تمر اليوم علينا ذكرى غزوة بدر الكبرى وهي غزوة لها تميز خاص وسط غزوات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. فقد حملت عِبراً كثيرة و كانت درساً مهماً للمؤمنين، وحتى أن المسلمين الذين شهدوها ميزهم الله وغفر لهم.. وقد تمثلت عظاتها أولاً في إعلاء قيمة الشورى بين القائد والجنود حينما قال لهم صلى الله عليه وسلم أشيروا عليَّ، وكان يسألهم عن رأيهم في القتال أم الانسحاب وظل يرددها حتى أجابه سيدنا سعد بن معاذ رضى الله عنه وحسم القضية لصالح الحل العسكري، فكانت غزوة بدر التي لم يخطط لها المسلمون أصلاً لتكون غزوة بهذا الحجم.. وقد عززت غزوة بدر مثالاً آخر يُحتذى عندما وضع الجنود ثقتهم في قائدهم عندما قال سعد بن معاذ لرسول الله صلي الله عليه وسلم «امضِ يا رسول الله لما اردت فنحن معك».. والعبرة المهمة هي احترام آراء الخبراء والمختصين عندما قال الحباب بن المنذر رضى الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم «أرأيت هذا المنزل.. أمنزلاً أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخره أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو الرأي والحرب والمكيدة». فأشار الحباب بمكان آخر فقبل الرسول صلى ا لله عليه وسلم برأيه.. وغيرها من العبر المهمة التي نفتقدها مثل حسن الظن بالاخوان ودعاء القائد لجنده.. سادتي إن غزوة بدر الكبرى «غزوة» كبرى بالفعل رغم أنها الغزوة الأولى بالنسبة للمسلمين ويمكن أن يأخذ منها المسلمون اليوم أشياء كثيرة فقدوها مثل الثقة بالله بأنه هو خالقنا وأننا في الأرض لنعبده وأن النصر من عنده تعالى، بالإضافة لاحترام القائد أو الاحترام المتبادل بين الجنود وقائدهم وبسط الشورى والبعد عن الآراء الفوقية والاستماع لأهل الرأي و الاختصاص وهذه بالطبع لا يختلف عليه اثنان فقد بعد الناس عن الاستماع لأهل الرأي والاختصاص فأصبحت ظاهرة أبعدت مجتمعاتنا الإسلامية عن الصواب.. إذن فالإسلام لم يدع لنا شيئاً إلا ووضع له أثر فإذا نظر لها المسلمون من منظور الولاية لله لما كان حالهم الآن يغني عن سؤالهم.. فمن هذه الغزوة ودروسها يمكن أن تقوى شوكتنا وأن نحمي بلاد المسلمين من المتربصين بها.. بدلاً من الخوف منهم والتقوقع الذي يعيشونه.