المجتمع الإنساني والمدني مسمى لشكل علاقات البشر مع بعضهم البعض.. وبتفاعلهم مع بعضهم وبتعاملهم وتبادلهم الأحاسيس والمشاعر.. والمنفعة... وهذا هو مربط الفرس.. فقد أصبح المجتمع اليوم يلبس ثوب الأناقة.. ويتحدث لغة اللباقة.. ويفرز عرق الصندل.. حتى ولو كان نتناً.. فقد أصبحت المظاهر هي القائد الأول.. حتى ولو على حساب المباديء.. والقواعد.. فمفهوم الصحيح والخطأ.. أصبح يخضع لموازين كثيرة.. وغريبة.. ومركز التفاعل فيه.. لصاحب الكلمة.. والمنفذ.. والتجربة حتى ولو كانت مملوءة بالأخطاء الجسيمة.. والأفعال الدنيئة.. ولكن المركز والمرتبة هما اللذان يحددان مدى سلطته وصلاحيته.. وليس نهجه وسلوكه.. فقد أصبحت كثير من العلاقات بين الناس سطحية رغم متانتها.. ووهمية رغم حقيقتها.. فتجد القريب بعيداً.. عنك في أشد المحن.. وأحلك المواقف.. ومع حركة التغيير المستمر لقوائم التثبيت في المجتمع.. نجد أن النتائج وخيمة.. والتفاعل ضعيف. دائماً عيوننا على غيرنا.. دائماً نرى الأشياء كما نحب أن نراها وليس كما هي حقيقتها.. لا توجد لدينا ضوابط أخلاقية لنعرف مدى خطئنا.. ولا مدى صحة الآخر.. فكل ما لا يناسبك هو خطأ.. وتجد له المبررات.. والدوافع.. وطبعاً الشهود.. الذين ينطبق عليهم نفس المبدأ.. من المحاباة.. وتبادل المنفعة.. ترى كل يد تمتد لتوجعك.. ولكن تعمى عيناك عن رؤية يدك تؤذي الناس.. تجرح مشاعر غيرك بكل سهولة.. وأنت ترى أنك تسقي الورود.. وعندما تجد شخصاً ما.. بعيداً تماماً عن خطوط طولك المنفعية والعرضية الذاتية وهو يسرق الضحكة و«البسطة» من أي كان.. تشتم وتلعن.. وترى حجم الأذية.. فكلنا نعمى عندما يرتبط المصير بالذات.. وهذا لأننا لم نتعود على أن نقبل الواقع.. والخطأ .. والمعالجة.. وهكذا أصبحنا مجتمعاً ممتلئاً عن آخره بالكثير من العادات السيئة التي سادت وأصبحت من ضروريات العصر الحديث.. والتحضر.. والتمدن.. فخشن جلدنا وتبلدت أحاسيسنا.. وبهتت مبادئنا.. لا أقول كل شيء ولكن هناك شيئ مفقود.. ولا تحس النملة بقرصة أختها!!