أقباط السودان: بعد رحلة طويلة من البحث والدراسة، والمقابلات واللقاءات، ومتابعة الكثير من الشخصيات، وقراءة الكتب والمجلات، تم والحمد لله كتابي الكبير والذي يحمل عنوان"أقباط السودان" وألتقينا في منتدي الأنبا دانيال الذي يعقد مرة كل جمعتين في قاعة أسعد أيوب بجوار قاعة مكين أسكندر بمبني مركز مؤتمرات الأنبا دانيال في كنيسة الشهيدين، وكان عدد الحاضرين كبيراً، وراجع الموجودين كل الكتاب كل واحد عدة صفحات، وكان اللقاء قد حوى الكثير من الشخصيات القبطية الكبيرة، القمص بولس فواد، وليم زكريا، رفعت حكيم، دكتور نصري مرقس، بروفيسور توماس، بروفيسور جون جندي، عباس، أنطونيوس فايق، مدحت صبحي، الشماس البرت، جيمي، جيهان، ماجدولين، وليم يوسف، مدام سامية سعيد، مدام سامية بشاي التي أبلت بلاءاً حسناً في المراجعة حتي أننا أوكلنا أليها مراجعة الكتاب كله بعد التصحيح، أنسي متي، الدكتور هندي ميخائيل، الدكتور لويد جندي بطرس، المهندس جورج منير، سامح سمير ، اللواء حازم أسكندر، المؤرخ المخضرم رمسيس جرجس، داني، مارينا، وآخرون كثيرون.. وبعدها جمع الشماس مينا عماد كل هذه المراجعات ليدفهعا إلى الأستاذة فاطمة علي، وذلك لتنسيق الكتاب ليدفع إلى مطبعة الحياة لطباعة الكتاب، المرجع أقباط السودان، وقد استمعت إلى كل الملاحظات بوعي واهتمام وكتبتها لكي تجد موضعها في الكتاب، والذي من المتوقع أن تصل صفحاته إلى سبعمائة، وذلك لأنه مرجع مهم، وليس كتاباً للتسلية، وعرضت على الحاضرين أن تتبنى المؤسسات القبطية، دراسات أخرى عن أقباط السودان، مثل الأقباط والتعليم، الأقباط والأعمال الإنسانية، الأقباط والإقتصاد، الأقباط والزراعة، الأقباط والبنوك، وذكرت أنني سوف أستأذن من الجامعات والتقي بطلاب الدراسات العليا، وأعرض عليهم المساهمة في مجالات البحث هذه، والتي سوف تكون أكثر مما ذكرت، وسوف أهدي للطلاب كتابي الذي أعتز به "أقباط السودان" لأنني أعتقد أن الأقباط همٌّ سوداني، وأن كل سوداني، يمكن أن يساهم بأبحاثه في هذا الموضوع، لأن هناك مواضيع عديدة تحتاج إلى توسع، وهناك مواضيع لم يطلها البحث. أقباط المهجر: ومن بين الموضوعات التي لم تزل تحتاج إلى دراسة، الأقباط الإنجيليين، الأقباط الكاثوليك، بل هناك موضوع يصلح لكتاب بأكمله وهو خطابات الرئيس عمر حسن أحمد البشير في أفطارات رمضان التي وصلت إلى عشرين خطاباً كلها غزلاً رقيقاً ونظيفاً وإعجاباً جميلاً، وتحيات محترمة للأقباط من رئيسهم الذي عاشوا معه حلوه ومره على الأخص، وأن مائدة رمضان القبطية يتألق فيها الحلو مر، ولقد كرم الرئيس ثلاثة من أقباط السودان هم نيافة الأنبا صرابامون، ورفيق دراسة الرئيس بسخيرون إبراهيم، وجمال خليل القبطي السوداني الشهم المقيم في برايتون الإنجليزية . وأعتقد أن موضوعاً مهماً للدراسة هو أقباط السودان في المهجر، فلقد هاجر كثيرون من أقباط السودان، وأعتقد أن عدد أقباط السودان، لا يقل عن ثلاثة ملايين خارج السودان، وداخل السودان، وأن العدد يتراوح بين الزيادة والنقصان، ومن الطريف أن أقباط السودان، عندما يذهبون إلى مصر وهي وطنهم الأصلي يقال عنهم إنهم أقباط السودان، ومن الطريف أيضاً أن من هاجروا إلى بلاد المهجر من أقباط السودان، ذكروا العديد من القصص والحكايات عن المعاملة السيئة التي لاقوها من ثورة الإنقاذ في أيامها الأولى، عندما كانت متوحشة، وبحسب رأي بعض زعمائها، كان لابد أن تكون كذلك حتى لا تفقد مكانتها، وحتى لا يبتلعها الذين وقفوا ضدها، والأطرف من كل هذا أنهم بعد هذا ياتون إلى السودان، وسط ترحيب الدولة والأهل من الأقباط وغير الأقباط، وكثيراً ما يجيئون إلينا خلال أيام الكريسماس، والذي يشعرون به في السودان بطعم خاص، لا يصل إلى مرتبة إحتفالات أوروبا وأمريكا، وكندا وأستراليا. إن الأقباط منذ القدم يحبون الهجرة، ولقد كانت هجراتهم منتظمة إلى السودان عن طريق الأربعين، فلقد وصلوا سنة 250م إلى دارفور، وسنة 542م إلى دنقلا، وذهبوا إلى البحرين وعاش هناك رهبان في دير أقيم هناك، وكان الرعاة يأتون إليهم طلباً للصلاة والعلاج الروحي، حتي صارت ديراً هي أول مقر للبحرين بعد استقرار البدو هناك، وفي السودان سمي جبل الأولياء هكذا لأنه كان موطناً للرهبان والمتوحدين الذين يسميهم أهل السودان أولياء الله الصالحين، ولهذا أطلق اسم جبل الأولياء على هذه المدينة التي تعد مدخلاً للغرب. وللأقباط في الخارج آثار تدل عليهم، وهنا نذكر الكتيبة الطيبة، والتي ذهبت إلى أوربا لمساندة الأمبراطور، وهناك طلب منهم للأمبراطور أن يرفعوا بخوراً للإلهة فرفضوا، وكانت النتيجة سفك دمهم على أراضي أوربا، كما قام كثيرون منهم بالتبشير بالمسيحية هناك، ويذكرون القديسة أفرونيا التي كانت تعلم أهل سويسرا مبادئ النظافة، أما أقباط السودان، فقد عاشوا في السودان، مواطنون متميزون، لهم ما على غيرهم، وعليهم ما على غيرهم، يؤدون الواجبات وقلَّما يطالبون بالحقوق، وعندما ضيق الخناق عليهم في أواخر حكم النميري وتم الإعلان عن قوانين سبتمبر التي قال عنها الصادق المهدي أنها لا تستحق الحبر الذي كتبت به، خرج الأقباط إلى بلاد المهجر أعتراضاً على هذه القوانين، وفي الأيام الأولي للإنقاذ 1989م وما بعدها، وعندما أعلنت الشريعة الإسلامية هاجر الأقباط إلى أوربا وأمريكا وكندا وأستراليا، وصار هناك في هذه البلدان عدد كبير من أقباط السودان، ورغم أن أقباط السودان وأقباط مصر يتبعون كنيسة قبطية واحدة، ويرأسهم بطريرك واحد، فإن أقباط السودان، أنشأوا كنائس هناك، وصار الآباء الكهنة رعاة الكنائس من السودان، وهذا ما حدث بالذات في برايتون بريطانيا، والتي أسس أقباط السودان فيها كنيسة كل أعضائها من أقباط السودان، وفيها كاهنان من السودان، ونذكر هنا جهود الأرخن القبطي السوداني جمال خليل في توطين الأقباط في برايتون ومساندتهم في إنشاء الكنيسة، كما نذكر أن الكنيسة القبطية في لندن بدأت بجهود الأقباط السودانيين السيد لمعي سدرة، والسيد مشيل جورج إسحق، ولا شك أن الأمر يحتاج إلى دراسة أكثر، واقترح رسالة دكتوراة تحت عنوان (أقباط السودان)، في المهجر، تقوم على دراسة ميدانية، تحدد موقعاً من المواقع، وسوف تكون هذه الدراسة الميدانية ذات فائدة في عالم الدراسات الإجتماعية والإنسانية، وتأكيداً لدور أقباط السودان، في كل موقع يذهبون إليه خدمة وشفافية وأمانة ونزاهة. وبهذا الباب المفتوح من الدراسات نختم كتاب أقباط السودان.