ما حدث داخل مقر حزب الأمة القومي قبل أيام قليلة للبروفيسور إبراهيم أحمد غندور، القيادي البارز - عفّ اللسان - بالمؤتمر الوطني من محاولات (ازدراء) وتحرّش سياسي، واعتداء لفظي وقذف بالفوارغ، هو أمر مخجل وغير مقبول، مهما كانت المبررات، لأن ما نتج عن مشاركة البروفيسور غندور كان فعلاً غوغائياً، يتحمل وزره حزب الأمة القومي - وحده - حتى وإن كان الفاعل مجهولاً أو من خارج دوائر الحزب، لأن الداعي الذي لا يستطيع صيانة وحماية كرامة ضيفه، لا ينبغي عليه دعوة أحد ليشارك معه في أي منشط سياسي أو اجتماعي أو غير ذلك من مناشط تقتضي الوجود التشريفي، مثل انعقاد المؤتمرات الحزبية العامة أو المتخصصة. اعتذار السيد الإمام الصادق المهدي، أو اعتذار السيدة الفضلى الدكتورة مريم الصادق المهدي، لن يمحى الصورة الشائهة التي ارتسمت لدى العامة للحزب الذي لم يستطع حماية ضيوفه واحترامهم، ومنع آخرين من التعدي عليهم. الجهة الوحيدة التي وجدت أنها في حرج شديد، هي الهيئة الشعبية لنصرة الشعب السوري، فقد أحرجها ذلك التصرف العجيب الغريب الذي لا يشبه سلوك شعبنا، ولا ممارسات أحزابه السياسية. نعم.. لقد أحرجها ذلك التصرف مرتين المرة الأولى، لأنه جاء يحمل في طياته اعتداءً على شخصية لها دورها وبصمتها ووزنها في العمل السياسي العام جاءت للمشاركة في الندوة تلبية لدعوة من الهيئة الشعبية لنصرة الشعب السوري، داخل دار يحسب المدعو إليها أنه آمن، لذلك كان التصرف مشيناً وغير مقبول.. أما الإحراج الثاني فقد جاء لأن الهيئة ترى مثلما رأينا جميعنا التصرف المشين، صرف الناس والرأي العام عن القضية التي اجتهدت من أجل التسويق لها، فنجا النظام السوري الباطش بشعبه من آثار وتداعيات الندوة بسبب حماقة فئة قليلة قدّمت خدمة عظيمة وجليلة للنظام السوري بدلاً من إدانته. أما الأثر المباشر على المعارضة فهو أن ذلك التصرف صرف الكثيرين من التعاطف مع المعارضة التي أظهرت نفسها كمن فقد القدرة على الحوار بالمنطق فلجأ لأساليب (البلطجة) وتصرفات (الشرّامة) و(الشماشة) التي لا يقبلها عقل ولا منطق. أما الذي نخشاه - حقاً - هو أن يرد بعض شباب حزب المؤتمر الوطني التحية بأحسن منها لعدد من قادة الأحزاب السياسية المعارضة، في ظل سياسات الباب المفتوح التي أخذ الوطني ينتهجها هذه الأيام بدعوة خصومه للمشاركة في نشاطاته السياسية والعامة.. ولو حدث هذا الأمر فعلى الدنيا السلام. نتوقع أن يبدأ تحقيق فوري يقوده حزب الأمة ورئيسه وقياداته بدلاً من الاعتذارات التي لن تقدم أو تؤخر، والوصول إلى الفاعل الأصلى والمحرّض الأول الداعي لذلك الفعل المُشين، وكشفه للرأي العام، ومحاسبته واتخاذ موقف ضده إن كان فرداً أو جماعة أو حزباً، وبعد ذلك يتقدّم حزب الأمة القومي بالاعتذار الذي يستوجب القبول.