بالأمس أصدرت محكمة الخرطوم حكمها في قضية صحفيي صحيفة (رأي الشعب) الموقوفة.. وجاء حكمها بإغلاق الصحيفة نهائياً وسجن الزملاء المتهمين أبوذر علي الأمين خمس سنوات وأشرف عبد العزيز والطاهر أبوجوهرة سنتين لكل، مع الحكم ببراءة رمضان محجوب. قطعاً للمحكمة التي لا نشك في عدالتها واستقلاليتها تقديراتها الخاصة التي دفعتها لأن تنطق بهذا الحكم. ولسنا في محل اعتراض على حكم القضاء إذ إنّنا من غير المختصين أو العاملين في دوائر العدل أو القانون.. ولكننا مع ذلك نعلم أن هذا الحكم لن يكون نهائياً ما لم يتم استئناف بقية مراحل التقاضي التي كفلها القانون، واستكمالها خطوة خطوة سعياً وراء تثبيت دعائم العدالة باستئناف الحكم في كل المراحل وصولاً إلى المحكمة الأعلى فالأعلى. نُجدّد ما بدأنا به من أن للمحكمة تقديراتها الخاصة للقضية من مختلف الزوايا وما ترتب على الفعل الذي قام به صحفيو صحيفة (رأي الشعب) وما نُشر بالصحيفة من أخبار ربما أضرت بأمن الوطن القومي وبعلاقاته في المحيطين الإقليمي والعالمي.. والمحكمة لا تُصدر أحكامها إرضاء لحاكم أو انحيازاً لمحكوم، بل تسعى إلى تحقيق العدل ومحاسبة المخطئ وفق المخالفة التي ارتكبها سواء كانت تتّصل بالحق الخاص أو الحق العام. لا نُطالب المحكمة بمراجعة الحكم، فهذا ليس من شأننا ولكننا نُطالب الجهة الشاكية سواء كان يمثلها جهاز الأمن والمخابرات الوطني أو نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة، أو غيرها.. نطالبها بقبول الطعن الذي نتوقع أن يتم ضد الحكم من قبل الدفاع عن المتهمين وأن يقبل الاتّهام الاستمرار مع الدفاع في جولة تقاضي أخرى هي مرحلة الاستئناف وما بعده.. ولكننا مع ذلك نُطلب تدخّل السيّد رئيس الجمهورية شخصياً ولو بعد حين لإسقاط العقوبة عن المحكومين، وهذا حقه.. بل نناشده باسم كل زملائهم في هذا الوسط العريض أن ينظر للأمر بعين الرجل الكبير صاحب الأفق الواسع والعقل الراجح، وألا يلتفت إلى أفعال قلة غاضبة ومحتجة، سرعان ما تندم على ما فعلت إذا ما سكت الغضب وزالت سورته. ونخاطب السيّد الرئيس البشير الذي اختارته أغلبية السودانيين الساحقة ونرجوه، وهو الداعي لتوسيع دائرة الحريات والذي نشهد له بأنّه كان ولا زال مع فتح أبواب الحوار مع الآخر.. نخاطبه ونرجوه وندعوه لأن يصدر قرار العفو.. فبلادنا لا تحتمل غبناً سياسياً جديداً، ولا احتقاناً يؤدي إلى التهاب جسم أو تنظيم أو حزب جديد لأننا مواجهون في هذه المرحلة بما هو أهم وأكبر.. ونعني وحدة السودان التي تعني قوة الوطن.. مع كل الأمل في أن نسعى أجمعين إلى أن تكون نتائج استفتاء تقرير المصير لصالح الوحدة. ونرى أن أول صوت داعم للوحدة الآن بعيداً عن الجرم والجريمة، وبعيداً عن تقديرات القضاء التي نحترمها، نرى أن أول صوت داعم للوحدة الآن هو صوت العفو عند المقدرة.. وإسقاط العقوبة عن هؤلاء الزملاء.. اللهم اجعل هذا البلد آمناً وأرزق أهله من الثمرات. و.. جمعة مباركة.