مناظر مرعبة.. تقشعر لها الأبدان.. وترتعد لها الفرائص.. تثير الفزع وتملأ النفوس أسى وحزنا..!! مشاهد لا تصدق لأنها أبعد عن الحقيقة وأقرب إلى الخيال.. أيمكن أن يتصور عاقل أن يعيش شعب بكامله ومعه شعوب القرن الأفريقي على هذه الحال المزرية من الفقر والعوز، التي يندى لها جبين الإنسانية خجلا وعارا..؟! شعب يتضور جوعا ويصرخ ألما ويتأوه مما نزل به من كوارث ومصائب.. تجتاح الصومال موجات متتابعة من القحط والجفاف والمجاعة والتطرف والحروب.. دفع فيها الصوماليون الثمن غاليا من دمائهم وأرواحهم ولقمة عيشهم، حتى إنه لم يبق شيء يجودون به..!! صور مثيرة لأطفال هزلت أجسامهم وغارت عيونهم وأمهات غدون هياكل عظمية بالكاد تتردد أنفاسهن.. وشيوخ استبد بهم اليأس بعد طول بحث عن الطعام لهم ولأسرهم فرفعوا أيديهم بالدعاء لله أن يجيرهم مما هم فيه، وأن يرحم ضعفهم ويجبر كسرهم.. لقد تنكر لهم القريب والبعيد.. يكتفون بالفرجة عليهم دون أن تهرع الجهات الإغاثية لإغاثتهم ومساعدتهم وعلاج مرضاهم.. إلا بعض من أنبتهم ضمائرهم وهزتهم أنات الأطفال وصرخات الجوعى والجرحى، وبعد أن تجاوزعدد من مات 30 ألفا.. وتحذر جهات دولية مختصة من أن العدد مرشح للزيادة بشكل أكبر إذا ما امتدت المجاعة لتشمل القرن الأفريقي كله.. كل هذا يحدث على مرأى ومسمع من العالم الحر المنادي بالحرية والعدالة وحقوق الإنسان وإنصاف الضعفاء وإغاثة المنكوبين والمتضررين جراء الحروب أو الكوارث الطبيعية.. وكأن شعب الصومال ينتمي إلى كوكب آخر غير هذا الكوكب..! إنها سياسة الكيل بمكيالين التي ازدهرت في العصر الحديث.. فلو كان الأمر في غير الصومال لسيرت قوافل الإغاثات برا وبحرا وجوا.. وللعب الإعلام الغربي دوره المعتاد الذي عرفناه وعرفه العالم معنا.. ولكن الصومال لا بواكي له..؟! ولك الله يا صومال.. وكفى بالله ناصرا وحسيبا. يا أمة العرب.. يا أمة الكرم.. يا أمة الشهامة والنخوة والمروءة.. أين أنتم مما يجري في الصومال؟! أليس الصومال جزءا من الأمة العربية، وعضوا فاعلا في جامعة الدول العربية؟! ويا أمة الإسلام.. أليس المسلمون إخوة في السراء والضراء.. وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.. فأين أنتم مما يجري في الصومال..؟ العواطف وحدها لا تجدي شيئا إن لم تترجم إلى فعل، فيهرع المسلمون إلى إغاثة الصومال المنكوب قبل أن يستفحل الداء فيصعب العلاج والدواء..! ويا أحرار العالم.. لا مجال ولا وقت للانتظار، فقد بلغت الأمور مرحلة الخطر.. ودفع الصومال عشرات الآلاف من الضحايا. .فكل ساعة تمر تشهد ضحايا جددا.. فهل من مغيث؟ّ! الصوماليون يستصرخون العالم كله ليهب لنجدتهم.. ويسارع لمد يد العون لهم لينتشلهم من الهاوية التي سقطوا فيها مكرهين.. كان الله في عونكم يا أهل الصومال، فهو القادر وحده سبحانه وتعالى على إنقاذكم وعونكم.. حفظكم الله وسدد خطاكم على طريق الخير والصلاح. طلال قديح