ذلك البرنامج فسنتعاون، ولكن هم يخشون من أن نفعل برنامج يجعل شعب الجنوب مرتاحاً، ويخشون من الانتخابات في المستقبل كيف ستكون.. وكذلك هنالك تنافس شديد جداً في الحركة بدليل أن الدستور غير الشرعي الذي رفضناه رفضه جزء كبير من أعضاء الحركة الحاكمة في الجنوب أيضاً، لأنه دستور بالفعل غير لائق بالدولة، ولا يمكن أن يقبل الناس بدستور ديكتاتور، وهذا هو السبب الذي جعل البعض يحرِّض سلفاكير ضدنا، ونحن نتمنى كما قال دكتور مشار إذا الأمور انصلحت وصارت كلمته مسموعة هو نائب للرئيس ومتفق مع الرئيس فكل الأمور ستسير قدماً في الجنوب. أنتم حتى الآن موجودون في الشمال لماذا؟! - لأن حزب التغيير الديمقراطي كان حزباً قومياً، ولدينا أعضاء شماليون ونواب الرئيس الاثنين من الشمال، ونحن موجودون بالشمال لتوفيق الأوضاع، ولسنا مجبورون للبقاء هنا، بل غادر نائب الرئيس للجنوب وكذلك الأمين العام، ولدينا زعيم المعارضة هناك ولدينا مكتب في كل ولايات الجنوب العشر وهذا ما تخشاه الحركة، و تبقت تشطيبات فقط لنتفق مع إخوتنا في الشمال ثم نغادر للجنوب. الوجود الإسرائيلي في الجنوب مقلق للشمال، وهو قد لا يفرز جواراً حسناً مع جوبا بحكم أن إسرائيل معادية لأهل الشمال منذ وقت بعيد، حيث تردد أن هناك صفقه بين تل أبيب وجوبا بشأن ال30 ألف جنوبي بإسرائيل؟ - سؤالك وتخوفك من إسرائيل نابع من كونك شمالية، ولكن الدول تتبادل المصالح ولا يمكن أن أجزم لك بوجود علاقة من عدم تلك العلاقة مع دولة الجنوب، فهذه متروكة لتقييم كل علاقة وكيفية الاستفادة منها، ولذلك لا اعتقد أن هناك أي صفقة من هذا النوع لأن هذه النوعية من الصفقات لابد وأن تدخل المجلس، ونحن كقيادة معارضة فيه لم تأتي أية معلومات ليتم وضعها في «التربيزة» ويتم النقاش حولها بين إسرائيل وجنوب السودان، ولكن المجلس الآن في إجازة ولذا لا معلومات لدينا، ولكن السؤال هو لماذا لا تكون إسرائيل دولة مثلها مثل البلدان الأخرى فلماذا الصفقة هذه وهذا هو السؤال أليس هناك تضخيم أكثر من اللازم! تقديم الخدمات الأمنية التي عرضتها إسرائيل كما ورد في الأخبار تشكل نواة للجاسوسية في السودان وقد يكون التخوف من هذا الباب؟! - لا نعلم بذلك، ولكن أي دولة لديها الحق في التعامل مع أي دولة أخرى، والتعامل المتساوي مع الدول يجعلك محل احترام فأنت تمنحها خدمة مقابل خدمة منك وهكذا، وهو يتفاوت من دولة لدولة، إذاً أنت ستستفيد من دولة الشمال أكثر من يوغندا فتمثيلي يصل لسفير وهناك بلدان تمثيلها فقط سكرتير أول، ولكن لا علم لي بالصفقة. كان أن سارعت أمريكا بإلغاء العقوبات الاقتصادية على الجنوب مما دفع البعض لتفسيره بالاستفزاز تجاه حكومة الشمال التي سعت للتطبيع مع واشنطن، وفي كل مرة ترهن أمريكا التطبيع بملف أبيي مرة ومرة بجنوب كردفان مما اعتبره الشمال ابتزازاً لتقديم المزيد من التنازلات؟ - ينبغي ألا يكون هذا الكلام صحيحاً لأن خطاب السيد رئيس الجمهورية كان واضحاً في الاحتفال على أن أمريكا بالذات مفروض والدول المانحة توفي بوعدها، حيث كان أن وعدت أمريكا السودان بعد أن يوقع السلام ستقوم برفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومفروض أن يوفوا بهذه المطلوبات الآن، ولا يمكن أن يستثنوا الجنوب لأنهم إذا استثنوا الجنوب وتركوا الشمال فلن يحلوا المشكلة، لأن بينهم ديون مشتركة فكيف سيقسمون هذه الديون لتوزيعها بين الشمال والجنوب.. و هنالك لوبيات في أمريكا وهناك أناس يذهبون إليها ويصنعون ذلك اللوبي، ولكن هذا لم يأخذ الطابع الرسمي حتى نقول ذلك، كما أنني استمعت لخطاب سوزان رايس ممثلة أمريكا لدى الأممالمتحدة، وجاء وفد أمريكي للجنوب وقال الاستقلال حصلتم عليه فلابد أن تتوفر الديمقراطية.. والموقف الأمريكي الرسمي لا يقف مع الحركة في الجنوب لأن الممارسات التي تحدث هناك صارت معروفة ولابد أن تكون هناك ديمقراطية ونزاهة في العمل وعدالة واحترام لحقوق الإنسان وعدم الفساد، وكل ذلك في الجنوب موجود، عدم احترام لحقوق الانسان وهكذا، ولذا كان أن تضمن خطابها توجيهاً قوياً لحكومة الجنوب على تنفيذ كل هذه المطلوبات حتى تسير أمور الدولة، ولكن الخطوة الأمريكية غير سليمة.. كما أن البعض يروج ليخرِّب العلاقة بين الشمال والجنوب، فدكتور رياك عندما قدم خطابه في الأممالمتحدة شكر الشمال والرئيس البشير. هل تتوقع أن تقع حكومة الجنوب فريسة لأمريكا إذا لم تنفذ المطلوبات من إشاعة للديمقراطية والعدالة وكذا؟! - إذا لم يتم تنفيذ ذلك فستكون هناك إزدواجية في المعايير، إذ لا يمكن أن تأمر أمريكا بالديمقراطية وعدم الفساد وتوفير حقوق الإنسان، وفي ذات الوقت تشجع حكومة الجنوب لتبعد عن الجنوبيين لتكسبها هي، فهذه ازدواجية في المعايير.. ولكن إذا أرادت الدولة أن تكون دولة عدالة محترمة وتتقدم لابد أن تأتي بكل الناس بمن فيهم أبناء الجنوب في دول المهجر و تجلس معهم وتضع خططاً حتى تسيير الدولة، وبخلاف ذلك لن تكون دولة ليتم ابتزازها وإنما ستكون دولة فاشلة وأمريكا لا تريد دولة فاشلة. هل لو كان جون قرنق موجوداً لتغيرت إستراتيجية الحركة في إرساء دعائم الدولة، حيث يقال إن المجموعة التي ذكرتها وآخرين التفوا حول رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير، واستغلوا فرصة غياب الراحل الذي لم يكن سيتعامل مع الناس على هذا النحو؟! - هذا صحيح، فغياب دكتور جون قرنق غيَّب أشياء كثيرة كالثقة في النفس وكيفية التعامل مع الظروف، كلها أشياء غابت والحركة ضلّت طريقها.. وحتى السودان الجديد الذي يدعونه، لو كان قرنق موجوداً ربما جرى فيه شيء ولذا غيابه أثر كثيراً في الجنوب لأنه غياب للفكرة. كلمة أخيرة؟! - قلوبنا مع الدولة الوليدة، وحتى تنجح، نحن نناشد السلطات في الجنوب للإسراع في تكوين حكومة راشدة ذات قاعدة عريضة تستوعب كل الناس وتحل مشكلة حاملي السلاح ضد الحكومة في الجنوب حتى يتفرغ الناس للعمل الذي ينمي الدولة، ونريد أن نوفر الزراعة حتى يستطيع الناس أن يأكلوا، فالجنوب الآن كل شيء فيه يأتي من الخارج وفي جوبا كل «حاجة» من يوغندا وفي شمال الدولة الجديدة أي حاجة تأتي من الشمال، الآن في يوغندا إذا كان لديك جوالات بطاطس فأول رغبة ستكون تسويقها في جوبا لأنها تأتي بمال كثير مما خلق مشاكل للحكومة اليوغندية لأن ذلك خلق فجوة في يوغندا، ولذلك لابد من الأمن الغذائي بالزراعة، وكذلك لابد من الإيفاء بخدمات الشعب من تعليم وصحة، وكذلك لابد أن يعمل الجنوب علاقة لكنها ليست علاقة «دولتين» بل علاقة «أخوين» بين الجنوب والشمال وليس دولة ودولة، لأن ما بين الجنوب والشمال أكثر مما بين الشمال ويوغندا مثلاً.. فإذا كان لدي أكثر من عشرين ألف طالب جامعي جنوبي هنا في الشمال أضمن استمرارية تعليمهم، إذ لايوجد «زول» يمكن أن يطرد «زول»، بل على العكس فالإنسان هنا يمكن أن يستضيف أي طالب فمثلاً جاري هنا يمكن أن يستضيف ابني وهذا من ناحية «اجتماعية»، ولكن نحن نريده من ناحية «رسمية» بأن يكون هناك التزام من حكومة الجنوب لهؤلاء الشباب حتى يكملوا تعليمهم بأن تحفظ كل علاقة ليكون الانفصال سياسياً وليس وجدانياً.