في عصر رمضان يتسابق الناس والعربات بصورة جنونية!! قيادة سيارة في مثل هذه الشوارع «المخبولة» تبدو مغامرة محفوفة المخاطر!! يختلط الحابل بالنابل ولا تعرف نوع المركبة التي تجري امامك هل «هايس» ام «ركشة» ام «كارو» ام امتي يا امة الامجاد والماضي العريق..! إذا أخذت المسار اليمين فإن الأكثرية من زملائك مستخدمي الطريق يتخذونه «Parking» عديل!! يشترون ويتبضعون الموز والبرتقال و«الدكوة» والبطيخ!! أما إذا أخذت المسار اليسار فحدث ولا حرج!! قال أحدهم وهو يسب ويلعن ما عارف الناس دي جارية لاحقة شنو!! الأبري والعصيدة والبليلة ما ملحوقة!! ü الشارع يشتغل بنظرية أخونا «العريس» هذه الأيام «بكري عوض»!! بكري سائق ماهر وقلما تجد من يقود عربة في شوارع الخرطوم مثله بمهارة.. ولكنه عندما يجلس خلف الديركسون ينتابه إحساس بأنه يقود دبابة روسية الصنع!! وليست سيارة كورية حصر المهندس الذي قام بتصميمها مهمتها في توصيل الركاب الى «وجهتهم» بسلام وأمان!! فقط لا شئ غير ذلك.. بكري يقول لك يا شيخنا إنت في الشارع ده يا قالع يا مقلوع!! وبعد داك اختار لنفسك الصفة التي تلازمك في هذه «الهيصة» التي اسمها حركة المرور في شوارع الخرطوم. في زيارتي للندن قبل سنوات وعندما رأيت النظام والمرور والانضباط قلت لهم يا أخواننا الآن تذكرت بكري وحكيت لهم طرفاً من حكاياته ونوادره في السواقة!! الآن عندما يتصلون في التلفون والنت يقولون كيف بكري إما قالع أو مقلوع!!قالوا عندما نسافر في اتجاه ويلز أو لندن مثلاً أو اي مدينة أخرى نتذكر بكري ونقول عندما تبدأ العربة في التحرك الآن ويلز في القزاز.. وبكري عندما نخرج من الدروشاب ونحن في اتجاه شندي يقول لي بحماس جهادي!! أها يا أستاذ خلاص شندي في القزاز!! وهذا ما يحدث فبعد برهة من الزمن نكون قد وصلنا وتركنا وراءنا كل «الحديد» الذي صادفناه في طريق التحدي..! شعارنا .. مافي عربية تمشي قدامنا. ü أمس في الحلفاية عصراً تعطلت حركة المرور تماماً واختلط الحابل بالنابل وشاهد المارة معركة بالأيدي وملاسنات و«دربكة» لم يستطع البوليس الواقف حسمها!! حدث احتكاك بين أحد بصات الوالي وعربة «فورويل» تحمل لوحة «استثمار» ولم يحدث شئ يذكر. ولكن ملاسنات بين ركاب البص وأصحاب السيارة والذين يبدو أنهم لم يطبقوا نظرية بكري عوض التي تقول في الشارع ده يا قالع أو مقلوع «فقط». بل زادوا عليها إنت في الشارع ده يا ضارب يا مضروب!! المنظر لم يكن حضارياً بالمرة ويعطي شعوراً بالأسى والمرارة بأن كل شئ في هذا البلد جاهز وأن الفوضى ممكن أن تحدث في أي لحظة وأن هناك من يصر على أخذ القانون بيده وأن الأغلبية يمكن أن تسكت على الخطأ وتقول نعمل شنو!! أنا لا أتحدث عن أشخاص بعينهم!! بل أتحدث عن ظاهرة «فوضى» بدأت تسري في أوصال المجتمع وتأخذ اشكالاً والواناً وصوراً لم نألفها!! ü ينتابني إحساس بأن «الفوضى» بدأ تضرب باطنابها في جنبات المجتمع وربك يستر!!.