أمبيكي يبدو أكثر إصراراً على ممارسة دور الوسيط بين الخرطوموجوبا، رغم إشارات بدرت من حكومة الخرطوم أنها لا تحتاج إلى وساطة خارجية ورغم جلوس الطرفين لأكثر من مرة بهدف الوصول إلى حل حول القضايا العالقة. أمبيكي حمل تقرير مباحثاته مع المشير عمر البشير رئيس الجمهورية السودان إلى الفريق سلفاكير ميارديت رئيس حكومة جنوب السودان، وقراءة الأحداث تقول إن أمبيكي ستمتد زياراته بين الخرطوموجوبا تبعاً لتقلب الأوضاع في السودان.. ومن الواضح أن دولاً ذات تأثير ترى في أمبيكي أنه أحرز تقدماً في ملفات أخرى الأمر الذي قد يجعله موضع ثقة للطرفين، ولكن هل تنجح مهمة أمبيكي مع حكومة سلفاكير التي خرجت من أحضان إسرائيلية أمريكية؟. ما المطلوب من أمبيكي حتى تنجح مهمته في الوساطة بين دولتي جنوب السودان و جمهورية السودان في حل القضايا العالقة والمتمثلة في البترول والحدود وأبيي و جنوب كردفان والنيل الأزرق؟!.. و هل بمقدور أمبيكي مواجهة سلفاكير وإقناعه بأن تبنيه لأجندة وإستراتيجية أمريكية تسعى إلى إسقاط النظام في الخرطوم في إطار ممارسة النظم الإسلامية لن يفيد دولة الجنوب الوليدة؟!.. كيف يقنع سلفاكير بأن الجنوب هو صاحب الحاجة الملحة إلى تطبيع العلاقات مع جمهورية السودان؟!.. ويرى مراقبون سياسيون أن حكومة جنوب السودان عليها أن تتنبه إلى أن إصرارها على تبني أجندة صهيو أمريكية سينعكس سلباً على استقرارها ووضعها الاقتصادي بل والغذائي، وقال المراقبون إذا أراد أمبيكي النجاح في مهمته عليه أن يواجه حكومة سلفاكير بأن أجندة حكومة الجنوب تمضي عكس مصالح أبناء الجنوب.. وأن يواجهه بأنه ما كان هنالك داعٍ لإعلان استمرار مساندة الحركات المتمردة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق بعد إعلان قيام دولة الجنوب، مشيرين إلى أن هذا التصرف من سلفاكير في القانون الدولي له تفسير واحد ويوصف بأنه تدخل في شؤون دولة أخرى الأمر الذي يعطي الخرطوم حق التدخل دون توجيه اللوم نحوها، الأمر الذي لا تقوى عليه دولة الجنوب الوليدة والتي لا تملك بنية أساسية، وكان ستة ملايين من سكانها يقيمون في جمهورية السودان.. وأشار المراقبون أيضاً إلى أن دولة الجنوب لن تستطيع التخلي عن السودان لفترة لا تقل عن عشرين عاماً في غذائها. كما أكد المراقبون أن قراءة واقع الأوضاع السياسية تدل على أن دولة الجنوب لم تعطِ مؤشرات حتى الآن بقيام مشاريع تنمية وكل ما تفعله هو التركيز على تنفيذ الأجندة الصهيو أمريكية من دعم حركات التمرد في الشمال بهدف إسقاط النظام في الخرطوم لإقامة نظام آخر علماني لا توجهات لديه تجاه العرب والمسلمين. وأكد مراقبون أن مشكلة حكومة الجنوب هي أن كل قياداتها السياسية والأمنية والعسكرية ترعرت في أروقة المخابرات الإسرائيلية الأمريكية واعتمدت على الدعم المالي والسياسي لهاتين الدولتين، وبالتأكيد الدولتان لم تنفقا على القيادات الجنوبية إلا لتحصدا مازرعتا بعد قيام دولة الجنوب، مشيرين إلى أن المشكلة التي تواجه وساطة أمبيكي أن كل القيادات الجنوبية لا تستطيع التوجه ناحية حل مشاكل المواطن الجنوبي قبل أية اعتبارات خارجية أخرى. مؤكدين أن سلفاكير نفسه لا يستطيع ذلك وأشار المراقبون إلى أن التوتر بين جوباوالخرطوم فإن الخاسر الأكبر هو دولة جنوب السودان. كما أكد المراقبون أنه ليست هناك مشاكل مستعصية على الحل في ملفات البترول أو الحدود أو فتح الحدود لإشعال السلع والأفراد فالسودان توصل إلى حلول حولها مع كل دول الجوار بالتالي فإنه لا يعجز في التوصل إلى حل مع دولة كانت أصلاً جزءاً منه. ويرى المراقبون أن المطلوب من أمبيكي هو مواجهة الأجندة الإسرائيلية الأمريكية للتوصل إلى حلول حقيقية.. ويرى المحلل السياسي د. جمال رستم أن نجاح مهمة أمبيكي في الوساطة يتوقف على أن يكون الوسيط «أمبيكي» يتمتع بروح الحياد في ظل وقوف العالم مع دولة الجنوب الوليدة، مشيراً إلى أن على أمبيكي أن يضغط على طرف التفاوض الذي يرى أنه غير جاد، وقال رستم إن تصريحات باقان أموم بأن الجنوب يمكن أن يقدم النفط مقابل أبيي يوضح الابتزاز لدى حكومة سلفاكير وأضاف إذا لم يقدم الطرفان تنازلات في القضايا العالقة في أن مهمة أمبيكي تبدو أكثر تعقيداً وتخوف رستم من تمرير أجندة أمريكية إسرائيلية خلال أمبيكي وممارسة ضغوط على حكومة الخرطوم، وأشار د. جمال رستم إلى أن تمسك دولة الجنوب بأجندتها السابقة واستمرار عزفها على أوتار أن الشمال يمارس الاستعمار على الجنوب. وأكد رستم أنه على الخرطوموجوبا أن تقنع بأن القضايا الاقتصادية بين البلدين تتطلب تطبيع العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى أن على الخرطوموجوبا أن تتنازل عن طريقة استخدام كروت ضغط على أساس الأزمة الاقتصادية في الخرطوم بعد فقد عائدات البترول والأزمة الاقتصادية لدى دولة الجنوب الوليدة والتي تفتقد للبنى الأساسية، وقال رستم على الطرفين تقديم التنازلات وعلى أمبيكي أن يعمل على تطبيع العلاقات أقتصادياً.