رجف راصد بيت الأسرار ووجف قلبه صباح أمس وهو يشهد ما أثار الرعب في نفسه داخل مبنى إدارة المرحلة الدراسية المتقدمة في المحلية التاريخية بالولاية الكبيرة، حتى أن راصد بيت الأسرار من فزعه نسي فردة حذائه وفر راكضاً بعد أول (بونية) في بداية معركة عجيبة وغريبة، ورغم محاولات تهدئة أهل وأصدقاء الراصد لروعه إلا أنه ظل يرتجف ويبسمل ويحوقل لساعات طويلة، وبعد أن هدأت أنفاسه وعاد اليه إحساسه أخذ يروي ما حدث لمن حوله، مقسماً بأغلظ الايمان أنه لن يعود الى إدارة المرحلة الدراسية المتقدمة في المحلية التي تحمل اسماً تاريخياً يرتبط بتحول سياسي خطير في السودان،، وقال لجلسائه إنه كان بصدد البحث عن طريقة ينقل بها ابنته التلميذة في تلك المرحلة الى مدرسة جديدة، فذهب الى حيث وجهه بعض الموظفين نحو مكتب مدير المرحلة الذي كان يجلس باسماً يتضاحك مع من حوله، ويوزع العمل عليهم كأنه (قمر) في سماء تزدان بالنجوم، ليفاجأ هو ومن معه بدخول المعلم الهائج الغاضب الى المكتب ضارباً بقدمه في الممر بصحن فول جف من طول الانتظار، ومن فوقه بقايا (جرجير) خضراء، ثم هجم على المدير وأوسعه ضرباً ولكماً الى أن تدخل الأجاويد والزملاء، والرجل يرغي ويزبد ويبحث الراصد عن الأسباب والأسرار، اكتشف أن العلاقة سيئة بين الرجلين، وقد قام مدير المرحلة بنقل المعلم الى الريف لتقع الواقعة، ويتبع القرار انتقام رهيب، حتى أن احدى المعلمات العريقات علقت على الأمر وقالت: (ده قرار وانتقام على وزن فيلم غرام وانتقام ) أما أكثر ما كان يخشاه الراصد هو أن يتحول الى شاهد.. وشتان ما بين الاثنين . إبعاد بعد التقصي! الصحفي الظل الذي تحول من الفنون الى الجنون السياسي، وأخذ يدافع بالحق والباطل عن الزعيم القديم والحسيب النسيب، تأكد لراصد بيت الأسرار أنه تم استبعاده تماماً من الطاقم التحريري للصحيفة الجديدة القديمة، وقد قال قائل من حزبه إن الجريدة الجديدة القديمة ستتحول الى وليدة عقيمة، إذا ارتبطت بمثل هذا المعجب بالصحافة، ويريد أن يرتبط بها دون مقومات.. بحلق راصد بيت الأسرار جيداً في الرجل الذي قال هذا الكلام وحاول أن يبدو منشغلاً بتقليب بعض الأوراق، لكن الرجل المتحدث واصل ليقول لمن معه إن في ذلك المتصحف فساد على عكس ما يحمل اسمه، وطلب اليهم أن يمنحوه فرصة لتقديم تقرير موثق ومدعوم بالمستندات عن سوء السلوك المهني للمرشح لشغل وظيفة متقدمة في الصحيفة الجديدة القديمة، ليعمل تحت امرة الصحفي الكبير الذي قاد العمل فيها لعدة سنوات في المهاجر والمنافي. المجموعة أمهلت الرجل عدة أيام لرفع التقرير فخرج مسرعاً من الاجتماع ليلحق بإحدى الصحف ويسأل القائمين بالأمر فيها عن الذين يعرفونه عن (فلان الفلاني) فقالوا له إن فلان الفلاني لينا معه ذكرى ما عايزين نعيدها تاني، وحكوا له ما حكوا، ليخرج ويتجه نحو آخرين لجمع معلومات حول الأبراج التي جلبت الحظ للبعض ورمت بالآخرين الى خارج الحدود!